النقد العربي: توقعات بارتفاع معدل التضخم العالمي بنحو 2.5 إلى 3%
- الأثر الاقتصادي الأعمق للتطورات الراهنة يتأتى من ارتفاع أسعار السلع الأساسية
- ارتفاع متوقع لمعدل نمو الدول العربية المُصدرة للنفط المساهمة بنسبة 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية
- تراجع القوة الشرائية للمستهلكين في الدول العربية نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتأثر ملموس نسبياً في إحدى عشرة دولة عربية ينخفض بها متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي دون المتوسط العالمي
- انخفاض مستويات الاكتفاء الذاتي من الحبوب إلى 37 في المائة في الدول العربية يزيد من مستويات تأثرها بالتطورات الراهنة
- التطورات العالمية الراهنة تؤكد أهمية تعزيز مستويات الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية والصناعية وأهمية الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى زيادة مستويات القدرة على مواجهة الأزمات، وتدفع باتجاه إسراع الخطى نحو التكامل الاقتصادي العربي
في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية، أصدر صندوق النقد العربي العدد الثامن والعشرين من سلسلة موجز سياسات بعنوان "التداعيات الاقتصادية الإقليمية والدولية للتطورات العالمية الراهنة"، الذي يُلقي الضوء على تلك التداعيات على عدد من الأصعدة، ويقدم التوصيات لصناع القرار فيما يتعلق بمزيج السياسات الذي من شأنه تعزيز مستويات قدرة الاقتصادات العربية، على التخفيف من حدة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن تلك التطورات.
أشار الموجز إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد تحديات نتيجة للتطورات العالمية الراهنة التي تتسم باتساع نطاق تأثيراتها، وتعقد وتشابك مساراتها في ظل التطورات المتلاحقة الناتجة عنها والتي باتت تطال العديد من الدول والأسواق على مستوى العالم.
أوضح الموجز أن التطورات الراهنة تمارس تداعياتها على الاقتصاد العالمي من خلال العديد من القنوات لاسيما خمس قنوات رئيسة بما يشمل تأثير كل من: العقوبات المفروضة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستمرار التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد العالمية، وتقلبات الأسواق المالية، وارتفاع مستويات المخاطر وعدم اليقين.
أشار الموجز إلى أن تلك التطورات جاءت في الوقت الذي يكافح فيه الاقتصاد العالمي للتعافي من تبعات جائحة كوفيد-19، وأدت إلى ارتفاع لأسعار العديد من السلع الغذائية والصناعية ومواد الطاقة، ونتج عنها استمرار التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد الدولية، بما يؤثر على مسارات النمو الاقتصادي العالمي المتوقع في عام 2022، حيث تشير تقديرات المؤسسات الدولية إلى أن التطورات العالمية الراهنة سوف تؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي بما يتراوح بين 0.5 و1.0 نقطة مئوية، وارتفاع معدل التضخم العالمي بما يٌقدر بنحو 2.5 إلى 3.0 نقطة مئوية في عام 2022.
كما أوضح الموجز أن الأثر الاقتصادي الأعمق لتلك التطورات يتأتى من الارتفاعات لأسعار السلع الأساسية والتحديات التي تواجه سلاسل الإمداد الدولية، وأوضح أن الأثر مرشح للمزيد من الارتفاع في ثلاث حالات تشمل طول أمد التطورات، واتساع نطاق العقوبات، وتأُثر إمدادات الغاز إلى أوروبا.
على مستوى الاقتصادات العربية، أشار الموجز إلى التأثيرات واسعة النطاق للتطورات الراهنة على مستويات القوة الشرائية للمستهلكين في الدول العربية نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتأثر ملموس نسبياً على وجه الخصوص للمستهلكين في إحدى عشرة دولة عربية ينخفض بها متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي دون المتوسط العالمي.
كما أوضح الموجز تباين تأثير التطورات العالمية الراهنة على معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية بحسب هياكلها الاقتصادية، ففي حين من المتوقع ارتفاع معدلات نمو الدول العربية المصدرة للنفط في عام 2022 -التي تساهم بنحو 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية كمجموعة- كنتيجة لارتفاع كميات إنتاج النفط والغاز وأسعارهما في الأسواق الدولية حيث شهدت أسعار النفط ارتفاعاً بما يقرب من 40 في المائة خلال الربع الأول من العام، وسجلت أسعار الغاز ارتفاعاً بنسبة 112 في المائة.
ستشهد الاقتصادات العربية المستوردة للنفط ضغوطات نتيجة للتطورات ستؤثر على توقعات معدلات النمو الاقتصادي الخاصة بها لهذا العام نتيجة الارتفاع المتوقع للعجوزات في الموازنات العامة وموازين المعاملات الجارية، ما سيضعف من قدرتها على توجيه المزيد من الإنفاق الداعم للنمو الاقتصادي.
علاوة على ما سبق، تطرق الموجز أيضاً إلى تأثير التطورات الراهنة على مستويات التجارة الخارجية للدول العربية والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفقات السياحة إلى المنطقة العربية، إضافة إلى تأثيراتها على أسواق الطاقة العالمية. في ضوء ما سبق، وفي ظل نتائج التحليل الخاص بمدى تأُثر الاقتصادات العربية بالتداعيات الاقتصادية للتطورات العالمية الراهنة، يُمكن استخلاص بعض الدروس المستفادة والانعكاسات على صعيد السياسات وذلك على النحو التالي:
- تقوية المقدرات الوطنية لا سيما على صعيد تحقيق الاكتفاء الذاتي من أهم السلع الزراعية والصناعية، وفي هذا الإطار هناك دور مهم يُمكن أن تلعبه صناديق الثروة السيادية في تمويل هذه النوعية من المشروعات.
- مواصلة الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى زيادة مستويات المعروض من السلع والخدمات وإعادة الاعتبار للسياسات الهادفة إلى تقوية القطاعين الزراعي والصناعي.
- تنويع مصادر الإمدادات الخاصة بالواردات من السلع الأساسية، والاستفادة من فرص التكامل الاقتصادي العربي في تنفيذ مشروعات هادفة إلى تعزيز الأمن الغذائي.
- التوسع في استخدام العقود المستقبلية وعقود التحوط ضد مخاطر ارتفاع أسعار السلع الأساسية لتأمين الإمدادات الحيوية للدول العربية، وتعزيز المخزونات العربية من السلع الاستراتيجية.
- تبني آليات التحول نحو الإنتاج والاستهلاك المسؤول الذي يُعد واحداً من أكثر أهداف التنمية المستدامة أهمية بالنسبة للدول النامية على وجه الخصوص، وتبني سياسات للتقليل من مستويات هدر الغذاء عبر كامل حلقات الإنتاج والتوريد والاستهلاك.
- تقوية شبكات الأمان الاجتماعي بالاستفادة من الوفورات المحققة من برامج الانضباط المالي لحماية الفئات الهشة والأسر محدودة الدخل خاصة في أوقات الأزمات، وتبني إصلاحات من شأنها تعزيز الاستهداف الدقيق للمستحقين للدعم.
- تبني رؤى وطنية للاستفادة من الفرص التي يتيحها توجه أوروبا نحو تنويع مصادر الإمدادات من الطاقة في المدى المتوسط من خلال الاستثمار في مشروعات النفط والغاز والتفاوض مع الدول الأوروبية لإبرام عقود طويلة المدى لتأمين إمدادات الطاقة.
- الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لعدد من الدول العربية لاسيما مصر والسعودية والإمارات لتطوير شبكة من سلاسل الإمداد الإقليمية وإنشاء مدن لوجستية داعمة للتجارة الدولية.
- تبني نظم للإنذار المبكر ورصد أوجه الهشاشة الاقتصادية والمالية، والتركيز على الإصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى دعم المرونة الاقتصادية وتوسيع حيز السياسات بما يُمكن الدول العربية من مواجهة الصدمات الاقتصادية.
- الاستمرار في الاستفادة من أدوات السياسة النقدية غير التقليدية لدعم النمو الاقتصادي والتشغيل وتوفير الضمانات الملائمة لتشجيع نفاذ الأفراد والشركات إلى التمويل.
- مواصلة إصلاحات المالية العامة الهادفة إلى تعزيز الاستدامة المالية وتحقيق وفورات مالية من شأنها توسيع حيز السياسات المالي بما يُمكن من اللجوء إليها في أوقات الأزمات الاقتصادية.