رئيس التحرير
محمد صلاح

هل تشكل الخدمات المالية وتكنولوجيا الجيل الخامس عصر ما بعد كورونا؟

التحول الرقمي أصبح ضرورة ملحة
التحول الرقمي أصبح ضرورة ملحة
هل الموضوع مفيد؟
شكرا
كتب
الكاتب



تعد استمرارية التطور الرقمي لقطاع الخدمات المالية أمراً ملحاً وضرورياً، خاصة بعد تغير نموذج الأعمال المصرفية "التقليدي" بشكل أساسي، مدفوعًا بالتقنيات الجديدة والمبتكرة، ودخول الشركات المتنوعة التي تقودها رقميًا والأنسب لتلبية توقعات العملاء المتطورة، والارتفاع الأوسع لاقتصاد المشاركة، فهذا هو مشهد الجيل القادم للخدمات المالية، بيئة لم تعد فيها الخدمات المصرفية والتمويل تتعلق بتصنيع المنتجات وتقديمها، بل حول بناء نمط حياة.

وشهدت الخدمات المصرفية، والمالية، تحولا جذرياً على مدى السنوات الماضية حيث تجاوزت بالفعل نموذج القنوات الشاملة التي تجسدها واجهات برمجة التطبيقات المصرفية المفتوحة، وعلاقات المؤسسات المالية المتعددة إلى نموذج مصرفي متعدد المنصات أو في كل مكان، حيث التجارب التي تقودها التكنولوجيا التي يقدمها مزودو المنصات الكبيرة، ومزودي خدمات الدفع والتكنولوجيا المالية.

التكنولوجيا المالية والمصرفية تتغير بشكل كبير على كل المستويات، مما يغذي التحول السريع، حيث أن هناك عديد من الابتكارات الرئيسية التي تقود الجيل التالي من الخدمات المالية، بما في ذلك إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي، بلوكشين، أتمتة العمليات الروبوتية، والتحليلات المتقدمة والعقود الذكية، ومع ذلك، فإن تقارب هذه التكنولوجيات هو الذي سيكون أحد الاختلافات الرئيسية بين نماذج الأعمال المالية الجديدة، حيث تهدف هذه الابتكارات والتقنيات الحديثة إلي مواكبة تقديم نموذج خدمات مالية من الجيل التالي بشكل أسرع وأرخص وأكثر انسجاماً مع توقعات المستهلكين وتجاربهم.

ومؤخراً اتجهت العديد من البنوك للاستثمار فى التحول الرقمي وتحديدا إلى التركيز على الذكاء الاصطناعي الذى يعتمد على تنظيم وتحليل البيانات بهدف وضع تصور قوي وتحليل بيانات العملاء من أجل تحسين الخدمات المقدمة لهم، كما تعتمد الذكاء الاصطناعي الفعالة أيضًا على القياسات الحيوية المتقدمة والأمن السيبراني، وترتبط تقنيات مثل المحافظ الرقمية بأجهزتنا - لذلك تقوم بتخزين الأصول رقميًا وليس في البنك التقليدي.

وتشمل منصات التجارة الرقمية العالمية الرائدة، منصات متطورة مثل أمازون وعلي بابا، بالاضافة إلى شركات التكنولوجيا الاستهلاكية الرائدة، مثل أبل وجوجل، وشركات التكنولوجيا المالية ، مثل باي بال ، Betterment ، SoFi ، Airwallex وغيرها.

أما البنوك الرقمية والافتراضية فتشمل وي بنك، مونزو و ريفولت، إلى جانب أورانج بنك و غازبروم بنك، كما قامت بعض البنوك التقليدية مؤخراً بإطلاق بنوكها الرقمية الخاصة بشكل منفصل على رأسها ستاندرد تشارترد جي بي مورجان تشيس، إتش إس بي سي، بنك التجارة الصيني.

ومؤخراً كشف دويتشة بنك الألماني، عن تخصيص 13 مليار يورو بهدف تطوير الHنظمة الرقمية والاستثمارات التكنولوجية حتي عام 2022، وقال البنك إنه يهدف من ذلك تخفيض التكاليف المعدلة إلى 17 مليار يورو بحلول 2022، وتحقيق معدل تكاليف نسبة إلى الإيرادات عند 70% خلال هذا العام.

وفى الوقت الذى تشهد فيه شركات الاتصالات العالمية تطورا ملحوظاً نحو التوجه لزيادة استخدام شبكات الجيل الخامس فإنه يتوقع زيادة حدة المنافسة بين البنوك وشركات الاتصالات على تطوير الخدمات المالية المقدمة الكترونياً للحفاظ وكسب ولاء العملاء.

ففي الوقت الذى لا يستطيع الناس فيه الوصول إلى فروع البنوك، فإن البنية التحتية الجديدة للاتصالات من الجيل الخامس والشبكات اللاسلكية والهواتف الذكية والإنترنت تتوسع بسرعة في الوصول وتخلق فرصًا للشمول المالي، وبشكل عام حين يكون عدد السكان الذين لا يتعاملون مع البنوك مرتفعاً على نطاق أوسع، فإن تطبيق وتطوير التقنيات الرقمية والمتنقلة مثل الجيل الخامس من شأنها أن تدفع عجلة الاستثمار بما يعمل على تعزيز النمو الاقتصادي.

بطبيعة الحال، يسير الشمول المالي جنباً إلى جنب مع كيفية تمكننا، كمستهلكين، من سرعة وسهولة الوصول إلى الخدمات البنكية والمصرفية، وقد تغير هذا الاحتمال بالنسبة لنا جميعا نتيجة لوباء الفيروس التاجي العالمي.

أما على المستوي المحلي، فقد قام البنك المركزى المصرى بجهود حثيثة ومستمرة لدعم التحول الرقمي وزيادة معدلات الشمول المالى والتوجه العام نحو تقليل الكاش، حيث وضع المركزي آلية صندوق دعم الابتكار بمشاركة المؤسسات الكبرى التي تركز على الاستثمار في مجال التكنولوجيا المالية، وذلك بهدف إطلاق آليه استثمار مستقلة تشجع على الاستثمار في صناديق التمويل التي تركز على الاستثمار في مجال التكنولوجيا والتكنولوجيا المالية بوجه خاص، برأس مال مليار جنيه للمساهمة في رؤوس أموال المشروعات الابتكارية، مع تأسيس نظام مالي قوي في مصر، كما يعمل المركزي على التوسع في التقنيات المالية والرقمية، واتجاه الدولة عبر تأسيس المجلس القومي للمدفوعات.

ونجح البنك المركزى فى الاستفادة من خبرة وقوة المؤسسات التمويلية المشاركة مع البنك المركزي في خلق منصة تمويل قوية ومستقلة، قادرة على توجيه خبراتها واستثماراتها لتعزيز نمو منظومة التكنولوجيا المالية.

وقام البنك المركزى مؤخراً بإطلاق مركز التكنولوجيا المالية  "فينتك مصر" بالمبنى التاريخى للبنك المركزى بوسط البلد، وهو مركز التكنولوجيا المالية القائم على تشجيع التكنولوجيا والإبتكار، حيث يعمل المركز كمنصة موحدة تجمع كافة أطراف منظومة التكنولوجيا المالية في مكان واحد، بما فيهم رواد أعمال التكنولوجيا المالية، والمؤسسات المالية، والجهات الرقابية، ومقدمي الخدمات، وأصحاب الخبرات، والمستثمرين.

كما يستهدف البنك المركزى أن يصبح "فينتك مصر" مركزا عالمياً لصناعة التكنولوجيا المالية عربيا وأفريقيا، وموطنا للجيل القادم من الخدمات المالية والمواهب والتطوير والإبتكار.

وخصص المركزي باباً كاملاً فى قانون البنوك الجديد (الباب الرابع: نظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية) مكون من فصلين ويتضمن 23 مادة، بهدف مواكبة التطورات التكنولوجية المستحدثة ودعم توجه الدولة نحو رقمنة الخدمات في ظل الاعتماد على نظم المعلومات والتكنولوجيا الحديثة في كافة القطاعات الاقتصادية في العالم وعلى رأسها التكنولوجيا المالية والاعتماد على نظم الدفع الالكترونية لتلبية احتياجات الأفراد والمؤسسات وذلك بهدف تيسير الحصول على الخدمات والمنتجات بشكل سريع وتوفير المجهود والتكاليف والتي بدورها تساهم في تقليل الأعباء المالية على ميزانية الدول.

كما أكد القانون على أهمية الترخيص لتشغيل نظم الدفع وتقديم خدمات الدفع نظم الدفع وكذا عند إنشاء أو تشغيل منصات لإصدار وتداول العملات المشفرة أو النقود الرقمية لتحقيق الرقابة على تطبيقات التكنولوجيا المالية والحفاظ على مصالح المتعاملين من السرقة وزيادة قاعدة المتعاملين لوسائل الدفع غير النقدي، والتي تساهم في التحول إلى مجتمع أقل إعتماداً على النقود الورقية والتي لها العديد من الفوائد أهمها زيادة كفاءة النظام المالي وفعالية السياسة النقدية وتقليل تكلفة طباعة وتداول أوراق النقد، بالإضافة إلى تعزيز تطوير البنية التحتية المعلوماتية للجهاز المصرفي المصري والتي سيكون لها العديد من المنافع والفوائد على الإقتصاد القومي المصري من خلال تطوير منظومة الدفع الوطنية، ووسائل المدفوعات اللحظية وماكينات الصراف الألية المشتركة بين البنوك، ونظام التعرف الالكتروني المشترك على هوية العملاء.

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب