رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

المركزيان الروسي والبرازيلي من أكثر بنوك الأسواق الناشئة حدة في رفع الفائدة لمواجهة التضخم

مؤشرات التضخم
مؤشرات التضخم
هل الموضوع مفيد؟
شكرا

أظهر رصد لمؤشرات الاقتصاد العالمي وتحليل لأهم الأحداث المؤثرة اقتصادياً خلال عام  2021، أن العالم تعايش مع فيروس كورونا لعام آخر. وفي الوقت الذي شهد فيه عام 2020 قيام العديد من الدول بفرض عمليات إغلاق شديدة للسيطرة على الوباء، ما أدى إلى تباطؤ اقتصادي هو الأكثر حدة في التاريخ الحديث، نجد أن هذا العام كان يتعلق أكثر بكثير بالتعافي الاقتصادي، حتى لو كان متفاوتًا في بعض الأحيان. عمل إطلاق اللقاحات في بداية العام على اعطاء أملً كبير في إمكانية السيطرة على الفيروس أخيرًا. 


وتضاءل هذا الأمل في بعض الأحيان مع عودة ظهور المتحورات الجديدة والمخاوف التي جلبتها، سواء كانت متعلقة بالصحة أو الاقتصاد. ومع ذلك، ساعد انتشار اللقاحات على السماح للاقتصادات بإعادة الانفتاح، ما تسبب في زيادة كبيرة في معدلات الطلب على جميع الأصعدة. وبينما كانت مستويات العرض تعاني من أجل مواكبة الطلب، واستمرار تعافي المنتجين من التراجع ومكافحتهم للعثور على العمالة، حدثت قفزة بالتضخم ليسجل مستويات قياسية جديدة في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم. 

وساهمت اختناقات العرض ونقص المواد الخام والعمالة، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة نتيجة لزيادة الطلب، في هذا الارتفاع غير المسبوق في الأسعار. ومع ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم، بدأ المستثمرون في توقع استجابات للسياسات النقدية، وبدأت الأسواق في تسعير الارتفاعات بأسعار الفائدة. وشهد النصف الأول من العام صراعًا بين السوق والبنوك المركزية، إذ تعاملت الأسواق على أساس الاتجاه نحو تشديد السياسات النقدية، بينما جاءت تصريحات غالبية البنوك المركزية الرئيسية في اتجاه تيسير السياسة النقدية. ومع نهاية العام، بدأت بعض البنوك المركزية وصانعو السياسات في الإشارة إلى نبرة أقل تيسيراً. 

وكان بنك النرويج هو أول بنك مركزي غربي يرفع أسعار الفائدة منذ بداية ظهور الوباء، وجاء هذا القرار في شهر سبتمبر، بينما أعلن البنك المركزي الكندي في أكتوبر عن إنهاء برنامج التيسير الكمي. وتبعته البنوك المركزية الأخرى في الأسواق المتقدمة، مثل البنك المركزي النيوزيلندي. كان بنك إنجلترا أول بنك مركزي رئيسي يرفع أسعار الفائدة، وجاء هذا القرار في اجتماعه الأخير لهذا العام. أما بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، فقد تمسك بموقف تيسيري لغالبية العام، مؤكداً أن ارتفاعات التضخم هذه كانت "مؤقتة" قبل أن يتحول الفيدرالي إلى الميل نحو تشديد السياسة النقدية مع نهاية العام. 

أما بالنسبة للبنوك المركزية في الأسواق الناشئة، فقد بدأ العديد منها في رفع أسعار الفائدة هذا العام لمحاربة التضخم المتزايد. وعلى صعيد معدلات النمو الاقتصادي والانتعاش، دعمت البيانات الاقتصادية على مدار العام هذا الاتجاه، إذ أظهرت انتعاشًا في كل من قطاعي التصنيع والخدمات وانتعاش بطيء في أسواق العمل. استمرت حركة التجارة في اكتساب الزخم في بداية العام وسط آمال في تحقيق انتعاش اقتصادي مدفوعاً بنشر التطعيمات، بينما كان التضخم المرتفع، وتوقعات التضخم الأعلى والعائدات المتزايدة هو الموضوع السائد لبقية العام. 

وكانت أسواق الأوراق المالية المستفيد الرئيسي من إعادة فتح الاقتصادات، واستمرت في تسجيل مستويات قياسية جديدة على مدار العام مع إعلان الشركات عن أرباح فصلية قياسية. احتل موضوع  أسعار الطاقة مركز الصدارة على مدار العام، إذ استعادت أسعار النفط جميع خسائرها لعام 2020 على خلفية زيادة الطلب، بينما ظل العرض محدوداً معظم العام، مما أدى إلى أزمة طاقة مستمرة.

ومع إعادة فتح الاقتصادات وتقدم معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا، بدأ اقتصاد الولايات المتحدة في إظهار علامات نمو في النصف الأول من عام 2021، مع ارتفاع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي عن مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا. بحلول النصف الثاني من عام 2021، بدأت معدلات النمو في العودة إلى طبيعتها، كما بدأت نفقات الاستهلاك الشخصي في التباطؤ.

وأظهر المؤشر الصناعي لمعهد إدارة الموارد الأمريكي، ومؤشر مديري المشتريات عودة حالة تفاؤل الشركات. كما ارتفع متوسط معدلات كل من مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع وقطاع الخدمات بشكل كبير مقارنة بمتوسط معدلاتهم العام الماضي، إذ اقتربت من تسجيل مستوى 50 نقطة. وشهد قطاع الخدمات انتعاشًا قويًا في الربع الرابع من عام 2021، حيث وصل مؤشر مديري المشتريات بقطاع الخدمات لشهر نوفمبر إلى مستوى قياسي مرتفع، وذلك مع صعود النشاط التجاري والطلب، ولكن لا تزال هناك تقارير عن ضغوط الأسعار ونقص العمالة. 

من ناحية أخرى، واجه قطاع التصنيع عقبات في الربع الأخير من عام 2021، إذ تسبب نقص السلع الأساسية والمواد وارتفاع أسعارهما، ومشاكل سلاسل التوريد، ونقص أعداد العمالة في التأثير على القطاع. كما أدى ارتفاع حالات الإصابة على مستوى العالم جراء متحور أوميكرون في ديسمبر إلى تفاقم المشكلات التي يواجهها القطاعان، الأمر الذي تسبب في انخفاض مؤشر مديري المشتريات بقطاعي التصنيع الخدمات.

وفيما يتعلق بالبنوك المركزية الأخرى حول العالم، فقد بدأ العديد منهم في رفع أسعار الفائدة وسط انتعاش الاقتصاد، وارتفاع التضخم، وزيادة الضغوط المحلية، والاستعداد لاتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو تشديد السياسة النقدية. وكانت روسيا والبرازيل من أكثر البنوك المركزية في الأسواق الناشئة حدة في رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، إذ رفعت كلتا البلدين أسعار الفائدة 7 مرات على مدار العام. من ناحية أخرى، خفضت مجموعة من الدول أسعار الفائدة، أبرزها تركيا التي كانت تتبع سياسة نقدية غير تقليدية بضغط من الرئيس أردوغان.

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب