رئيس التحرير
محمد صلاح

أبو ظبى الإسلامى: التكنولوجيا المالية ستلعب دورا هاما فى مواجهة تحديات كورونا

 التكنولوجيا المالية ستلعب دورا هاما فى مواجهة تحديات كورونا
التكنولوجيا المالية ستلعب دورا هاما فى مواجهة تحديات كورونا
هل الموضوع مفيد؟
شكرا
كتب
الكاتب

قال تقرير حديث أصدره مصرف أبوظبي الإسلامي، إن تباطؤ نمو الأسواق المالية والتضيّق المستمر للتمويل لعب دوراً لافتاً في تزايد أهمية حلول تمويل سلسلة التوريد حتى قبل تفشي جائحة كوفيد-19، وخاصة فيما يتعلق بتحسين إدارة السيولة وتوسيع خيارات التمويل المُتاحة للشركات والأعمال. وينطبق ذلك بالتحديد على منطقة الشرق الأوسط، التي تتغيّر ديناميكيات السوق فيها بوتيرة سريعة منذ أزمة النفط عام 2014، والتي دفعت حكومات المنطقة إلى تكثيف الجهود لتنويع مقوّمات اقتصاداتها.


وأوضح التقرير أن الحلول الجديدة لتمويل سلسلة التوريد اكتسبت أهميةً أكبر من أي وقت مضى بعد تفشي جائحة كوفيد-19 وما حملته من تداعيات على اقتصادات العالم وروابط التجارة الدولية، كما   فقد أفادت منظمة التجارة العالمية في يونيو بأن وقع الجائحة على التجارة العالمية كان شديداً في الربع الثاني، وإن لم يكن بالحدة التي كان يخشاها العديد من المحللين. وقدرت المنظمة انكماشًا في حجم التجارة العالمية بنسبة 18.5٪ من مستواه بالربع نفسه من العام الماضي، ومع ذلك يستمر ضغط الجائجة على التجارة العالمية، وقد حذرت منظمة التجارة العالمية من أي تطورات معاكسة قد تؤدي لنمو أقل من المتوقع حالياً في التجارة العالمية، مثل موجة ثانية من تفشي جائحة كوفيد-19 أو نمو اقتصادي أضعف أو اللجوء لفرض قيودٍ تجارية على نطاق واسع.

ويتبيّن اليوم أن حوالي 80% من أنشطة التجارة الدولية تحصل عن طريق حلول التمويل التجاري، غير أن مُعظم هذه الأنشطة مُعرضة للتأثر بالصدمات الاقتصادية، حيث اتسعت فجوة التمويل التجاري بعد الأزمة المالية عام 2008، ليصل أثرها بحسب التقديرات إلى نحو 1.5 تريليون دولار أمريكي حتى قبل تفشّي جائحة كوفيد-19، مع العلم أن الشركات التجارية الصغيرة كانت الأكثر تضرراً، ومن جهة ثانية، رفضت المصارف في الأسواق الناشئة أكثر من نصف طلبات التمويل التجاري المُقدمة من الشركات الصغيرة، والتي واجه ما يزيد عن 70% منها خطر تباطؤ النمو لعدم قدرتها على الاستفادة من حلول ومصادر التمويل البديلة.

 أما بالنسبة للمؤسسات المالية، فقد أتاحت هذه المُعطيات الجديدة فرصاً أكبر لدخول سوقٍ عالمية سريعة النمو، من خلال تطوير خبرات تسهم في توطيد العلاقات بين الموردين والعملاء، ورسم ملامح المشهد المالي المستقبلي. ومع تزايد تكلفة التمويل التقليدي الذي أصبح نادراً أكثر بعد تفشي جائحة كوفيد-19، تُظهر المُعطيات أن ارتفاع الطلب على التمويل سيتيح لمؤسسات التمويل البديل المساهمة في تغطية النقص الذي يعاني منه قطاع التمويل التجاري

 وتتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بموقعٍ استراتيجي يربط بين آسيا وأوروبا، إلى جانب استقرارها الاقتصادي وما تمتلكه من خبرات مالية متميزة، مما قد يؤهلها لتغدو سوقاً مثالية متخصصة بتمويل سلاسل التوريد. 

دور قطاع التكنولوجيا المالية في مواجهة التحديات المُرتبطة بفيروس كورونا

وقال التقرير إن جائحة كوفيد-19 تسببت باضطرابات شديدة كشفت لكثيرٍ من الشركات مدى هشاشة سلاسل التوريد العالمية، وضرورة التفكير ملياً في استكشاف طُرق جديدة لتنويع وتوسيع سلاسل التوريد الخاصة بها.

وتُظهر التوقعات أن التكنولوجيا المالية ستلعب دوراً مهماً في تحقيق ذلك؛ إذ يمكن لهذا القطاع تسريع وتيرة إنجاز الصفقات الدولية، واختصار المدة الزمنية لهيكلة البرامج، بالإضافة إلى زيادة مستويات الشفافية والسماح بتتبع سير الصفقات في الوقت الحقيقي.

وفي ضوء هذه المعطيات، على سلاسل التوريد التحلي بالمزيد من الوضوح من أجل تحسين مستويات الكفاءة والمرونة، وخاصة بعد الاضطرابات المتلاحقة التي عصفت بسلاسل التوريد نتيجة تفشّي جائحة كوفيد-19.

ولا شك أن هذه المستويات العالية من الوضوح ستضمن استكشاف أثر تلك الاضطرابات، مما سيتيح لبقية الأطراف الفاعلة ضمن منظومة سلاسل التوريد التكيف بسرعة وسهولة مع أي مُستجدات من خلال البحث عن طُرق ومسارات جديدة والاستعانة بجهات توريدٍ بديلة.

 ويمكن للتكنولوجيا المالية القيام بدورٍ إيجابي أيضاً عبر تقديم حزم تمويل مُخصصة وتناسب احتياجات المشترين والمورّدين في وقت واحد، بالإضافة إلى تلبية المتطلبات الرئيسية لأنشطة التجارة والقطاعات كافة.

وعلى مدى سنوات طويلة، شكّلت خطابات التمويل النقدي حجر الأساس للغالبية العظمى من أنشطة التمويل التجاري، والطريقة الأكثر شيوعاً لإتمام المعاملات والصفقات التجارية، ولكن إقرار مُتطلبات أكثر صرامة فيما يخص اللوائح المصرفية منذ تطبيق اتفاقية "بازل 3" تسبب بشُح السيولة المُتاحة لجهات التوريد الصغيرة ذات التصنيف المُنخفض، مما أدى إلى زيادة المخاطر المُحدقة بسلسلة التوريد، وقد تفرّدت حلول تمويل سلسلة التوريد كخيارٍ شائعٍ عالمياً لمعالجة هذه المشكلة، وسط توقعات بأن تكتسب هذه الحلول أهمية أكبر بعد انحسار جائحة كوفيد-19.

ويمكن للشركات الصغيرة، التي غالباً ما تكون ميزانياتها ضعيفة، الاستفادة من حلول التمويل التي تعتمد على قيمة الأصول، بدلاً من اعتمادها على الميزانية العمومية للمدين، خاصة إذا كانت تُقدم مُنتجات جيدة وتتمتع بإمكانات نمو عالية. كما سيُتاح لهذه الشركات الحصول على التمويل بسهولة إذا استفادت من القيمة العالية للمشترين ذوي التصنيف الائتماني القوي.

ومن الواضح في ضوء ذلك أن التقنيات المالية بمساعدة الدعم الحكومي ستسهم في إعادة بناء سلاسل التوريد والاقتصادات بمجرد انحسار جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى تعزيز مرونة المنظومات الاقتصادية لمواجهة أي أزمات مًحتملة في المستقبل.

وصحيح أن حلول تمويل سلسلة التوريد قد تحمل بعض التحديات، ولكنها تُسهم بالمقابل في منح الشركات الصغيرة التمويل الذي قد لا يتسنّى لها الحصول عليه بطبيعة الحال؛ ولا يجب أيضاً إغفال أهمية التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا المالية، والتي تجعل مزايا تلك الحلول متاحة بسهولة أكبر وعلى نطاقٍ أوسع.

فقد ساهم توافر المعلومات بطريقة رقمية اليوم في تشجيع المصارف على تقديم التمويل خلال مرحلة مبكرة إلى المورّدين أو أي وسطاء آخرين ضمن سلسلة التوريد، بعد أن كان ينبغي على المورد تلقي التمويل من المصارف عند استلام أوامر الشراء أو بعد شحن البضائع. ومن شأن ذلك أن يُقلل من الدورات الزمنية لتمويل سلسلة التوريد إلى حوالي 24 ساعة بدلاً من نحو 60 أو 90 يوماً، مما سيعود بالنفع الكبير على الموردين، بالإضافة إلى العملاء الراغبين بتوطيد علاقتهم مع الموردين، وكذلك المصارف التي ستجني أموالاً إضافية عن طريق ترتيب عمليات التمويل.

من جهة ثانية، يشهد تمويل سلاسل التوريد تطوراً ونمواً لافتين في الاقتصادات الغربية؛ وقد أصبح المشترون من الشركات يتمتعون بمعرفة واسعة حول الصفقات. بالمقابل، هناك عدد قليل نسبياً من المصارف وشركات التكنولوجيا المالية التي تُقدم هذه الخدمات في الشرق الأوسط، ولكن الشركات غالباً ما تكون متخوفة أو حذرة إزاء استخدامها.

وتتمتع شركات التكنولوجيا المالية الجديدة بقدرات رقمية تجعلها الجهة المثالية لتقديم هذه الحلول والخدمات، ولكن افتقارها للمكانة القوية وسجل النجاح المطلوب يؤدي إلى امتناع الشركات الأخرى عن تجربة تلك الحلول، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى هيمنة المصارف كقوة وحيدة ومؤثرة في هذا القطاع الناشئ.

ويمكن مُعالجة هذه المشكلة على مستوى قطاع التكنولوجيا المالية عبر إقامة شراكات مع المؤسسات المالية الكبرى، إذ يعتمد نصف المصارف  تقريباً اليوم على منصات خارجية مستقلة مُخصصة لتمويل سلسلة التوريد، كما أن التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية يمثل نقطة تركيز رئيسية لدى المصارف التي تقدم هذه الخدمات. وخلال دراسة استقصائية نُشرت مؤخراً، أشار حوالي 50% من المصارف  أنهم يواجهون تحدياً صعباً يتمثل في الحفاظ على ميزة تنافسية أمام شركات التكنولوجيا المالية، التي تحل بعد المصارف تقريباً من حيث حجم الحصة السوقية.

وتتزايد حماسة المصارف في الشرق الأوسط حيال الفرص الرقمية؛ حيث أشار نحو 44% من المُشاركين في الاستبيان العالمي العاشر حول تمويل التجارة والصادر عن غرفة التجارة الدولية، إلى أن تطوير منصات التجارة الرقمية والإلكترونية سيمثل أولوية استراتيجية لدى المصارف على مدار السنوات الثلاث المقبلة.

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب