رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

تقرير: الاحتياطي الفيدرالي يبطئ وتيرة رفع معدلات الفائدة

الأسواق العالمية
الأسواق العالمية
هل الموضوع مفيد؟
شكرا

وصل تصاعد معنويات المخاطرة الذي شهدته الأسواق خلال شهر يناير إلى نهايته بشكل مفاجئ في شهر فبراير، حيث تلاشت الآمال المتعلقة بانحسار التضخم، وبقيام البنوك المركزية بالتحول نحو تيسير السياسة النقدية.


ففي اليوم الأول من شهر فبراير، قام الاحتياطي الفيدرالي بإبطاء وتيرة رفع معدلات الفائدة، وذلك بعد أن قام برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما كان متوقعًا، إلا أنه أشار إلى احتمالية الاستمرار في إبقاء معدل الفائدة مرتفعًا لفترة أطول عما كان متوقعًا.

وخلال هذا الشهر، أدى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بالولايات المتحدة بشكل غير متوقع، فضلًا عن صدور البيانات التي أظهرت صلابة الاقتصاد وقوة سوق العمل إلى دفع العديد من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي إلى الإدلاء بتصريحات حول دعمهم لرفع معدل الفائدة بمقدار ٥٠ نقطة أساس خلال اجتماع شهر مارس، كما أدى صدور هذه البيانات الى تسجيل سندات الخزانة قصيرة الأجل لأعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية التي حدثت في عام 2007. وبالمثل، رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في بداية هذا الشهر، كما ارتفع معدل التضخم بعد تباطؤه لمدة شهرين، مما دفع العديد من أعضاء البنك المركزي الأوروبي إلى التأكيد على أنه ينبغي توقع استمرار تشديد السياسة النقدية بوتيرة أقوى. وظلت المخاوف من حدوث ركود في بؤرة الاهتمام، حيث قامت الأسواق بتقييم تشديد البنك المركزي للسياسة النقدية، وتقييم البيانات التي أشارت إلى أنه قد تم مراجعة بيانات الناتج المحلي الإجمالي بالولايات المتحدة، وأوروبا، وهونج كونج هبوطيًا.

وظهرت التوترات السياسية مرة أخرى على الساحة، وذلك في ظل وجود تصعيد قوي للخلافات بين الولايات المتحدة والصين، حيث استمرت الصين في تعزيز أواصرها مع روسيا، إلى جانب الاشتباه في قيامها بالتفكير في إمداد روسيا بأسلحة فتّاكة. وفيما يتعلق بالكوارث الطبيعية، تشير التقديرات إلى أن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في وقت سابق من الشهر كبّد تركيا وحدها أضرار بقيمة 100 مليار دولار.

ولإنقاذ سوقها من تكبد المزيد من الأضرار، اتخذت الحكومة التركية خطوات فعّالة على مدار الشهر، بما في ذلك التدخل في العملة.

أشارت بيانات التضخم، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك (الشكل رقم ١)، ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (الشكل رقم 3)، ومؤشر أسعار المنتجين (الشكل رقم 4)، إلى استمرار ضغوط الأسعار، حيث شهدت المؤشرات الاقتصادية الثلاثة زيادة شهرية غير متوقعة في معدل التضخم العام، وذلك وفقًا لبيانات التضخم لشهر يناير. وعلى الرغم من أن أسعار الطاقة ساهمت بقوة في ارتفاع التضخم خلال شهر يناير، إلا أن باقي مكونات مؤشر أسعار المستهلك (الشكل رقم 2)، مثل تكاليف الغذاء، والمسكن، والنقل أظهرت نموًا مستمراً على مدار الشهرين الماضيين. وسلطت بيانات التضخم لشهر يناير الضوء على أمرين: أولهما أن التضخم قد يكون أشد رسوخًا مقارنةً بتوقعات الكثيرين، وثانيهما أن الاستهلاك بالولايات المتحدة يتسم بالصلابة، مما يمهد الطريق أمام الاحتياطي الفيدرالي للاستمرار في زيادة تشديد السياسة النقدية بوتيرة أقوى.

وبالمثل، سجلت بيانات مؤشر أسعار المستهلك في الاتحاد الأوروبي ارتفاعا خلال شهر فبراير على عكس التوقعات، وذلك بعد تباطؤ دام لمدة ثلاثة أشهر،  وتصاعد معدل التضخم الأساسي إلى مستوى قياسي جديد على أساس سنوي، مما أدى الى تلاشي الآمال بأن تتراجع الضغوط على الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، صعدت معدلات التضخم على نحو مفاجئ في أكبر ثلاثة اقتصادات في المنطقة: ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، مما يشير إلى احتمالية تأثر بلدان أخرى في أوروبا. وعلى العكس من ذلك، أظهرت بيانات مؤشر أسعار المنتجين لشهر يناير، والتي صدرت في شهر فبراير، هبوط مفاجئ وهو ما يرجع بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار الغاز الطبيعي.

وعلى عكس نظرائها، تباطأت قراءات مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين بشكل أسرع مما كان متوقعًا لشهر يناير في المملكة المتحدة، وكانت هذه البيانات قد صدرت على مدار الشهر. وعلى الرغم من تراجع مستوى التضخم، إلا أن مؤشر أسعار المستهلك في بريطانيا لا يزال ثابت عند 10.1% على أساس سنوي، وهو أعلى بكثير من بيانات مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. ويرجع انخفاض التضخم إلى عدم توازن سوق العمل وعوامل أخرى مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مما يشير إلى احتمالية تفاقم أزمة تكلفة المعيشة.

وقد قفزت مبيعات التجزئة الأمريكية بنسبة 3%، لتسجل أكبر ارتفاع لها فيما يقرب من عامين، وذلك خلال شهر يناير بعد سلسلة من الخسائر استمرت لشهريين متتاليين. وجاء هذا الارتفاع نتيجة لزيادة نسبة المشتريات من السيارات 

وفي أوروبا، تراجعت مبيعات التجزئة كما كان متوقع في شهر ديسمبر، متماشيًا مع التوقعات، لتسجل بذلك انخفاضها الشهري للمرة الثالثة على التوالي.  

واتبع المستهلكون في المملكة المتحدة خطى نظرائهم في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت مبيعات التجزئة بوتيرة أبطأ من المتوقع على خلفية ارتفاع تكاليف السلع والخدمات بصورة أسرع من الأجور، مما يُضعف من القوة الشرائية للأفراد. 

وفيما يتعلق بالنشاط التجاري، استمر قطاع الخدمات في الولايات المتحدة تصاعده بشكل كبير خلال شهر فبراير، ليصل إلى أعلى مستوى له في عام واحد مع زيادة معدلات التوظيف. وفي ذات الوقت، انخفض مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع إلى ما دون التوقعات، إلى جانب تراجع بيانات تقرير الوظائف إلى ما دون مستوى الـ 50 نقطة.

اتبع مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع بالاتحاد الأوروبي نفس مسار الولايات المتحدة، حيث انكمش ليسجل مستوى أقل بقليل من شهر يناير، وهو ما كان متوقعًا. وفي هذه الأثناء، تحسن قطاع الخدمات بشكل ملحوظ، حيث وصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر يونيو، مما زاد من التوقعات بشأن قدرة اقتصاد الاتحاد الأوروبي على تلافي حدوث ركود.

وبالنسبة للمملكة المتحدة، فقد تحسن نشاط قطاع التصنيع بشكل طفيف وجاء أفضل من التوقعات في شهر فبراير. وارتفع قطاع الخدمات كما كان متوقع، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر يونيو. وأشارت وكالة ستاندرد آند بورز إلى تأثير انتعاش النشاط التجاري على توقعات حجم رفع سعر الفائدة.

وفيما يتعلق بثقة المستهلك في الولايات المتحدة، سجلت بيانات مؤشر ثقة المستهلك بجامعة ميشيجان لشهر فبراير أعلى مستوى لها منذ شهر يناير 2022، وجاءت أعلى من المتوقع. ولكن في وقت لاحق من الشهر، انخفض المؤشر بشكل مفاجئ على خلفية تدهور التوقعات حيال النمو الاقتصادي خلال الستة أشهر المقبلين وهو  مما طغى على تأثير صلابة سوق العمل 

انتعشت مؤشرات الثقة في الاتحاد الأوروبي إلى أعلى مستوى لها في عام حيث أصبح المستثمرون أكثر ثقة بأن أسوأ ما في أزمة الطاقة قد انتهى.

وبالمثل، سجلت ثقة المملكة المتحدة أعلى مستوى لها منذ أبريل 2022، مما يشير إلى مرونة الدخل لدى الأسر على الرغم من ارتفاع تكاليف المعيشة.

تم خفض القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الرابع من عام 2022 خلال الشهر، وهو ما يتماشى مع التوقعات ولكنها جاءت أقل من قراءة الشهر السابق وأقل بكثير من قراءة الربع السابق. 

على الرغم من عمليات التسريح الضخمة للعمالة والتي أعلنت عنها الشركات الكبرى، استمرت مطالبات البطالة في الإشارة إلى أداء أفضل من المتوقع لسوق الوظائف، وهو ما أضاف إلى الآمال بأن الاقتصاد قد يواجه فقط انكماشًا بسيطاً، لكنه قد يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

صدر تقرير الوظائف عن شهر يناير، خلال شهر فبراير، وجاءت بياناته أفضل بكثير مما كان متوقعا. وطبقاً للتغيير في رواتب الوظائف غير الزراعية، فإن الوظائف الجديدة التي تم اضافتها في يناير زادت بأكثر من الضعف عن التقديرات وعن شهر ديسمبر. كما تراجع معدل البطالة بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى له منذ عام 1969، منخفضًا عن التوقعات وأدنى من مستوى شهر ديسمبر. 

أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي أنه قد تمكن من تجنب الركود، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.1% على أساس ربع سنوي وذلك في الربع الرابع من العام الماضي، متماشياً مع توقعات المحللين ولكنه جاء أبطأ من نمو الربع الثالث الذي جاء عند 0.3%. أما بالنسبة لنمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، فقد سجل نمواً بنسبة 1.9% كما كان متوقعًا، وهو أقل من الربع السابق.

وعلى صعيد سوق العمل في الاتحاد الأوروبي، جاء معدل البطالة لشهر ديسمبر، والذي صدرت بياناته خلال شهر فبراير، متماشيا مع التوقعات، ولكنه اقل من معدل شهر ديسمبر.    

وبالانتقال إلى المملكة المتحدة، تجنب الاقتصاد ركودًا فنياً ولكن معدلات النمو أصبحت ساكنة، مما يؤكد احتمالية حدوث انكماش في الفصول الربع سنوية القادمة. وبقياس ربع سنوي، لم ينمو الناتج المحلي الإجمالي أو ينكمش في الربع الرابع، كما هو متوقع، ولكنه تحسن بالمقارنة بالانكماش الذي شوهد في الربع الثالث. وعلى أساس سنوي، شهد الناتج المحلي الإجمالي زيادة طفيفة في الربع الرابع، متماشياً مع التوقعات لكن أقل من معدل النمو في الربع الثالث.

ظلت أوضاع معدل نمو الوظائف في المملكة المتحدة مستقرة إلى حد ما مع تسجيل معدل البطالة لثلاثة أشهر بنهاية ديسمبر نحو 3.7%، وهو ما كان متوقعًا، وذلك دون تغيير عن الشهر السابق.

 

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب