مجموعة QNB: منطقة جنوب شرق آسيا لا نرجح أن تعود إلى معدلات النمو السائدة قبل الجائحة في 2023
قال بنك قطر الوطني QNB إن منطقة جنوب شرق آسيا لا يرجح أن تعود إلى معدلات النمو السائدة قبل الجائحة في عام 2023، لافتا إلى أن العام الجاري وفر بيئة أقل دعما مما كان يتوقع.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أنه وقبل جائحة كوفيد، كانت منطقة جنوب شرق آسيا واحدة من أكثر المناطق ديناميكية حول العالم مع أعلى توقعات نمو، حيث كانت الاقتصادات الستة الأكبر في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان-6)، والتي تشمل إندونيسيا وتايلاند وسنغافورة وماليزيا وفيتنام والفلبين، من أسرع الاقتصادات نموا في العقود الأخيرة، ومع انتهاء جائحة "كوفيد" وبدء عملية إعادة الانفتاح في الصين، كان من المتوقع أن تعود هذه البلدان إلى معدلات النمو القوية المسجلة في السنوات السابقة، ولكن تبين أن عام 2023 وفر بيئة أقل دعما مما كان يتوقع، وتم تعديل التوقعات وفقا لذلك.
ولفت البنك إلى أن بيانات "بلومبرغ" تظهر أن توقعات النمو لهذا العام سيكون أقل في مختلف اقتصادات آسيان-6 من متوسطاته التي كانت سائدة قبل جائحة كوفيد في 2019 ــ 2021 ، حيث انخفض إجمالي توقعات النمو لعام 2023 لآسيان-6 منذ منتصف عام 2022 بمقدار 0.80 نقطة مئوية، من 5 بالمئة إلى 4.2 بالمئة، ليستقر عند أقل من متوسط 5.1 بالمئة للمنطقة خلال الفترة 2019 ــ 2021.
وأوضح البنك أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية وراء أداء آسيان-6 للعام الجاري، أولها: إن أسعار الفائدة المرتفعة والأوضاع المالية المشددة في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، وكذلك في دول آسيان-6، تعني أن البيئة الحالية أقل دعما للنمو. في الاقتصادات المتقدمة، تعتبر الأوضاع المالية في أكثر مستوياتها تشديدا منذ سنوات، مشيرا إلى رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 525 و400 نقطة أساس، على التوالي، منذ النصف الأول من عام 2022. على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح متى ستكتمل دورات التشديد هذه، إلا أن أسعار الفائدة المرتفعة من المتوقع أن تستمر لفترة أطول في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية.
وأشار إلى تطبيق البنوك المركزية في دول آسيان-6 دورات التشديد النقدي الخاصة بها من أجل احتواء التضخم المحلي، لافتا إلى بلوغ متوسط الزيادة في أسعار الفائدة الرسمية 230 نقطة أساس في هذه الاقتصاديات، مع تنفيذ أكثر جولات الزيادة صرامة في الفلبين وسنغافورة، مع زيادات متراكمة قدرها 425 و400 نقطة أساس على التوالي. حتى مع توقع وصول بعض البنوك المركزية في هذه المنطقة إلى نقطة تحول في سياستها النقدية، كان للتشديد المحلي والدولي بالفعل تأثير على النمو هذا العام، وستظل أسعار الفائدة المرتفعة تشكل عبئا على النشاط في المستقبل.
أما العامل الثاني بحسب تقرير بنك قطر الوطني QNB فيتمثل في ضعف الطلب الخارجي الذي ترجم إلى تباطؤ في نمو التجارة الدولية، وهو أمر مهم بشكل خاص لاقتصادات آسيان-6 المتكاملة عالميا، حيث تتقلب أحجام التجارة بالتزامن مع الدورات العالمية للتوسعات والانكماشات الاقتصادية. مع تباطؤ الاقتصاد العالمي حتى الآن هذا العام، ضعفت دوافع التجارة الدولية، من المتوقع أن يبلغ النمو في أحجام التجارة الدولية حوالي 1.7بالمئة في عام 2023، وهي علامة ضعيفة مقارنة بمستوى 2.5 بالمئة لفترة 5 سنوات قبل تفشي جائحة كوفيد ، مما يضيف عاملا آخر يساهم في انخفاض النمو الاقتصادي في اقتصادات آسيان-6.
وفيما يتعلق بالعامل الثالث لفت إلى أنه وبعد السياسات المالية التوسعية الكبيرة التي تم تنفيذها لدعم الاقتصادات خلال جائحة كوفيد، تواجه الحكومات الآن الحاجة إلى تطبيع مستويات ديونها وإنفاقها. بين عامي 2019 و2021، ارتفع مستوى الدين الحكومي بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 10 نقاط مئوية في اقتصادات آسيان-6، فيما بلغت الزيادات في الدين الحكومي 20 نقطة مئوية في الفلبين وسنغافورة، و17 نقطة مئوية في تايلاند (كان الاستثناء الوحيد هو فيتنام، حيث انخفضت النسبة فعليا بمقدار 1.5 نقطة مئوية). الآن، مع ارتفاع أسعار الفائدة والحاجة الملحة لإعادة بناء الهوامش المالية الوقائية، فإن الحكومات في طريقها لتحقيق الاستقرار في سياساتها المالية والتحكم في مستويات ديونها.
وأوضح أنه ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، تعمل دول آسيان-6 بشكل عام على تقليص الحوافز المالية هذا العام، على سبيل المثال، من المتوقع أن تنخفض النفقات الحكومية في ماليزيا بنسبة 7 بالمئة هذا العام بالقيمة الحقيقية. الاستثناء الوحيد هو فيتنام، حيث سيسمح نمو الناتج المحلي الإجمالي القوي للبلاد بتخفيض نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي حتى مع زيادة الإنفاق الحقيقي. ولذلك، باستثناء فيتنام، فإن السياسة المالية في دول آسيان-6 أقل دعما للنمو، وبالتالي ستساهم في ضعف الأداء في عام 2023.
واختتم بنك قطر الوطني QNB تقريره بالقول إنه وبشكل عام، تم تعديل توقعات النمو لاقتصادات آسيان-6 لهذا العام، على خلفية تشديد الأوضاع المالية المحلية والدولية، وضعف الطلب الخارجي، والسياسات المالية الأقل دعما. وعلى الرغم من أن النمو لا يزال قويا بالمعايير الدولية، إلا أنه أقل من أدائه التاريخي في فترة ما قبل الجائحة.