محمد جمال: إجراءات "المركزي" ساهمت فى حماية الشركات الصغيرة من تداعيات "كورونا"
الكاتب
قال محمد جمال، محلل مخاطر الائتمان بأحد البنوك، إن أزمة
فيروس كورونا المستجد أثرت على معظم دول العالم بصدمات اقتصادية واجتماعية كبيرة مما
أدى إلى انخفاض الإنتاج العالمي والاستهلاك بالاضافة الى تسريح الكثير من العمالة ولعل
أكثر القطاعات تأثرا قطاع الطيران وصناعة السيارات وقطاع السياحة، مما جعل صانعوا السياسات
المالية والنقدية بالعالم يفكرون فى حلول غير تقليدية وعمليات إنقاذ غير مسبقة والتي
تتجاوز مجتمعة 10 تريليون دولار وفقا لتصريح منظمة "CFR"وأصبحت الحكومات فى موقف لا تحسد عليه للمفاضلة بين حياة
الأفراد أم عجلة الإنتاج.
وأضاف جمال أن العديد من الحكومات قامت بتجميد النشاط الاجتماعي
والاقتصادي في كل أو أجزاء من بلدانها، مع السماح لبعض الشركات بالعمل بشكل جزئي، كما
أمروا السكان بالبقاء في المنزل لمدة أسابيع أو شهور وخاصة بعد اعتراف منظمة الصحة
العالمية بكورونا كوباء عالمي فى مارس 2020 مما ادى الى انخفاض كبير فى الطلب على العديد
من منتجات الشركات وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة التى أصبحت أكثر عرضة لمخاطر السيولة.
كما صرحت وزارة التجارة الأمريكية فى مارس الماضى بانخفاض
انفاق المستهلكين الأمريكيين بنسبة 7.5% وهو أكبر انخفاض فى تاريخ أمريكا، وقالت كريستالينا
جورجيفا، المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، أن الصندوق يتوقع أسوأ تداعيات اقتصادية
منذ الكساد الكبير، كما أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن مؤشراتها أظهرت
أقوى تحذير على الإطلاق بأن معظم الاقتصادات الكبرى دخلت في " تباطؤ حاد".
وأشار إلى اتجاه دول العالم المختلفة لدعم الصناعات الصغيرة
والمتوسطة باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد
الحقيقى لأى دولة وخط الدفاع الاول فى مواجهة الأزمات الشرسة.
حيث صرحت المفوضية الاوروبية بضخ مليار يورو من الصندوق الأوروبي
للاستثمارات الاستراتيجية لدعم ما لا يقل عن 100 ألف شركة صغيرة، كما وافق مجلس الشيوخ
الامريكى على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 60 مليار دولار، وفى استراليا وجهت
الحكومة ما يقرب من 40 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأيضا خفض البنك
المركزي الصيني متطلبات الاحتياطي للبنوك، مما يسمح لها بإقراض 80 مليار دولار إضافية
للشركات المتعثرة.
وفى سياق متصل، سارعت الحكومة المصرية بتوجيهات من الرئيس
عبدالفتاح السيسي بتخصيص 100 مليار جنيه لمكافحة الآثار الاقتصادية للوباء وكذا تخفيض
سعر الغاز الطبيعي بنسبة 25% لصناعة الأسمنت و18.2% لبقية الصناعات التحويلية الثقيلة
وكذا خفض أسعار الكهرباء للصناعات التحويلية الثقيلة بنسبة 9.1% وهذا من شأنه أن يقلل
بشكل كبير من تكلفة الطاقة والنقل للشركات والمواطنين.
كما قام البنك المركزى المصري برئاسة طارق عامر، باتخاذ حزمة
من القرارات العاجلة مع بدء انتشار فيروس كورونا للحفاظ على المكاسب التي حققها الاقتصاد
المصرى منذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى منها عقد اجتماع طارئ للجنة السياسات
النقدية وتقرير خفض تاريخي في أسعار العائد بمقدار 300 نقطة أساس لأول مرة بهذا القدر،
وإتاحة التمويل اللازم لاستيراد السلع الاستراتيجية ودعم القطاعات الأكثر تأثرا بالوباء،
بالإضافة إلى مد فترة السماح للبنوك حتى 15 مارس 2021 لاستثناء بعض السلع الغذائية
من الغطاء النقدى بواقع 100% على العمليات الاستيرادية لأغراض التجارة.
كما قرر المركزي أيضاً تأجيل كافة الاستحقاقات الائتمانية
للمؤسسات والأفراد لمدة 6 أشهر مع عدم تطبيق عوائد وغرامات إضافية على التأخير فى السداد،
وتم السماح للبنوك بعمل قوائم مالية ربع سنوية مختصرة واستبعاد تأثير مبادرة تاجيل
القروض من ميزانيتها، إلى جانب تخفيض عائد مبادرات دعم الاقتصاد في قطاعات الصناعة
والقطاع الخاص والقطاع العقاري وتوسيع نطاقها لتضم القطاع الزراعي أيضا وذلك من
10% إلى 8% متناقصة، وزيادة المبلغ المخصص لمبادرة احلال وتجديد فندق الإقامة والفنادق
العائمة وأساطيل النقل السياحى ليصبح 50 مليار جنيه بسعر عائد 8% متناقص ولمدة حدها
الاقصي 15 عام.
بالإضافة إلى إسقاط مديونيات المتعثرين وإلغاء القوائم السوداء
والسلبية للشركات والأفراد وإتاحة التعامل مع البنوك، وإعفاء البنوك لمدة عام من احتساب
متطلب زيادة رأس المال الرقابي لمقابلة مخاطر التركز الائتماني لأكثر 50 عميل.
كما قام البنك المركزي بتغطية احتياجات السوق المصرى من الاحتياطى
النقدى الأجنبى لضمان استيراد السلع الاستراتيجية مما نتج عنه انخفاض احتياطى النقد
الاجنبي في نهاية شهر ابريل 2020 ليصبح حوالى 37 مليار دولار إلا أنه لازال يستوعب
صدمة الأسواق الدولية والتى تمكن الدولة من تغطية الواردات لمدة 8 اشهر فى حين أن المعدلات
الدولية لا تزيد فى بعض الدول عن 3 أشهر فقط .
وأكدت جمعية رجال الأعمال المصريين أن المبادرات التي اتخذها
البنك المركزي ستسهم بشكل كبير في التخفيف من حدة تداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا على
القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ولفت جمال إلى أن الحصة الأكبر من سوق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
بنهاية أبريل الماضى لصالح البنك الأهلى المصرى وبنك مصر حيث يستحوذان على التوالى
72.5 مليار جنيه و31 مليار جنيه.
وأكد أن برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى وكذا إجراءات البنك
المركزى المصرى حافظت على زيادة معدل السيولة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة مما يسهل
عليها مواجهة الأزمة والصمود فى وجه هذه الجائحة العالمية التى هددت الاقتصاد العالمى
وكشفت هشاشة اقتصاديات بعض الدول.
ومن المتوقع معدلات النمو الاقتصادى المصرى نتيجة الاستخدام
الأمثل والشامل للموارد الاقتصادية و التعديل الفورى للسياسات الاقتصادية المتبعة وكذا
توافر الاستقرار السياسى، ان تتراوح بنهاية العام المالى الحالى بين 3.5% و 4.5% وهى
مستويات جيدة جدا مقارنة بدول العالم المحيطة.
كما نجد أن التوقعات العالمية تشير إلى أن الحياة لن ترجع إلى طبيعتها قبل حلول عام 2021 إلا أن ما حدث بالصين يعطى أمل كبير فى أن الاقتصاد سينتعش بشكل قوي ما بعد كورونا شريطة الالتزام بالإجراءات والتدابير الاحترازية وبتوجيهات الدولة لتجنب تفشي ذلك الوباء.