تقرير: تراجع المخاوف بشأن الاضطرابات المصرفية في العالم
كشفت النشرة الدوريه المختصره للتوعية بأهم تطورات الأسواق العالمية خلال الفترة من 24مارس الي 31 مارس 2023.، أن الأسواق شهدت ارتفاعًا قويًا في معنويات المستثمرين تجاه المخاطرة هذا الأسبوع حيث تراجعت المخاوف بشأن الاضطرابات المصرفية في العالم بعد أن استمر المسؤولون في الإشارة إلى تقديم الدعم وبعد أن تم الاستحواذ على أحد البنوك الأمريكية المنهارة.
علاوة على ذلك، تراجعت بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي الأمريكية، وهي مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما يشير إلى أن الضغوط التضخمية ربما تكون قد هدأت. وسجلت الأصول ذات المخاطر ارتفاعاً في جميع أنحاء العالم، حيث شهدت كل من أسواق الأسهم المتقدمة والناشئة مكاسب قوية.
في الوقت نفسه، ارتفعت عوائد سندات الخزانة على مستوى جميع آجال الاستحقاق حيث كرر المتحدثون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الإعلان عن الحاجة إلى مزيد من التشديد النقدي على الرغم من حالة عدم اليقين التي سادت القطاع المصرفي. أما بالنسبة للنفط، فقد قفزت الأسعار بشكل حاد حيث أوقفت تركيا الإمدادات القادمة من إقليم كردستان شمال العراق، وهو ما يهدد 0.5% من المعروض العالمي.
تحركات الأسواق
سوق السندات:
بعد ثلاثة أسابيع من الانخفاض، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية حيث هدأت المخاوف بشأن تداعيات الأزمة المصرفية ومع استمرار العديد من المتحدثين في الاحتياطي الفيدرالي في التأكيد على ضرورة استمرار وتيرة التشديد النقدي، لتسجل السندات الأمريكية خسائر عبر جميع آجال الاستحقاق، وعلى الأخص عند الجزء من المنحنى الخاص بالآجال القصيرة، حيث ساعدت أخبار الاستحواذ على بنك سيليكون فالي SVB وتقديم مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية FDIC المزيد من الدعم للبنوك الأمريكية على تهدئة المخاوف بشأن الأزمة التي يتعرض لها القطاع المصرفي وأدت إلى انخفاض الطلب على أصول الملاذ الآمن وبالتالي تعرضت سندات الخزانة لموجة بيعية. وعلى مدار الأسبوع، أكد العديد من المتحدثين في الاحتياطي الفيدرالي على أنه على الرغم من أن الأزمة المصرفية لم تنقشع بالكامل، إلا أن القطاع لا يزال قوياً وسيستمر تقديم الدعم له. والأهم من ذلك، أضاف المتحدثون أيضًا أن التضخم لا يزال مرتفعًا وأنه سيكون من المناسب لبنك الاحتياطي الفيدرالي أن يواصل دورة التشديد النقدي. وكانت عوائد سندات الخزانة قد زادت كل يوم من أيام الأسبوع تقريبًا، باستثناء يوم الجمعة حيث انخفضت بشكل طفيف بعد أن جاءت بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي منخفضة قليلاً بشكل مفاجئ على أساس سنوي، ويعد مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي هو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي.
عملات الأسواق الناشئة
حققت عملات الأسواق الناشئة مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي، حيث ارتفع مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة بمقدار 0.39%، بقيادة عملات أمريكا اللاتينية وغرب أوروبا، حيث كانت هذه العملات هي الأكثر استفادًة من هدوء الاضطرابات التي شهدها القطاع المصرفي في الولايات المتحدة وأوروبا. وارتفعت عملات الأسواق الناشئة بشكل رئيسي نتيجة تراجع الدولار على الرغم من تزايد توقعات الأسواق بشأن قرار الاحتياطي الفيدرالي الخاص بمسار سعر الفائدة.
حققت غالبية العملات التي يتتبعها مؤشر بلومبرج مكاسب خلال تعاملات هذا الأسبوع. وكان الريال البرازيلي (+3.62%) أفضل العملات أداءً هذا الأسبوع، واستمرت سلسلة مكاسبه ستة أيام، بدعم من صدور تقرير ميزان الحساب الجاري لشهر فبراير، والذي أشار إلى وجود عجز ضئيل في الميزان يقل عما كان متوقعًا. علاوة على ذلك، توصلت الصين والبرازيل إلى اتفاق يقضي بالحد من التعامل بالدولار واستخدام عملتيهما المحليتين في تعاملاتهما التجارية المشتركة، وذلك في خطوة تهدف إلى تقليل اعتماد الدولتين على الدولار. وكان البيزو الكولومبي (+2.44%) ثاني أفضل العملات أداءً، حيث استمرت سلسلة مكاسب العملة لمدة ثمانية أيام خلال تداولات هذا الأسبوع قبل أن يتراجع يوم الخميس، كما كانت الأسواق تتطلع إلى أن يعلن البنك المركزي الكولومبي عن نهاية دورة تشديد السياسة النقدية، والتي ألحقت ضررًا باقتصاد البلاد، وذلك خلال اجتماع السياسة النقدية هذا الأسبوع. ومع ذلك، رفع صانعو السياسة معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس وهو ما كان متوقعًا، كما أن البنك أبقى الباب مفتوحًا أمام رفع أسعار الفائدة بوتيرة أقوى بناءً على البيانات الصادرة، وهو الأمر الذي قلص بعض المكاسب التي شهدها البيزو خلال تعاملات هذا الأسبوع. وتجدر الإشارة إلى أن كلًا من الريال البرازيلي والبيزو الكولومبي استفادا من ارتفاع أسعار النفط، نظرًا لحجم صادراتهما البترولية الكبير. ومن ناحية أخرى، كان البيزو الأرجنتيني (-1.54%) أسوأ العملات أداءً هذا الأسبوع نتيجة تزايد المخاوف حيال احتمالية التخلف عن سداد الديون. ومن الجدير بالذكر أنه خلال نهاية هذا الأسبوع، وافق صندوق النقد الدولي على دفع شريحة جديدة من المساعدات بشكل فوري إلى الأرجنتين، وذلك بعد يومين من اجتماع الرئيس الأرجنتيني مع بايدن لمناقشة علاقات التعاون الاقتصادية بين الدولتين. وكان الوون الكوري الجنوبي (-0.60%) ثاني أسوأ العملات أداءً، حيث تضررت العملة نتيجة مخاوف تصعيد الخلافات الجيوسياسية مع كوريا الشمالية. علاوة على ذلك، هدد رئيس كوريا الشمالية خلال هذا الأسبوع بأنه مستعد لاستخدام الأسلحة النووية "في أي وقت، وفي أي مكان"، وذلك بعد وصول حاملة طائرات أمريكية إلى كوريا الجنوبية.
الذهب
تراجعت أسعار الذهب للأسبوع الثاني على التوالي، حيث انخفضت بنسبة 0.45% لتستقر عند 1969.28 دولار للأونصة مع زيادة عوائد سندات الخزانة وتراجع الطلب على الملاذ الآمن. وجاء غالبية انخفاض أسعار الذهب بسبب تراجع الطلب على الملاذ الآمن، حيث خسر نحو 1.09% يوم الإثنين بعد ورود أنباء تفيد بأن بنك سيليكون فالي SVB قد تم الاستحواذ عليه وأنه يمكن تقديم المزيد من الدعم للقطاع المصرفي، مما يقلل من المخاوف من حدوث انهيار بالبنوك الأمريكية ويزيد الطلب على الأصول ذات المخاطر.
عملات الأسواق المتقدمة:
على الرغم من ارتفاع عوائد سندات الخزانة والتوقعات المتزايدة لوتيرة تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية، انخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.59%، حيث تراجع للأسبوع الثالث على التوالي واستقر عند أدنى مستوى له في شهر. وجاء انخفاض المؤشر على خلفية ارتفاع معظم العملات الأخرى التي يقاس أمامها المؤشر. و أدت إعادة موازنة المحافظ الاستثمارية في نهاية الشهر وانخفاض الطلب على الدولار الى زيادة الضغط على المؤشر ليدفعه للهبوط. وسجل اليورو صعوداً للأسبوع الخامس على التوالي، مرتفعاً بنسبة 0.73% على خلفية ضعف الدولار، كما صرح العديد من أعضاء البنك المركزي الأوروبي بأن هناك مجالًا لمزيد من التشديد للسياسة النقدية، خاصة مع ارتفاع معدل التضخم في ألمانيا بشكل مفاجئ في يوم الخميس. وتلقت العملة أيضًا دعمًا بعد أن فاجأت بيانات معنويات الأعمال في ألمانيا بارتفاعها ومع استمرار أعضاء البنك المركزي الأوروبي في طمأنة الأسواق بشأن صلابة النظام المصرفي الأوروبي، مما عزز المعنويات بشكل أكبر. أما بالنسبة لبريطانيا، فقد ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.85% على خلفية ضعف الدولار الأمريكي ومع تحسن التوقعات الاقتصادية للبلاد. وتحسنت المعنويات تجاه الافاق الاقتصادية للمملكة المتحدة حيث أكد أندرو بايلي محافظ بنك إنجلترا للأسواق على أهمية وجود تسلسل هرمي للائتمان بالمملكة المتحدة ، و حيث تم تعديل قراءات الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع بالزيادة. وبعد أربعة أسابيع متتالية من الصعود، تراجع الين الياباني بنسبة 1.60% مع انخفاض الطلب على أصول الملاذ الآمن هذا الأسبوع، وكما ذكر صندوق النقد الدولي أن بنك اليابان يجب أن يتجنب الخروج المبكر من سياسة التيسير النقدي، مما يبرز أن بنك اليابان من المرجح أن يحافظ على سياسته النقدية التيسيرية.
أسواق الأسهم ارتفعت الأسهم الأمريكية خلال تداولات هذا الأسبوع، محققةً أفضل أداء أسبوعي لها منذ نهاية شهر نوفمبر الماضي، مع تلاشي المخاوف من انتقال أزمة انهيار القطاع المصرفي بالولايات المتحدة إلى الأسواق الأخرى، ومع تراجع بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي بشكل طفيف، وهو ما أدى إلى ارتفاع شهية المخاطرة. وحققت الأسهم معظم المكاسب خلال تداولات يومي الأربعاء والجمعة، حيث جاءت مكاسب يوم الأربعاء نتيجة تلاشي المخاوف من انتقال تداعيات أزمة القطاع المصرفي بالولايات المتحدة إلى الأسواق الأخرى بشكل كبير، في حين تحققت مكاسب الأسهم في يوم الجمعة على خلفية تباطؤ الأسعار قليلاً ببيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي بقياس سنوي. وتعززت مكاسب الأسهم بفضل البيانات الاقتصادية الإيجابية، حيث ارتفع كل من مؤشر المبيعات المنتظرة للمنازل، ومؤشر ثقة المستهلك بشكلٍ مفاجئ، مما يشير إلى استمرار تزايد معدلات الاستهلاك بالولايات المتحدة. وصعد مؤشر ستاندرد أند بورز S&P 500 بمقدار 3.48%، ليستقر عند أعلى مستوى له منذ الأسبوع الأول من شهر فبراير 2023، حيث ارتفع بأسرع وتيرة له منذ نوفمبر 2022. وحققت جميع القطاعات المُدرجة في المؤشر مكاسب، بقيادة القطاعات الدورية - الأكثر تأثرًا بالدورة التجارية - مع تلاشي المخاوف من حدوث ركود اقتصادي. وعلى الرغم من التوقعات باتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو زيادة وتيرة تشديد السياسة النقدية، إلا أن الأسهم التكنولوجية سجلت تفوقاً، حيث حقق مؤشر ناسداك المركب Nasdaq Composite، ومؤشر+Fang مكاسب بنسبة 3.37%، و4.21% على التوالي، بعد أن تلقى المؤشر دعمًا من إعادة هيكلة شركة علي بابا. وبالمثل، حقق كل من مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الكبرى Dow Jones، ومؤشر Russell 2000 للشركات ذات رأس المال الصغير مكاسب بنسبة 3.22%، و3.89% على التوالي. وشهدت الأسواق حالة من الهدوء النسبي بعدما تراجعت تقلبات السوق طبقًا لمؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق بمقدار 3.04 نقطة ليستقر عند 18.70 نقطة، إلا أنه لا يزال أدنى من متوسطه منذ بداية العام وحتى تاريخه والبالغ 20.59 نقطة.
وعلى مستوى الأسواق الأوروبية، حققت الأسهم أيضًا مكاسب، إلا أنها تفوقت بنسبة طفيفة على نظرائها بالولايات المتحدة، وذلك نظرًا إلى تفاؤل المتداولون حيال أوضاع الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من تسجيل التضخم الأساسي مستوى قياسي جديد مرتفع، ومع استمرار العديد من أعضاء البنك المركزي الأوروبي في الإشارة إلى أنه لا تزال توجد مساحة لتشديد السياسة النقدية بوتيرة أقوى، شهدت الأسهم في أوروبا أسبوع تداول إيجابي مع تلاشي المخاوف حيال الاضطرابات التي تعرض لها القطاع المصرفي بالولايات المتحدة وسويسرا، ومع إعادة تأكيد العديد من أعضاء البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا للأسواق على صلابة القطاع المصرفي. وحقق مؤشر STOXX 600 مكاسب بنسبة 4.03%، حيث ارتفعت جميع القطاعات المُدرجة في المؤشر. كما ارتفعت المؤشرات الرئيسية الأخرى في المنطقة، بما في ذلك CAC 40 الفرنسي (+ 4.38%)، ومؤشر DAX الألماني (+ 4.49%)، ومؤشر FTSE MIB الإيطالي (+4.72%)، ومؤشر FTSE 250 البريطاني (+ 2.35%).
أسهم الأسواق الناشئة وبالانتقال إلى الأسواق الناشئة، حققت الأسهم أيضًا مكاسب مع تلاشي المخاوف حيال الأزمة التي شهدتها القطاعات المصرفية على مستوى العالم، ومع قيام البيانات الاقتصادية الصينية القوية بتعزيز شهية المخاطرة. وحقق مؤشر مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة MSCI EM مكاسب بنسبة 1.86%، وذلك بقيادة المكاسب واسعة النطاق التي حققتها أسواق الأسهم حول العالم. وحقق كل من مؤشر شنغهاي المركب في الصين، ومؤشر هانج سنج Hang Seng في هونغ كونغ مكاسب بنسبة 0.22%، و2.43% على التوالي، متفوقين على نظرائهم بالصين بسبب الأنباء الواردة عن إعادة هيكلة شركة علي بابا، حيث ذكرت الشركة أنها ستنقسم إلى ست مجموعات تجارية مستقلة، والتي ستقوم بدورها في استكشاف فرص جمع التمويل أو الإدراج بالبورصة. وفي أمريكا اللاتينية، حقق مؤشر مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة بأمريكا اللاتينية MSCI LATAM مكاسب بنسبة 5.64%، ليسجل بذلك أفضل أداء أسبوعي له منذ بداية 2023 حتى الآن. وحققت أسواق الأسهم بالمنطقة مكاسب وسط تحسن المعنويات، وعلى خلفية ارتفاع أسعار النفط، والذي يُعد من أكبر السلع التي تقوم بتصديرها دول المنطقة.
البترول:
ارتفعت أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي بمقدار 6.37%، لتستقر عند 79.77 دولارًا للبرميل. وجاءت معظم مكاسب النفط يوم الاثنين، حيث سجل النفط أفضل أداء يومي له خلال عام 2023 وحتى تاريخه، بعد أن ارتفع بمقدار 4.17%، وذلك نتيجة التخوف من شح إنتاج النفط بسبب تعليق تصدير النفط من إقليم كردستان بالعراق في ظل وجود خلافات مع الحكومة التركية. علاوة على ذلك، خيمت حالة من القلق على الأسواق هذا الأسبوع نتيجة خفض الإنتاج العالمي بأكثر من 400 ألف برميل بسبب هذه الخلافات، وهو ما تسبب بدوره في رفع الأسعار. وعلى صعيد آخر، تراجعت مخزونات النفط الأمريكي الخام بشكل غير متوقع خلال تعاملات الأسبوع المُنتهي يوم 24 مارس، وهو ما يشير إلى تعافي الطلب على النفط في الفترة القادمة. وأشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى تراجع مخزونات النفط الخام بمقدار 7.5 مليون برميل، وهو أكبر انخفاض أسبوعي شهدته مخزونات النفط منذ بداية العام وحتى تاريخه، مقارنةً بتوقعات المحللين خلال الاستطلاع الذي أجرته رويترز، والذي توقع ارتفاع مخزونات النفط بمقدار 100 ألف برميل.