متحور «دلتا» يهدد وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي
أصدر البنك المركزي المصري، تقرير الرصد الشهري لمؤشرات الاقتصاد العالمي، متضمنًا تحليل لأهم الأحداث المؤثرة اقتصاديا خلال شهر يوليو الماضي.
وقال التقرير إن الحدث الرئيسي لهذا الشهر هو انتشار سلالة متحورة من فيروس كورونا وأكثر عدوى والمعروفة باسم "دلتا"، ما تسبب في قلق المشاركين في السوق من أن وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي قد لا تكون بالسرعة المتوقعة سابقًا.
وفي أحدث تقاريره، توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل معدل النمو العالمي نسبة 6% في عام 2021، لكن توقعات النمو أظهرت تباينًا على المستوى الإقليمي، إذ تم رفع توقعات النمو بالولايات المتحدة، بينما تم خفضها بالبلدان الناشئة، ما يشير إلى أن هذه الدول النامية ستعاني أكثر من انتشار المتحور الجديد، بسبب تأخر التطعيمات.
وعلى صعيد السياسة النقدية، كان رد فعل السوق على اجتماع بنك الاحتياطي الفدرالي في نهاية شهر يوليو هادئاً إلى حد ما عبر فئات الأصول المختلفة، ولم تتغير توقعات رفع سعر الفائدة بعد الاجتماع، إذ كانت نتيجة الاجتماع متوافقة إلى حد ما مع توقعات السوق.
ومن المثير للاهتمام، أن السوق كان يركز بشدة على مراجعة استراتيجية البنك المركزي الأوروبي التي كشفت أن صانعي السياسة قرروا تحويل معدل التضخم المستهدف من أقل ولكن قريب من 2% إلى نسبة 2%.
وعلى صعيد الأصول، شهدت الأسواق انخفاضًا في عوائد سندات الخزانة، إذ سجلت العوائد الحقيقية مستويات قياسية منخفضة جديدة في المنطقة السلبية، ما عوض الزيادة في توقعات التضخم.
ولم يتغير مؤشر الدولار اجمالياً خلال الشهر، إذ إنه تفوق على نظرائه في مجموعة العشر دول الكبار في منتصف الشهر، وعكس المكاسب التي حققها، إذ ظهر أن صانعي السياسة ليسوا في عجلة من أمرهم للبدء في الخفض التدريجي لبرنامج مشتريات الأصول.
في هذه الأثناء، أنهت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية تعاملات الشهر على ارتفاع، لكنها لا تزال دون المستويات المرتفعة القياسية التي وصلت إليها في بداية الأسبوع الأخير من شهر يوليو.
وفيما يتعلق بالتقدم المحرز بشأن الأهداف المزدوجة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، أظهرت البيانات أن التضخم في الشهر السابق ارتفع بأكبر قدر منذ عام 2008، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار قد تكون أكثر حدة مما كان يُعتقد سابقًا.
وبالنسبة لبيانات التوظيف، ظلت الإصدارات الجديدة غير واضحة، ومع هذا، أظهر الإصدار الأخير لشهر يوليو -والذي صدر في 6 أغسطس الحالي- أن الأجور للوظائف غير الزراعية ارتفعت بأكثر من المتوقع لتصل إلى 943 ألفًا مقابل المعدل المتوقع البالغ 870 ألفًا، وتم مراجعة المعدل الخاص بشهر يونيو ورفعه ليصبح 938 ألفًا.
وبالانتقال إلى عالم الأسواق الناشئة، كانت الإجراءات الصارمة التي شنتها الصين على قطاع التكنولوجيا هي الموضوع السائد لهذا الشهر، ما أدى إلى إحباط معنويات الأسواق الناشئة بشكل عام والتأثير على الأصول الصينية بشكل خاص.
وأخيرًا، أغلقت أسعار النفط على ارتفاع طفيف رغم المخاوف التي أثارها انتشار تحور دلتا والتقلبات التي شهدها منتصف الشهر الناجمة عن دول أوبك +، إذ فشلت الدول الأعضاء في البداية في التوصل إلى اتفاق بشأن الإنتاج.
تسلطت الأضواء على فيروس كورونا خلال شهر يوليو نتيجة ارتفاع أعداد الإصابة في العديد من المناطق مع الانتشار الكبير لتحور دلتا في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا.
أصبح تحور دلتا رسميًا أيضًا السلالة السائدة في الولايات المتحدة، ما تسبب في زيادة الحالات مرة أخرى. إضافة إلى ذلك، بدأ ينتشر على نطاق واسع في المملكة المتحدة وأوروبا.
مع انتشار المتحور الجديد، تستمر حملات التطعيم. وكما هو موضح في الرسم البياني أدناه، فإن الولايات المتحدة لديها أكبر عدد من المواطنين الذين تم تطعيمهم في جميع أنحاء العالم إذ تم تطعيم 164.45 مليون من السكان بشكل كامل.
ومع ذلك، من المثير للاهتمام أن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة العاشرة عندما يتعلق الأمر بنسبة المواطنين الذين تم تطعيمهم بالكامل من إجمالي السكان. ومن ناحية أخرى، تتقدم كل من شيلي والبحرين وإسرائيل والمملكة المتحدة، إذ تقترب من تحقيق "مناعة القطيع" التي يزعم بعض العلماء أنها لا تقل عن 80%.
ومع زيادة الحالات في مناطق مختلفة من العالم، اتخذت بعض الحكومات إجراءات احترازية في محاولة للسيطرة على انتشار التحورات، يُظهر مؤشر الإجراءات الاحترازية أن بعض البلدان فرضت قيودًا صارمة مثل تلك التي اتخذتها في بداية تفشي الوباء وهذه القيود تهدد الانتعاش الاقتصادي.
لكن العديد من البلدان الأخرى قررت اتباع نهج مختلف، مثل المملكة المتحدة، التي قررت رفع قيود الإغلاق في 19 يوليو، كما قررت عدد من الولايات بالولايات المتحدة الأمريكية تخفيف القيود، إذ تأمل الدولة في تحقيق هدف مناعة القطيع قبل أن يعيق متحور الدلتا التعافي الاقتصادي.
وأضاف التقرير أنه لم تكن الأسباب المذكورة أعلاه كافية رغم هذا لرفع معدلات التنقل إلى مكان العمل لمستوياتها العادية، إذ استمرت الشركات والموظفون في التكيف مع نمط حياة العمل عن بُعد.
كما أن التنقل السكني كان لا يزال أعلى من المستويات العادية على الرغم من انخفاضه عن مستوياته في بداية الوباء.
وتهدف تقارير تنقل المجتمع هذه إلى تقديم رؤى بشأن حجم التغير نتيجة الاستجابة للسياسات التي تهدف إلى مكافحة فيروس كورونا، توضح التقارير اتجاهات الحركة حسب المنطقة الجغرافية في نطاق زمني معين، عبر فئات مختلفة من الأماكن مثل المحلات التجارية وأماكن الترفيه، ومحلات البقالة والصيدليات، والمتنزهات، ومحطات النقل العام، وأماكن العمل، والسكن.
وفي فرنسا، شهدت اتجاهات التنقل في أماكن البيع بالتجزئة والترفيه والتنقل العابر انخفاضًا أكبر مقارنة بالولايات المتحدة نتيجة للفترات المتتالية من الإغلاق على المستوى المحلي والقيود الصارمة الأوسع نطاقًا في أوروبا.
ورغم ذلك، ومع زيادة أعداد متلقين اللقاحات في أوروبا، انتهى حظر التجول على مستوى البلاد في 20 يونيو (10 أيام قبل الموعد المخطط له) وتم تخفيف العديد من القيود. والإجراءات الاحترازية.
أما بالنسبة لمعدل التنقل في مكان العمل، فكان مشابهًا إلى حد ما للتنقل في الولايات المتحدة، إذ لا يزال المواطنون يعملون من المنزل رغم تخفيف القيود، وأخيرًا، أظهرت اتجاهات التنقل السكني اختلافات أعلى وأسفل خط الأساس، إذ تأرجح وضع الوباء بين الأفضل والأسوأ.
وارتفع النفط بشكل طفيف على خلفية التقارير الإيجابية الواردة من معهد البترول الأمريكي وإدارة معلومات الطاقة، والتي أظهرت انخفاضًا في المخزون على خلفية ارتفاع الطلب خلال أشهر الصيف، إذ نجح في تعويض المخاوف المتزايدة بشأن تأثير تحور دلتا على سوق النفط.
وأنهى النفط الخام تعاملات الشهر فوق 75 دولارًا للبرميل، ومن المثير للاهتمام أن أسعار النفط ارتفعت في 15 جلسة من أصل 22 جلسة لشهر يوليو، وارتفعت في 97 جلسة من أصل 149 جلسة منذ بداية العام وحتى نهاية يوليو.
وتجدر الإشارة إلى أن توقف المحادثات بين دول أوبك + بشأن مستويات الإنتاج خلال الشهر أضاف بعض التقلبات، ولكن تم التوصل في النهاية إلى اتفاق بشأن الإنتاج واستقرت الأسعار.