رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

تفاقم الأزمة الروسية الأوكرانية يهوي بمكاسب الأسهم العالمية

تطورات الأسواق العالمية والمحلية
تطورات الأسواق العالمية والمحلية
هل الموضوع مفيد؟
شكرا



أوضحت النشرة الدورية المختصرة للتوعية بأهم تطورات الأسواق العالمية والمحلية خلال الفترة من 25 مارس إلى 1 أبريل 2022، أن قراءات التضخم التي وصلت إلى أعلى مستوى لها في 40 عامًا، وبيانات سوق العمل التي جاءت قوية المزيد من المخاوف بشأن أن يكون الاحتياطي الفيدرالي متأخرًا في رفع أسعار الفائدة، دفعت الأسواق نحو تسعير دورة تشديد للسياسة النقدية الأمريكية بشكل أسرع مما كان متوقعاً مع إشارة غالبية المسؤولين الفيدراليين مرارًا وتكرارًا إلى تفضيلهم اتخاذ إجراء سريع لمواجهة التضخم. وتباين أداء سندات الخزانة الأمريكية، إذ تراجعت سندات الخزانة قصيرة الأجل بينما حققت السندات طويلة الأجل مكاسب على خلفية المخاوف المتعلقة بالنمو.

واقترب منحنى العائد من التسطح، إذ جاء الفارق بين عوائد سندات الخزانة لأجل عامين والسندات لأجل 10 سنوات وبين عوائد سندات الخزانة لأجل 5 أعوام والسندات لأجل 30 عامًا هذا الأسبوع مقلوبًا. وفى هذه الأثناء، حققت غالبية الأسهم العالمية مكاسب مع تحسن معنويات المخاطرة في أوقات كثيرة هذا الأسبوع على خلفية انخفاض توقعات التضخم، ووجود بعض التفاؤل بشأن جولة المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، وذلك قبل تفاقم الوضع في نهاية الأسبوع، إذ اتهم المسؤولون الروس أوكرانيا بإرسال طائرات هليكوبتر حربية عبر الحدود بين البلدين وقصف مستودع نفط. 

سوق السندات

تباين أداء سندات الخزانة الأمريكية هذا الأسبوع، إذ تراجعت السندات قصيرة الأجل بشكل كبير، بينما حققت السندات طويلة الأجل مكاسب كبيرة، إذ واصل المستثمرون توقع حدوث دورة تشديد نقدي بوتيرة أسرع، وذلك عقب التصريحات التي تميل نحو تشديد السياسة النقدية من قبل عدة مسئولين ببنك الاحتياطي الفيدرالي، وارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي على مستوى عدة عقود، إلى جانب بيانات سوق العمل القوية (التي أظهرت زيادة كل  من معدلات مشاركة القوى العاملة، ومتوسط الدخل في الساعة، وانخفاض معدل البطالة). وفي الوقت نفسه، ارتفعت سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل على خلفية قلق المستثمرين بشأن الركود المحتمل وسط دورة تشديد للسياسة النقدية ذات وتيرة قوية، وأدى هذا بدوره إلى انعكاس عدة أجزاء رئيسية من منحنى عوائد السندات، الأمر الذي يعتبر عادة إشارة تحذير من حدوث ركود اقتصادي.

وفيما يتعلق بتحركات عوائد الخزانة الأسبوعية، قفزت عوائد السندات لأجل عامين بمقدار 18.67 نقطة أساس لتصل إلى 2.459%، وهو أعلى مستوى مُسجل لها منذ مارس 2019. وكذلك ارتفعت العوائد على السندات أجل 5 أعوام بمقدار 1.30 نقطة أساس لتصل إلى 2.560%، وهو أعلى مستوى مُسجل لها منذ يناير 2019. وعلى مستوى الآجال الأطول، انخفض كلا من عوائد السندات أجل 10 أعوام، و30 عامًا بمقدار 9.19 نقطة أساس، و15.26 نقطة أساس على التوالي ليستقرا عند 2.385%، و2.434% بالترتيب. 

وشهد سوق السندات أسوأ أداء ربع سنوي على الإطلاق خلال الربع الأول من عام 2022، إذ أثرت التوقعات بارتفاع التضخم الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، والملاحظات التي تميل إلى تشديد السياسة النقدية التي أبدتها العديد من البنوك المركزية بالأسواق المتقدمة سلبًا على سوق السندات. ومنذ بداية الفصل ربع سنوي المالي وحتى تاريخ التقرير، ارتفعت عوائد السندات أجل عامين، و5 أعوام، و10 أعوام، و30 عامًا بمقدار 160 نقطة أساس، و119 نقطة أساس، و82 نقطة أساس، و54.60 نقطة أساس على التوالي. 

العملات 

انخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.16%، ليتراجع بذلك إلى أدنى مستوى له في أسبوعين نتيجة تحسن معنويات المخاطرة بشكل طفيف مطلع هذا الأسبوع. ومع ذلك، ومع اقتراب نهاية الأسبوع، تدهورت معنويات المستثمرين على خلفية تصاعد التوترات الجيوسياسية مرة أخرى، الأمر الذي دفع الدولار إلى تعويض جزءًا من الخسائر التي تكبدها في وقت سابق. وعلى النقيض من ذلك، ارتفع اليورو بنسبة 0.55% على خلفية تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، والتي أعربت فيها عن قلقها بشأن المخاطر التصاعدية للتضخم. 

علاوة على ذلك، مال مسؤولون آخرون بالبنك المركزي الأوروبي تجاه تشديد السياسة النقدية على الرغم من تصاعد التوترات مرة أخرى بين القوات الروسية والأوكرانية بالقرب من نهاية هذا الأسبوع. وتجدٌر الإشارة إلى أن معدل التضخم في ألمانيا قد ارتفع ليسجل نسبة 7.3%، وهو أعلى مستوى له منذ 30 عامًا، الأمر الذي يزيد الضغط على البنك المركزي الأوروبي لمواجهة ارتفاع معدل التضخم. وانخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.52% إذ جاءت بيانات مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع عند أدنى مستوى لها في 13 شهرًا، بالإضافة إلى تباين التوجهات المتوقعة للسياسة النقدية بين كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. 

وتراجع الين الياباني بنسبة 0.38% عقب تدخل بنك اليابان في سوق السندات اليابانية عدة مرات على مدار الأسبوع، بينما أكد رئيس الوزراء فوميو كيشيدا للسوق أن الحكومة "ستتخذ الخطوات المناسبة بشأن سياسات العملة" لضمان استقرار الين.

الذهب

تراجعت أسعار الذهب بنسبة -1.67% خلال هذا الأسبوع لتستقر عند إلى 1.925.68 دولار للأوقية، إذ دعم تقرير الوظائف الذي جاء قويًا في نهاية الأسبوع اتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع أسعار الفائدة بقوة، ما تسبب في ارتفاع عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل بشكل أكبر، وإضعاف الطلب على الأصول التي ل  تمنح عوائد.

عملات الأسواق الناشئة

وعلى صعيد الأسواق الناشئة، زادت مكاسب مؤشر MSCI لعملات الأسواق الناشئة (+ 0.79%) للأسبوع الثالث على التوالي، مسجلاً أكبر ارتفاع أسبوعي له منذ سبتمبر 2021. وأنهى المؤشر تعاملات الأسبوع على ارتفاع إذ أصبح المستثمرون يرون أن المفاوضات المباشرة، والمنعقدة في تركيا بين ممثلين من الجانبين الروسي والأوكراني، من الأمور الإيجابية. 

وظهرت علامات على تحسن سير المفاوضات من كلا الجانبين، إذ عرضت روسيا انسحابًا عسكريًا من العاصمة كييف وتشرنيهيف وموقع تشيرنوبيل للطاقة النووية، في حين قال المسؤولون الأوكرانيون إن بلادهم مستعدة لإعلان نفسها محايدة بشكل دائم لتتخلى عن احتمالية الانضمام إلى الناتو. بالإضافة إلى ذلك، أدت مخاطر حدوث تباطؤ اقتصادي بسبب ارتفاع التضخم إلى انخفاض الدولار. ومع ذلك، في وقت لاحق من الأسبوع، قلصت الأنباء عن ضرب طائرتين هليكوبتر أوكرانيتين منشأة خزان نفط في روسيا بعض المكاسب.

ارتفعت غالبية عملات الأسواق الناشئة التي يتتبعها مؤشر بلومبيرج لعملات الأسواق الناشئة، إذ خسرت 7 عملات فقط من أصل 24 عملة هذا الأسبوع.  

وكان الروبل الروسي الأفضل أداءً إذ ارتفع (+ 19.75%)، إذ ارتفع على خلفية تزايد الآمال بشأن محادثات السلام التي عقدت في تركيا. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الروبل بعد قرار بوتين بفرض الدفع بعملة الروبل لصادرات الغاز، الأمر الذي من شأنه أن يرفع الطلب على العملة. تجدر الإشارة إلى أن الروبل تمكن من الصعود بنحو 57% خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ليستقر عند مستوى يقل بنسبة 4.39-% دون مستواه قبل الغزو (24 فبراير). كانت عملة السول البيروفي (+ 2.95%) ثاني العملات الأفضل أداء، إذ ارتفع خلال الأيام الخمسة الماضية ليستقر عند أقوى مستوى له منذ أبريل 2021. بدأ السول مساره الصعودي بعد أن فشل نواب المعارضة في الحصول على أصوات كافية، فقط 55 من أصل 87 صوتًا مطلوبًا، لإزاحة الرئيس بيدرو كاستيلو.

تم اتهام الرئيس بالفساد، وهو ادعاء لا يمكن التحقيق فيه حتى يغادر منصبه، وذلك وفقًا لقانون بيرو. في هذه الأثناء، كان الراند الجنوب أفريقي (-0.84%) هو الأسوأ أداءً إذ انخفض بسبب حالة عدم اليقين بشأن الحرب في أوكرانيا خاصة بعد أن ضربت أوكرانيا منشأة نفطية روسية، ما أدى نسبياً إلى إضعاف الآمال في المفاوضات الجارية. بالإضافة إلى ذلك، عززت بيانات العمالة القوية في الولايات المتحدة التوقعات برفع أسعار الفائدة بشكل أكبر على العملة. كان البيزو الأرجنتيني (-0.67%) ثاني أسوأ أداء إذ استمر في التدهور مع تصاعد ضغوط التضخم على خلفية الحرب الأوكرانية.

أسواق الأسهم

تباين أداء الأسهم العالمية خلال أسبوع تداولات اتسم بالحذر، على خلفية التطورات الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى تتبع المستثمرين لتحركات أسواق السندات. لم يطرأ تغير يذكر على مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500، إذ ارتفع بنسبة 0.06% فقط. وتجدر الإشارة إلى أن المؤشر سجل أسوأ أداء ربع سنوي له خلال عامين. وفيما يتعلق بالقطاعات المٌدرجة في المؤشر، سجلت أسهم منتجي وتجار الطاقة المستقلين أكبر المكاسب التي بلغت (7.59%)، وكذلك قطاع صناعة السيارات الذي ارتفع بنسبة (6.33%)، في حين شهدت أسهم خدمات الشحن أكبر انخفاض إذ تراجعت بنسبة (-11.99%)، وكذلك أسهم البنوك الإقليمية الذي هبط بمقدار (-7.82%). انخفض مؤشر داو جونز الصناعي Dow Jones بنسبة 0.12% ليكسر بذلك سلسلة مكاسبه السابقة التي دامت لأسبوعين. وفي الوقت نفسه، ارتفع مؤشر ناسداك المركب للأسهم التكنولوجية الكبرى Nasdaq بنسبة 1.94% ليسجل ثالث ارتفاع أسبوعي له على التوالي.

وتراجعت تقلبات الأسواق هذا الأسبوع طبقًا لقراءات مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق الذي انخفض بمقدار 1.18 نقطة ليستقر عند 19.63 نقطة، وهو أدنى مستوى أسبوعي له منذ منتصف يناير، بالإضافة إلى تسجيله لمستوى أدنى بكثير من متوسطة للعام الحالي البالغ 25.28 نقطة منذ بداية العام. وارتفع مؤشر راسل Russell 200  بنسبة 0.63% ليصل إلى أعلى مستوى أسبوعي له منذ 14 يناير.

تفوق أداء الأسهم الأوروبية على أداء نظيرتها الأمريكية خلال الأسبوع، إذ ارتفع مؤشر STOXX 600 الأوروبي الرئيسي بنسبة 1.06%، وهو أعلى مستوى له في ستة أسابيع، بعد أن حقق 15 مؤشر فرعي من أصل 20 مكاسب، وكان أبرزها مؤشر قطاع المرافق العامة الذي ارتفع بنسبة (3.29%)، وشركات العناية الشخصية بنسبة (3.29%)، وقطع غيار السيارات بنسبة (2.83%). على النقيض من ذلك، انخفض قطاع التجزئة بنسبة (-2.78%)، والسفر والترفيه بنسبة (-0.86%)، والتكنولوجيا بنسبة (-0.74%).

علاوة على ذلك، من ضمن مكاسب المؤشرات الأوروبية، ارتفع مؤشر FITSE MIB الإيطالي بنحو (2.46%)، ومؤشر CAC 40 الفرنسي بنسبة (1.99%)، ومؤشر FTSE 250 البريطاني بمعدل (1.25%)، ومؤشر DAX الألماني (0.98%) مقارنة بنظرائهم.

وبالانتقال إلى الأسواق الناشئة، حقق مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI EM مكاسب وذلك للأسبوع الثالث على التوالي، إذ كان للنتائج الإيجابية للمحادثات الدبلوماسية التي عُقدت في تركيا بين روسيا وأوكرانيا أثر إيجابي على أصول الأسواق الناشئة. وأنهى المؤشر تداولات الأسبوع عند أعلى مستوى له في شهر، مدفوعًا بتحسن واسع النطاق في أصول الأسواق الناشئة. 

وتجدر الإشارة إلى أن المحللين الاستراتيجيين في بنك أوف أمريكا ذكروا أن أسهم الأسواق الناشئة قد شهدت أكبر تدفقات في سبعة أسابيع. وتمكنت الأسهم الصينية من إنهاء الأسبوع على ارتفاع على الرغم من إجراءات الإغلاق التي تم فرضها في شنغهاي بسبب انتشار فيروس كورونا مؤخراً، إذ سجل مؤشر شنغهاي المركب Shanghai مكاسب أسبوعية بنسبة (+2.247%)، ومؤشر  Shanghai Shenzhen CSI 300  مكاسب أسبوعية بنسبة (+2.487%)، وذلك لأول مرة في ستة أسابيع. علاوة على ذلك، حققت المؤشرات الصينية المزيد من المكاسب بحلول نهاية الأسبوع إذ أظهرت البيانات تباطؤ أنشطة المصانع، مما أثار تكهنات حول تقديم المزيد من حزم التحفيز الاقتصادي. 

البترول

تراجعت أسعار النفط بشكل حاد، إذ انخفضت بنسبة -13.48% لتنهي الأسبوع عند 104.39 دولارًا للبرميل، مسجلة أكبر انخفاض أسبوعي في عامين إذ تخطط الولايات المتحدة لسحب مليون برميل يوميًا من الاحتياطيات الاستراتيجية للبترول خلال الأشهر الستة المقبلة. وانخفضت الأسعار أيضًا على خلفية التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة وحلفائها على وفاق بشأن الاتفاق النووي الإيراني، ما أثار تفاؤل المستثمرين بشأن إمكانية إحياء الصفقة. علاوة على ذلك، تتوقع الأسواق أيضًا أن تفشي فيروس كوفيد في الصين سيؤثر على الطلب العالمي نظرًا لأن البلاد تواجه أسوأ تفشي لها منذ بداية الوباء. قدرت Rystad Energy أن عمليات الإغلاق في شنغهاي يمكن أن تخفض الطلب على النفط بمقدار 200 ألف برميل يوميًا طوال فترة الإغلاق.  

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب