خفض أسعار الفائدة ما بين طموحات مجتمع الأعمال والسياسة النقدية للبنك المركزي
الكاتب
تتجه أنظار مجتمع الأعمال نحو قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك
المركزي في اجتماع الخميس المقبل للنظر في أسعار الفائدة، وسط آمال تتعلق بمواصلة
البنك لسياسته التيسيرية والتي يراها مجتمع الأعمال السبيل الوحيد نحو دعم الإنفاق
الرأسمالي للشركات العاملة بالسوق.
ولقى قرار المركزي بخفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس في فبراير
الماضي ترحيبا واسعا من السوق الذي يعول على تراجع أسعار الفائدة للعودة إلى الاقتراض
المصرفي لدعم التوسعات المستقبلية. ومنذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، لجأ المركزي
إلى تشديد السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة بواقع 700 نقطة أساس للسيطرة على
معدلات التضخم، ولكنه بدأ دورة التيسير في مطلع 2018 مع خفضين متتاليين لأسعار
الفائدة بواقع 100 نقطة أساس في فبراير ومارس من العام الماضي.
واضطر المركزي لوقف السياسة التيسيرية في خضم الأزمة التي ضربت
الأسواق الناشئة من مايو الماضي وحتى نهاية 2018، ثم استأنفها مرة أخرى في مطلع
العام الجاري في مفاجأة للأسواق إذ كانت التوقعات تتجه حينها إلى الإبقاء على
أسعار الفائدة دون تغيير.
وعلى الرغم من أن التوقعات تشير إلى توجه البنك نحو تثبيت الفائدة في
اجتماع الأسبوع الجاري، إذ رجح كافة المحللين البالغ عددهم 12 محللا في استطلاع
أجرته إنتربرايز اتجاه البنك نحو التثبيت، إلا أن البعض يتوقع المزيد من التخفيضات
خلال العام الجاري بمجرد انحسار الموجة التضخمية المرتقبة والمصاحبة لرفع دعم
الطاقة في يوليو المقبل. ولكن تبقى مجموعة من التساؤلات تتعلق باستجابة مجتمع
الأعمال لخفض أسعار الفائدة ومتى يمكن أن يبدأ إقراض الأعمال في اتخاذ وتيرة
صعودية؟
الوقت لا زال مبكرا لزيادة الإنفاق الرأسمالي من خلال الإقراض
المصرفي، حسبما يرى ألان سانديب رئيس قسم البحوث في شركة النعيم للوساطة في
تصريحاته لإنتربرايز، مؤكدا أنه “لا بد من خفض أسعار الفائدة بنسب تتراوح ما بين
1-2% على الأقل حتى نرى ذلك يتحقق”. وتابع: “عندما يحدث ذلك الأمر، سيكون نمو
الإقراض تدريجيا لأن هناك عوامل أخرى يجب على الشركات أن تفكر فيها مثل الارتفاع
المقبل في أسعار الوقود وهو الأمر الذي سيؤثر بالتبعية على الطلب البطيء بالفعل.
أتوقع أن يكون النشاط التجاري بطيئا حتى نهاية 2019”.
تشجيع الإنفاق الرأسمالي يتطلب تخفيضات كبيرة للفائدة: ويرى منصف مرسي
الرئيس المشارك لقسم البحوث لدى سي آي كابيتال أن نمو الإنفاق الرأسمالي بسبب
الاقتراض لن يحدث قبل إجراء تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة.
ويقول “سيعطي هذا الأمر السوق مؤشرا على تجاوز مرحلة عنق الزجاجة وأن
هذا الاتجاه سيتسم بالاستمرارية وبالتالي القضاء على أي مخاوف تتعلق بحدوث تقلبات
مستقبلية”.
دعم مستويات استخدام رأس المال العامل: يقول مرسي “لا نتوقع أن
الإنفاق الرأسمالي سيرتفع بشكل كبير هذا العام ولكن من الممكن أن نرى زيادة في
الإنفاق على رأس المال التشغيلي”، مضيفا أن الكثير من المصانع لا تعمل بكامل
طاقتها الإنتاجية بعد، وهو ما يجعل الأولوية لزيادة الإنفاق على العمليات القائمة
قبل الإنفاق مجددا على التوسعات المستقبلية”.
ويتابع “على الرغم من ذلك، من الممكن أن نرى الشركات تحافظ على
مستويات الإنفاق الرأسمالي القائمة في ظل حقيقة أن كثير من تلك الشركات خفضت
الإنفاق التوسعي بالفعل منذ 2011”.
هل من الحكمة تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة تحسبا
لارتفاع التضخم هذا العام؟ الإجابة لا من وجهة نظر سانديب، مؤكدا أن “مصر لا تزال
تعاني من عجز تجاري كبير لأن الواردات مرتفعة ولا يوجد بديل للواردات. يحتاج قطاع
الأعمال إلى ملء هذه الفجوة، لكن ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة الفرصة البديلة
للمستثمرين الأجانب والمحليين لا تزال تمثل عائقا، ولهذا السبب لا يزال الاستثمار
الأجنبي المباشر بعيدا عن قطاع النفط منخفضا”.
وأضاف سانديب أن خفض أسعار الفائدة سيشجع على مزيد من الاستثمارات مما
يساعد على سد هذه الفجوة. ويتابع: “لقد بنت إصلاحات الحكومة قاعدة جيدة للشركات
يمكن البناء عليها، والآن أصبح تيسير السياسة النقدية هي الخطوة المنتظرة لإتمام
برنامج الإصلاح. إنها عملية تدريجية تستغرق وقتا”.