رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

اتجاه لتشديد السياسة النقدية بشكل أكثر من المتوقع عقب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة

التقرير الشهري للأسواق العالمية من المركزي المصري
التقرير الشهري للأسواق العالمية من المركزي المصري
هل الموضوع مفيد؟
شكرا



أصدر البنك المركزي المصري، اليوم الثلاثاء، التقرير الشهري للأسواق العالمية. وأوضح المركزي أن الحدث الرئيسي لهذا الشهر كان اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة وما نتج عنه من تصريحات تتجه نحو تشديد السياسة النقدية بشكل أكثر مما كان متوقعًا.

كما أظهر متوسط المخطط النقطي احتمالات رفع لأسعار الفائدة مرتين على الأقل بحلول نهاية عام 2023، كما توقع بعض المشاركين حدوث رفع في أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2022، ورفع الاحتياطي الفيدرالي توقعاته للتضخم لعام 2021، مؤكدًا على أن هذا الارتفاع هو أمر مؤقت، مع الإقرار بأن معدل التضخم قد يرتفع أعلى مما كان متوقعًا، مما ساعد على تهدئة مخاوف الأسواق بخصوص هذا الشأن.

واضطربت الأسواق مباشرة بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. واستمر الاحتياطي الفيدرالي في أن يحظى باهتمام السوق خلال هذا الشهر، إذ تفاعل المستثمرون مع نتائج اجتماع اللجنة ومع تصريحات عدد من مسؤولي البنك.

وأضاف المركزي أنه خلال هذا الشهر، انخفضت توقعات التضخم مع ارتفاع العوائد الحقيقية لسندات الخزانة الحقيقية، كما حقق الدولار ارتفاعًا أكثر من العملات  الأخرى على أساس شهري منذ نوفمبر 2016، على خلفية التلميحات بتشديد السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، متفوقًا بذلك على أداء نظرائه في مجموعة العشرة الكبار، بينما ارتفع سوق الأسهم الأمريكية مع مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 الذي أنهى الشهر عند أعلى مستوياته على الإطلاق.

وعلى الصعيد الاقتصادي، استمرت حالة التفاؤل حيال التعافي الاقتصادي الأمريكي أيضًا مع استمرار البيانات في إظهار زخم النمو. زادت معدلات التضخم، إلا أن البيانات أظهرت أن هذه القفزة كانت مدفوعة بعوامل مؤقتة.

وفي هذه الأثناء، ظلت بيانات الوظائف الأمريكية متباينة، وفيما يتعلق بالأسواق الناشئة، عانت أصول الأسواق الناشئة من ارتفاع الدولار، ومن اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة والذي ألمح إلى تشديد السياسة النقدية، حيث انخفضت معظم عملات وأسهم الأسواق الناشئة.

وتعاني دول الأسواق الناشئة من ضغوط تضخمية كبيرة على خلفية ارتفاع أسعار النفط، إضافة إلى الاضطرابات  في الإنتاج، الأمر الذي دفع العديد من البنوك المركزية بالأسواق الناشئة إلى رفع معدلات الفائدة هذا الشهر، والاتجاه أيضًا نحو تشديد سياستهم النقدية.

واستمرت أسعار النفط في الارتفاع، إذ تجاوزت 75 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ أكثر من عامين وسط حالة التفاؤل الناجمة عن إعادة فتح الاقتصاد، وزيادة الطلب على النفط في الصيف.

وعلى الصعيد الإقليمي، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر تحسن في توقعات نموها الاقتصادي لعام 2021 مقارنة بالدول الأخرى، إذ من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الفترة الحالية 6.8% مقارنة بالفترة السابقة والتي بلغت 3.5%. في غضون ذلك، بلغت توقعات منطقة اليورو 4.2% مقارنة بالتوقعات السابقة التي بلغت 3.6%.

في بداية هذا الشهر، رفع البنك الدولي في 8 يونيو توقعاته للنمو العالمي لعام 2021 إلى 5.6% بعد أن كانت 4.0% في يناير، إذ يمثل هذا المعدل أقوى تعافي من ركود في 80 عامًا، كما أنه يعتمد بشكل كبير على الانتعاش القوي لعدد قليل من الاقتصادات الكبرى.

كما أظهر التقرير مراجعات تصاعدية لمصدري ومستوردي السلع الأساسية في الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة. وجاءت هذه التوقعات المتفائلة مع بدء تلك الاقتصادات في الانتعاش من الانكماشات الاقتصادية العميقة التي حدثت العام الماضي.

ومن المثير للاهتمام أن التوقعات أشارت أيضًا إلى توقع البنك الدولي بأن تشهد الصين والهند أسرع وتيرة نمو خلال عام 2021 تبلغ نسبته 8.5% و8.3% على التوالي.

ونشر الاحتياطي الفيدرالي أيضًا التوقعات الاقتصادية المحدثة والتي أظهرت مراجعة تصاعدية ملحوظة في العام الحالي لنمو الناتج المحلي الإجمالي (0.5%+)، وتضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية  (0.8%+).

وكان الحدث الأهم هذا الشهر هو اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، إذ ألمح الاجتماع إلى الاتجاه نحو تشديد السياسة النقدية بشكل أكثر مما كان متوقعًا بعدما أظهر متوسط المخطط النقطي المحدث في يونيو احتمالات رفع لأسعار الفائدة مرتين في عام 2023 مقارنة بعدم حدوث رفع لأسعار الفائدة في المخطط النقطي لشهر مارس.

وبالحديث عن سوق المال، شهدت الأسواق ارتفاعًا في الطلب على عمليات البيع مع الالتزام بإعادة الشراء للاحتياطي الفيدرالي، مع ارتفاع الاستخدام اليومي بشكل كبير ليصل إلى حوالي 1 تريليون دولار بحلول نهاية هذا الشهر وسط وجود تخمة وفرة في السيولة الموجودة بالنظام المالي.        وفيما يخص القرارات المتعلقة بسوق المال، قرر الاحتياطي الفيدرالي إجراء بعض التعديلات الفنية عبر رفع سعر الفائدة على الاحتياطيات الزائدة (IOER) واتفاقيات إعادة الشراء المعاكس للتأكد من الإبقاء على النطاق المستهدف لسعر الأموال الفيدرالية بين 0% إلى 0.25% نقطة أساس.

وجاء التحول المفاجئ في المخطط النقطي والتوقعات الاقتصادية بعد بدء بعضً من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى الاتجاه نحو تشديد السياسة النقدية بعدما أصبحوا أكثر تفاؤلًا بشأن التوقعات الاقتصادية.

وعقب الاجتماع، زادت توقعات المستثمرين بحدوث رفع لأسعار الفائدة،  إذ انعكست توقعات الأسواق برفع سعر الفائدة 4 مرات على الأقل بحلول نهاية 2023 على عقود اليورو دولار الآجلة، إلى جانب توقع العقود الآجلة التي تعتمد على معدل التمويل الليلي المضمون (SOFR) بوجود احتمالية في الوقت الحالي لرفع سعر الفائدة 3 مرات على الأقل بحلول نهاية 2023.

وشهد منحنى اليورو دولار تسطحًا حادًا، ما يشير إلى توقع الأسواق بأن يتم رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع مما كان متوقعًا.

 في غضون ذلك، استمرت توقعات التضخم في الانخفاض على مستوى جميع الآجال بعدما أخذ المستثمرون في اعتبارهم اتجاه الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية. وانخفض مستوى التعادل للتضخم لسندات الخزانة ذات أجل 5 سنوات و10 سنوات بمقدار 12 نقطة أساس و13 نقطة أساس على التوالي.

 وفيما يتعلق برد فعل الأسواق، دفعت نتائج اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة العوائد الحقيقية لسندات الخزانة ذات أجل 5 سنوات إلى الارتفاع بمقدار 19 نقطة أساس في يونيو، بينما تغير معدل العوائد الحقيقية لسندات الخزانة ذات أجل 10 سنوات بشكل طفيف هذا الشهر.

وتابع التقرير أن الاختلاف بين معدلات فائدة سندات الخزانة طويلة الأجل وقصيرة الأجل ظهر بوضوح في منحنى العائد، والذي شهد تسطحًا حادًا بعدما ارتفعت معدلات فائدة سندات الخزانة قصيرة/ متوسطة الأجل وانخفاض معدلات فائدة سندات الخزانة طويلة الأجل بشكل كبير.

وانخفضت معدلات فائدة سندات الخزانة طويلة الأجل وسط انخفاض حاد في توقعات مستوى التعادل للتضخم، بينما ارتفعت معدلات فائدة سندات الخزانة قصيرة الأجل، إذ أنهت معدلات الفائدة لسندات الخزانة ذات أجل سنتين هذا الشهر قرب أعلى مستوى لها في عام واحد على خلفية الاجتماع، وما نتج عنه من تصريحات بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التي تتجه نحو تشديد السياسة النقدية.

في غضون لك، انخفض معدل تقلب الأسواق خلال هذا الشهر بعد انخفاض مؤشر VIX لقياس توقعات تذبذب الأسواق ليصل إلى 15.83 نقطة، مسجلًا بذلك أدنى مستوى له منذ بداية وباء فيروس كورونا.

وبالانتقال إلى سوق الأسهم، حققت المؤشرات الرئيسية لسوق الأسهم الأمريكية مكاسب مبهرة خلال هذا الشهر مع تسجيل مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 مستويات قياسية جديدة سبع مرات خلال هذا الشهر.

وأنهى الذهب بدوره هذا الشهر على انخفاض بسبب قوة الدولار بعد اجتماع اللجنة، وبسبب حالة التفاؤل بشأن التعافي الاقتصادي التي أدت إلى انخفاض الطلب على أصول الملاذ الآمن.  ودعمت نتائج اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة مؤشر الدولار، الأمر الذي دفعه إلى التفوق على بقية نظرائه في مجموعة العشرة الكبار.

وبالانتقال إلى المؤشرات الاقتصادية بالولايات المتحدة، أظهر مؤشر أسعار المستهلك زيادة كبيرة في سعر السلع الاستهلاكية والخدمات في شهر يونيو، ويمكن تفسير معدل تغير المؤشر بقياس سنوي مرة أخرى من خلال التأثيرات الأساسية المواتية.

وفيما يتعلق بوظائف القطاع الخاص، فتجاوزت أيضًا التوقعات رغم أنها لم تحقق ارتفاعًا بمقدار الارتفاع القياسي بشهر مايو، وذلك مع نمو حجم التوظيف أكثر في قطاع الضيافة.

وفي سوق العمل، فاق تقرير الوظائف غير الزراعية التوقعات، إذ سجل أعلى مستوى له في 10 أشهر، ومع ذلك ارتفع معدل البطالة، بينما ظل معدل المشاركة في القوى العاملة مستقرًا، ما يدل على تقديم العديد من الأشخاص استقالتهم في ظل توافر المزيد من الوظائف في سوق العمل، وبتسليط الضوء أكثر على القطاعات المختلفة، نجد أن القطاع الصناعي يعاني في الغالب من نقص العمالة.

في غضون ذلك، استمر مؤشر طلبات إعانة البطالة الأولية في الانخفاض، لكن لا يزال مستواه على الرغم من ذلك أعلى من مستوياته المسجلة قبل جائحة فيروس كورونا. ومن الجدير بالذكر أن مؤشر طلبات إعانة البطالة الأولية لم يسجل معدلات انخفاض كبيرة، في حين استقرت  طلبات إعانة البطالة المستمرة إلى حد ما، مما يدل على أن عملية التوظيف في سوق العمل لا تزال بطيئة إلى حد ما.

ورغم عدم الترابط الذي نراه في الأسواق، إلا أن مؤشر ثقة المستهلك قد شهد ارتفاعًا نتيجة تقدم عمليات طرح وتوزيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا وإعادة فتح الاقتصادات.

وبشكل عام، يبدو أن الاقتصاد يسير بخطى جيدة. ويقع كل من قطاعي الصناعة والخدمات في منطقة توسعية، إذ يتوسعان بمعدلات مستقرة إلى حد ما، وتأثرت العملات أكثر من غيرها هذا الشهر بسبب ارتفاع الدولار بعد شهرين متتاليين من الانخفاض.

وفيما يتعلق بالأسواق الناشئة، تسبب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة والذي ألمح إلى تشديد السياسة النقدية، وقوة مؤشر الدولار في تدهور معنويات الأسواق الناشئة، ما دفع كلًا من الأسهم والعملات الناشئة إلى إنهاء هذا الشهر على انخفاض.  

ورغم تدهور معنويات الأسواق وارتفاع الدولار، إلا أن الأسواق الناشئة شهدت بعض التدفقات الواردة مع ارتفاعات مؤشر أسعار الفائدة، وتضررت عملات أوروبا الشرقية بسبب انخفاض اليورو، لكن تمكن الريال البرازيلي والروبل الروسي والبيزو المكسيكي من تحقيق مكاسب، إذ رفعت بنوكهم المركزية معدلات الفائدة لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم.

ومع ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم على خلفية   الاضطرابات في  الإنتاج، رفعت بعض البنوك المركزية بالأسواق الناشئة معدلات الفائدة لمواجهة تأثير التضخم والمساعدة في دعم اقتصادهم، وشهد هذا الشهر رفع خمسة بنوك مركزية لأسعار الفائدة: البرازيل، والمكسيك، وروسيا، والمجر، وجمهورية التشيك.

كما واصلت أسعار النفط ارتفاعها خلال الشهر، إذ صعدت بنسبة 8.38%، مع بدء زيادة الطلب في الصيف، إلى جانب استمرار التفاؤل بشأن تأثير إعادة فتح الاقتصاد في دفع الأسواق، رغم  انتشار متحور فيروس كورونا "دلتا"، ومن المثير للاهتمام، أنه منذ بداية العام، ارتفعت أسعار النفط في 82 من أصل 127 جلسة.

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب