عودة حالة قلق المستثمرين حيال الخطوة القادمة الذي سيتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي
كشفت النشرة الدورية المختصرة للتوعية بأهم تطورات الأسواق العالمية خلال الفترة من 8 يوليو إلى 15 يوليو 2022، بأن عادت حالة قلق المستثمرين حيال الخطوة القادمة الذي سيتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى محور اهتمام الأسواق، حيث دفعت القراءات المرتفعة الجديدة لمؤشر أسعار المستهلك خلال شهر يونيو المستثمرين إلى تسعير حدوث زيادة في أسعار الفائدة تصل إلى نقطة مئوية كاملة خلال شهر يوليو وذلك في حلول منتصف الأسبوع.
وتمكن المتحدثون بالاحتياطي الفيدرالي من تهدئة الأسواق بحلول نهاية الأسبوع، حيث أعاد العديد من المسؤولين الذين يميلون نحو تشديد السياسة النقدية تأييدهم لرفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وحذروا من أي تحركات "حادة" من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع المتداولين إلى التراجع عن تسعيرهم زيادة في أسعار الفائدة خلال شهر يوليو.
ارتفعت غالبية عوائد سندات الخزانة الأمريكية، واستمر الدولار في الارتفاع إلى أعلى مستوى له في 20 عامًا، بينما خسرت الأسهم الأمريكية، حيث لا يزال الطلب على الملاذ الآمن يهيمن على التداولات. وانخفضت أصول الأسواق الناشئة بشكل حاد مع زيادة حالة القلق لدى المستثمرين حيال موقف السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، واحتمالية حدوث ركود عالمي، وعودة تفشي وباء كورونا في الصين. كما واصلت أسعار النفط سلسلة الخسائر التي بدأت بالأسبوع الماضي لتستقر هامشيًا فوق مستوى الـ 100 دولار للبرميل، حيث تركزت تكهنات المتداولين حول انخفاض معدلات الطلب العالمي.
سوق السندات:
حققت سندات الخزانة الأمريكية مكاسب على مستوى معظم آجال الاستحقاق، حيث خفف مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي من احتمالية رفع سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة خلال شهر يوليو، ومع توافد المستثمرين على سندات الخزانة بسبب زيادة الطلب على الملاذ الآمن. وقبل يوم الأربعاء، سجلت غالبية عوائد سندات الخزانة الأمريكية خسائر، حيث أدى تزايد حالة الخوف بين المستثمرين بشأن حدوث ركود عالمي إلى ارتفاع معدل الطلب على الملاذات الآمنة والمتمثلة في شراء الأصول المقومة بالدولار. ثم انعكست معظم تحركات الأسواق خلال تداولات يوم الأربعاء، حيث أدت قراءة مفاجئة أخرى لمؤشر الأسعار إلى دفع المستثمرين إلى تسعير أعلي لاحتمالية ارتفاع الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ما دفع معظم عوائد سندات الخزانة إلى الارتفاع.
ومع قرب نهاية الأسبوع، انخفضت معظم عوائد سندات الخزانة مرة أخرى، باستثناء عوائد السندات لأجل عامين، حيث أشار العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بما فيهم الذين يميلون نحو تشديد السياسة النقدية إلى أنهم سيؤيدون رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وحذروا من أي تحركات حادة، مما أدى إلى تهدئة المخاوف بشأن رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بوتيرة أكثر قوة في شهر يوليو. تجدر الإشارة إلى زيادة حدة انعكاس منحنى العائد الخاص بسندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين و10 أعوام والذي تتم مراقبته عن قرب، خاصة بعد ورود بيانات مؤشر أسعار المستهلك في يوم الأربعاء، مع استمرار قوة تأثير المخاوف بشأن حدوث ركود عالمي على حركة التداول.
العملات:
ارتفع مؤشر الدولار بنسبة (+0.99%) للأسبوع الثالث على التوالي ليصل إلى أقوى مستوى له منذ عام 2002. ودفعت أرقام التضخم في الولايات المتحدة، والتي جاءت أعلى من المتوقع، إلى تصاعد التوقعات بشأن رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي بوتيرة أكثر قوة، الأمر الذي دعم مؤشر الدولار. وفي الوقت نفسه، تراجع اليورو بنسبة 1.03% ليستقر عند 1.008 مقابل الدولار بعد أن وصلا إلى مستوى التعادل خلال تداولات الأسبوع لأول مرة منذ عقدين.
خسر اليورو على خلفية اتساع فجوة أسعار الفائدة بين بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، وبسبب حالة عدم اليقين بشأن المدة التي ستستغرقها روسيا لإعادة ضخ الغاز عبر خط أنابيب "نورد ستريم". هبط الجنيه الإسترليني بنسبة 1.48% إلى جانب العملات الأخرى المحفوفة بالمخاطر بسبب اندفاع المستثمرين نحو الدولار. كما انخفض الجنيه الإسترليني على خلفية الاضطراب السياسي حول من سيخلف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بعد استقالته.
ومن الجدير بالذكر أن العملة تعرضت أيضًا لضغوط بسبب المخاوف من نقص إنتاج الغاز، حيث تم إغلاق منشأة إنتاج الغاز النرويجية الرئيسية التي تمد المملكة المتحدة بالغاز خلال الأسبوع، وذلك خلال الوقت التي تواجه فيه أوروبا نقصًا في الغاز. انخفض الين الياباني بنسبة 1.78%، حيث يتوقع المستثمرين استمرار تيسير السياسة النقدية بعد أن فاز الائتلاف الحاكم في اليابان بأغلبية المقاعد خلال انتخابات مجلس الشيوخ. تجدر الإشارة إلى أنه في يوم الاثنين، أشار محافظ بنك اليابان، السيد هاروهيكو كورودا، إنه لن يتردد في إضافة حزم تحفيز نقدي لتعزيز الاقتصاد الياباني.
الذهب:
تراجعت أسعار الذهب بنسبة 1.97% لتستقر عند 1708.17 دولار للأونصة، حيث أثار ارتفاع بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الذي ارتفع بصورة هي الأعلى منذ عدة عقود التوقعات بقيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بشكل حاد. سجلت السبائك الصفراء التي لا تدر عائدًا انخفاضها الأسبوعي الخامس على التوالي، على الرغم من تأجج المخاوف بشأن حدوث ركود اقتصادي.
عملات الأسواق الناشئة
على صعيد الأسواق الناشئة، تدهورت معنويات المخاطرة، حيث انخفض مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة MSCI EM للأسبوع السادس على التوالي ليغلق متراجعًا بنسبة 0.91% مع استمرار ارتفاع الدولار. وجاءت الانخفاضات على خلفية تزايد مخاوف الأسواق بشأن حدوث ركود اقتصادي، بعد صدور أرقام مؤشر أسعار المستهلك التي جاءت أعلى من المتوقع، وضعف الأرباح الواردة من أكبر البنوك الأمريكية، وكذلك مع انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الثاني حيث جاء دون التوقعات بفارق كبير. ومع هذا، تجدر الإشارة إلى أن انخفاض المؤشر كان محدودًا خلال تداولات جلسة يوم الجمعة، حيث رفض اثنان من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي تأييد رفع سعر الفائدة بنقطة مئوية كاملة خلال هذا الشهر حتى مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك أكثر مما كان متوقعًا في شهر يونيو.
خسرت غالبية عملات الأسواق الناشئة التي يتتبعها مؤشر بلومبرج، حيث ارتفعت 5 عملات فقط من أصل 23 عملة مدرجة في المؤشر خلال هذا الأسبوع. قاد الروبل الروسي (+11.90%) المكاسب على الرغم من قوة الدولار، حيث أن العملة مدعومة ببداية فترة ضريبية بدأت يوم الجمعة، والتي أدت إلى تزايد معدل الطلب على الروبل. تجدر الإشارة إلى أنه من المرتقب أن تشهد العملة مزيدًا من الارتفاع، فمن المتوقع سداد حصة أكبر من الضرائب بحلول الأسبوع الأخير من شهر يوليو.
علاوة على ذلك، يتوقع المحللون أن تتلقى العملة مزيدًا من الدعم، حيث يتوقع أن تقوم الشركات التي تركز على التصدير بتحويل إيراداتها من العملات الأجنبية للروبل للإيفاء بالتزاماتها المحلية. وكان البيزو الكولومبي (+1.36%) ثاني أفضل العملات أداءً، لينهي تداولات الأسبوع على ارتفاع بعدما صعد بنسبة 3% خلال جلسة تداول يوم الجمعة، إذ ارتفعت أسعار النفط، والتي تعد من أكبر صادرات البلاد، مرة أخرى فوق مستوى الـ 100 دولار للبرميل.
ومن ناحية أخرى، انخفض الريال البرازيلي بنسبة (-2.81%) على خلفية نمو النشاط الاقتصادي بشكل أقل من المتوقع وفقًا للبيانات الصادرة في يوم الخميس. وجاء الوون الكوري الجنوبي (-1.95%) في المرتبة الثانية، حيث أثر صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي الضعيفة في الصين بشكل كبير على الوون الكوري الجنوبي خلال تداولات نهاية الأسبوع
أسواق الأسهم:
أنهت الأسهم الأمريكية تداولات هذا الأسبوع على انخفاض، حيث أثر التضخم الذي جاء أعلى من المتوقع، وزيادة المخاوف بشأن حدوث ركود عالمي على معنويات المستثمرين. وشهدت المؤشرات الرئيسية خسائر منذ جلسة التداول الأولى في مطلع الأسبوع، حيث توقع المتداولون أن يتجاوز معدل التضخم التوقعات، إلى جانب المخاوف من أن ضعف الأرباح الفصلية للشركات.
وبعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك، بدأ المستثمرون يفكرون فيما إذا كانت أرقام التضخم المرتفعة ستدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ قرارات أكثر صرامة مما كان متوقعًا، الأمر الذي زاد من توقعات الأسواق بتسعير رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وهو الأمر الذي أدى إلى تصاعد المخاوف من الركود في الوقت الذي زاد فيه انقلاب منحنى عائد سندات الخزانة بشكل أكبر. وأعرب مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي عن قلقهم حيال تقرير مؤشر أسعار المستهلك، ومع ذلك، أشاروا إلى أن رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس لا يزال خيارهم الأنسب ليدعموا بذلك المؤشرات الرئيسية لتعوض بعضًا من خسائرها السابقة.
أثرت إصدارات الأرباح الفصلية الواردة من البنوك الأمريكية الكبرى في البداية على الأسهم، حيث جاءت نتائج جيه بي مورجان JP Morgan ومورجان ستانلي دون التوقعات.
وبدأ جي بي مورجان موسم إعلان نتائج ارباح الربع الثاني يوم الخميس بنتائج أسوأ من المتوقع، مما دفع الرئيس التنفيذي للشركة إلى التعليق مشيرًا إلى أن الاقتصاد العالمي يتعامل مع "عوامل متضاربة" بما في ذلك التضخم المرتفع، وضعف ثقة المستهلك، وتشديد السياسات النقدية.
من ناحية أخرى، جاءت الأرباح الفصلية لسيتي جروب Citigroup في الربع الثاني أعلى من المتوقع، مما رفع سعر السهم خلال تداولات يوم الجمعة، ليغلق بذلك الأسبوع على ارتفاع يصل الى 6.75%. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 S&P بنسبة 0.93%، حيث أنهت جميع القطاعات تداولات الأسبوع على انخفاض باستثناء السلع الاستهلاكية الأساسية (+0.11%). وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي Dow Jones بنسبة 0.16% بعدما عوض معظم خسائره الأسبوعية خلال تداولات يوم الجمعة، حيث سجل مكاسب بنسبة 2.15%.
وفي الوقت نفسه، خسر مؤشر ناسداك المركب Nasdaq لأسهم الشركات التكنولوجية الكبرى نحو 1.57%. وتجدر الإشارة إلى أن سعر سهم تويتر انخفض بنسبة 11.3% خلال تداولات يوم الاثنين حيث قام إيلون ماسك بإلغاء صفقة شراء الشركة والتي كانت تبلغ 44 مليار دولار. أما بالنسبة لتقلبات الأسواق، فقد انخفضت للأسبوع الرابع على التوالي طبقًا لقراءات مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق الذي تراجع بمقدار 0.41 نقطة ليستقر عند 24.23 نقطة، أي أدنى من متوسطه البالغ 26.39 منذ بداية العام وحتى تاريخه.
واتبعت الأسهم الأوروبية خطى نظيراتها الأمريكية، حيث انخفضت المعنويات بسبب وصول اليورو إلى مستوى التعادل مع الدولار. علاوة على ذلك، تأججت المخاوف من حدوث ركود اقتصادي وسط توقعات برفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بوتيرة أكثر قوة، وتجديد الصين لإجراءاتها في مواجهة أزمة فيروس كورونا. وتراجع مؤشر STOXX 600 بنسبة 0.8% بقيادة قطاعي البنوك (-5.2%) والموارد الأساسية (-5.1%). كما خسرت المؤشرات الأوروبية أخرى، بما في ذلك مؤشر DAX الألماني (-1.16%) الذي خسر على خلفية حالة القلق إزاء انخفاض إمدادات الغاز بعد إغلاق خط أنابيب "نورد ستريم 1".
كما تراجع مؤشر FTSE 250 البريطاني بنسبة 0.42%، وفي الوقت نفسه، ارتفع مؤشر CAC الفرنسي بشكل طفيف بنسبة 0.048%. وتجدر الإشارة إلى أن المؤشر FTSE MIB الإيطالي الرئيسي هبط بنسبة 3.86% بسبب الاضطرابات السياسية.
وبالانتقال إلى أسهم الأسواق الناشئة، انخفض مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI EM بنسبة 3.77% ليستقر عند 961.845 نقطة، لينهى تداولات الأسبوع عند مستوى دون الـ 1000 نقطة للجلسة الـ 11 على التوالي، حيث أدى تزايد المخاوف بشأن حدوث ركود عالمي وسط مسار تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية بوتيرة أكثر قوة إلى تراجع شديد بالأصول الخطرة. انخفض المؤشر في مطلع الأسبوع، حيث أثر ارتفاع حالات الإصابة جراء فيروس كورونا والغرامات المفروضة على شركات التكنولوجيا الصينية على معنويات المخاطرة لدى المستثمرين.
واستمرت سلسلة التراجعات خلال باقي الأسبوع، حيث زاد المستثمرون من رهاناتهم حول إمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماعه المقرر عقده يومي 26 و 27 يوليو على خلفية ورود بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي ومؤشر أسعار المنتجين أعلى مما كان متوقعًا.
كما أثقلت المخاوف من الركود على معنويات المستثمرين والتي اتسمت بالضعف، لتدفع بدورها المتداولين إلى التخارج الجماعي من الأصول الخطرة وتوجههم نحو الملاذ الآمن مثل الدولار.
وفي الصين، أغلقت معظم مؤشرات الأسهم الرئيسية على انخفاض، حيث سجلت خسائر في كل يوم تقريبًا من أيام الأسبوع على خلفية زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا، ومع تسبب الإجراءات التنظيمية الصارمة والمفروضة على شركات التكنولوجيا في البلاد في إثارة مخاوف المستثمرين.
البترول:
انخفضت أسعار النفط بنسبة 5.48% لتصل إلى 101 دولار للبرميل على خلفية الضغط التي تشهده معدلات الطلب وسط أنباء عن تشديد عمليات الإغلاق في الصين جراء انتشار فيروس كورونا، إلى جانب تصاعد العلامات التي تدل على حدوث تباطؤ اقتصادي.
وخلال تداولات الأسبوع، تراجعت أسعار النفط إلى ما دون مستوى الـ 100 دولار للمرة الأولى منذ مارس 2022. وتأججت المخاوف بشأن حدوث ركود عالمي بعد ارتفاع بيانات التضخم، والتي جعلت من المرجح أن تبطئ الحكومات من نمو الاقتصاد في معركتها ضد ارتفاع الأسعار. وعلى صعيد الإنتاج، صرح رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط بأن ليبيا ستستأنف إنتاج وتصدير النفط من جميع حقولها بعد التوصل إلى اتفاق مع المتظاهرين ورؤساء القبائل.
من ناحية أخرى، قال ولي عهد السعودي محمد بن سلمان، خلال اجتماعه مع الرئيس الأمريكي والقادة العرب يوم السبت، إن البلاد لا تملك القدرة على زيادة الإنتاج إلى أكثر من 13 مليون برميل يوميًا، في حين أن مستوى الإنتاج الحالي يبلغ 12 مليون برميل يوميًا.