التحويلات البنكية الرقمية الأكثر رشاقة!
نعم، هي الأكثر رشاقة مُقارنة بالتحويلات النقدية التقليدية، لأنها الأسهل والأسرع والأدق والأقل كلفة، وهذا مضمون وملخص ما استهدفه البنك المركزي المصري من توجيهاته هذا الأسبوع، بشأن التحويلات المصرفية، أحد أهم المعاملات التي تتم يوميًا عبر شرايين ووحدات الجهاز المصرفي.
حقيقة الأمر أن ما استهدفه البنك المركزي لم يكن جديدًا بل كان صفحة جديدة في إستراتيجية مسايرته للتطور العالمي على مستوى المبادلات المالية والاقتصادية، واستخدام التطبيقات الإلكترونية التي من شأنها أن تحقق الأهداف القومية للشمول المالي، وتُعبر عن أهداف المجلس القومي للمدفوعات وأيضًا تطبيقًا بما ورد في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الجديد من أهمية التوجه باقتصاد الدولة نحو الاقتصاد الرقمي.
وليحفز البنك المركزي والعملاء على استخدام التحولات النقدية التقليدية منها أو الرقمية مع جعل الأخيرة أكثر جاذبية، وضع في توجيهاته للبنوك، حزمة منوعة من الضوابط والمُحفزات تحقق السرعة في إنهاء وتنفيذ تلك الحوالات، حيث وضع حدود زمنية قصوى مفصلة لكل أنواع الحوالات، كما سمح بإمكانية تقدم العملاء طلبات الحوالات الإلكترونية على مدى الأربع والعشرين ساعة. كما تضمن أن تكون التحويلات الإلكترونية أرخص من مثيلاتها التقليدية، وذلك عن طريق منح مميزات تفضيلية للتحويلات الرقمية كإلغاء العمولات على الحوالات الواردة لطرف ثالث، وتحقق التوجيهات الجديدة رفع درجة رضا العملاء، والدقة، إذ طلب من البنوك إرسال تأكيدات لأطراف الحوالة تؤكد تمام التنفيذ مع تطبيق القواعد المعتادة لمتطلبات اعرف عميلك والحدود الائتمانية.
وحقيقة الأمر أن هناك فرص متعددة أمام الجهاز المصرفي لتحقيق الأهداف المرجوة من رقمية أنشطة الحوالات، فالجهاز المصرفي يملك كل المقومات اللازمة لتحقيق خطوة كبيرة نحو المستقبل الرقمي في كل المنتجات المصرفية بما فيها الحوالات المصرفية، سواء من حيث اتساع سوقها أو قيمتها، فنحن لدينا ما يقرب من 95 مليون مشترك في الهواتف المحمولة، أكثر من 40% منهم يستخدمون تطبيقات الإنترنت، ولدينا قاعدة عملاء كبيرة محتملة، فهناك نحو 33% فقط من المصريين يتعاملون حاليًا مع الجهاز المصرفي، بينما 67% من المصريين هم خارج المنظومة المالية، ويلاحظ بشدة مدى تجاوب البنوك في الاستثمار بالتوسع السريع في توفير النظم والتطبيقات اللازمة لتوفير الخدمات والمنتجات الرقمية للعملاء.
على الجانب الآخر، نجد أن تلك التوجيهات -ومع توجه العملاء تدريجيًا إلى استخدام التحويلات الرقمية بدلًا من التحويلات التقليدية- ستتحقق جوانب إيجابية في إطار السياسة النقدية، منها المساعدة في تركز السيولة النقدية المتاحة في أيدي الناس، والتي تخرج عن احتياجات سيولتهم المستثمرة، لتنتقل إلى حسابات العملاء داخل البنوك، لتكون في إطار كمية وسائل الدفع الرسمية، وفي الحدود المخططة لتحقيق التوازن بين معدل نمو عرض النقود، ومعدل النمو الاقتصادي.
ولا ننسى أيضًا أن استخدام الحوالات الرقمية في ظل تزايد استخدام التطبيقات المصرفية الرقمية المتوقع، من الممكن أن يؤدي نظريًا إلى تقليص معدل إصدارات البنكنوت من حيث العدد والقيمة والتكلفة، بالطبع وفقًا لرؤية وقرار البنك المركزي في إطار مهامه المعروفة.
بقى أن نشير إلى أمر في غاية من الأهمية من حيث أن التوسع في التحويلات الرقمية سيُحسن من خبرة عملاء المصارف أنفسهم في مجالات التعامل الإلكتروني، ويقلل من اصطفاف وتردد أعداد كبيرة من العملاء على فروع البنوك، وهو الأمر الذي يتمشى مع الإجراءات الاحترازية الاستباقية المطلوبة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.
ويتفق الخبراء مع توجيهات البنك المركزي في أنها ستؤدي إلى زيادة درجة المنافسة الإيجابية مع البنوك لصالح العملاء من حيث جودة وسرعة الخدمة وتكلفتها، إضافة إلى تمتع العملاء بالمميزات والمحفزات التي صاحبت تلك التوجيهات.