مجموعة QNB تتوقع استمرار الأوضاع المشددة في الاقتصادات المتقدمة
توقع بنك قطر الوطني QNB بقاء الأوضاع المالية المشددة في الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو، حتى النصف الأول من عام 2024، حيث ستظل أسعار الفائدة مرتفعة خلال الأشهر المقبلة، بينما سيعمل البنك المركزي الأوروبي، و/الاحتياطي الفيدرالي، على سحب السيولة من الأنظمة المصرفية.
وقال البنك في تقريره الأسبوعي إنه منذ بداية جائحة كوفيد-19، أدت سلسلة غير عادية من الصدمات العالمية إلى رفع معدلات التضخم في الاقتصادات المتقدمة إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود، فقد أدت الجائحة إلى عمليات إغلاق نتجت عنها قيود على العرض، في حين تعزز الطلب بفعل السياسات النقدية والمالية الميسرة.
وأضاف التقرير، أن ضغوط الأسعار زادت مع إعادة فتح الاقتصادات وارتفاع الطلب على الخدمات، بينما تسببت الحرب الروسية - الأوكرانية بصدمة في أسعار السلع، وبحلول منتصف 2022، وصل التضخم إلى 9.1 بالمئة في الولايات المتحدة، وسجل معدلا قياسيا مزدوج الرقم بلغ 10.7 بالمئة في منطقة اليورو، وكانت هذه المستويات بعيدة عن النسب المستهدفة بالسياسات النقدية، والبالغة 2 بالمئة.
ورغم التردد الأولي، كان رد فعل البنوك المركزية قويا لخفض معدلات التضخم إلى النسب المستهدفة، فقد شرع المركزي الأوروبي في دورة قياسية لتشديد أسعار الفائدة، حيث زاد سعر إعادة التمويل الرئيسي بمقدار 450 نقطة أساس إلى 4.5 بالمئة، وفي الولايات المتحدة، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة 525 نقطة أساس إلى 5.5 بالمئة.
ويرى التقرير أن دورات التشديد لها تأثير كبير على الأسواق المالية، ويوفر مؤشر الأوضاع المالية معلومات عن كلفة الائتمان، من خلال الجمع بين المعلومات المتعلقة بأسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل، وهوامش الائتمان، وعليه بدأ المؤشر يتصاعد بوتيرة ثابتة بداية 2022، وظل على ارتفاع منذ نهاية العام الماضي، وبالإضافة إلى ارتفاع التكاليف، فإن حجم الائتمان آخذ في الانكماش.
ويعتقد أن الأوضاع المشددة ستستمر حتى النصف الأول من 2024، ويعزى ذلك إلى عاملين، أولا، رغم التوقعات ببدء البنوك المركزية الرئيسية خفض أسعار الفائدة بالربع الثاني من 2024، يتوقع أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة في الأشهر المقبلة، بعد أن انخفضت معدلات التضخم بشكل كبير من ذروتها، حيث اقتربت المقاييس الرئيسة من 3 بالمئة في كلا الاقتصادين، ويرجع ذلك إلى انخفاض أسعار الطاقة، ولا يزال التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار السلع الأكثر تقلبا كالغذاء والطاقة أكثر ثباتا، ويفوق 4 بالمئة، وهو أعلى بكثير من المستوى، الذي يسعى إليه صناع السياسات، مما يدعم نهج الانتظار والترقب.
وتولي البنوك المركزية اهتماما خاصا بالمقياس الأساسي للأسعار، نظرا لأهميته المستمرة. ويسلط هذا المقياس الضوء على الأسعار التي تحددها العوامل المحلية، ويعكس الاتجاهات الأساسية، ولم نشهد مستويات التضخم الحالية في تاريخ منطقة اليورو منذ أوائل التسعينيات في الولايات المتحدة، في ظل بيئة اقتصادية مختلفة تماما، ونظرا للافتقار إلى الخبرة الحديثة في إدارة ارتفاع الأسعار بهذا الحجم، فسيتوخى صناع السياسات الحذر بشأن توقيت عملية البدء في خفض أسعار الفائدة.
ثانيا، سيستمر البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي في سحب السيولة من الأنظمة المصرفية من خلال التراجع عن عمليات توسيع الميزانية العمومية، التي تم تنفيذها خلال جائحة كوفيد، وقد تم تنفيذ هذه السياسات بسبب الظروف الاستثنائية للتخفيف من عواقب الجائحة.
ومن أجل تطبيع ميزانيته العمومية، بدأ الاحتياطي الفيدرالي التخفيض التدريجي في يونيو 2022، وخفض ميزانيته العمومية بمقدار 1.1 تريليون دولار حتى الآن من ذروة بلغت 8.9 تريليون دولار.
كما انخفضت أصول النظام الأوروبي بمقدار 1.8 تريليون يورو من ذروتها البالغة 8.8 تريليون يورو، لذا سيستمر التشديد الكمي حتى 2024، ما يقلل من السيولة الزائدة في النظام المالي، ومدى توفر الائتمان للشركات والأسر.
وخلص التقرير إلى أن أحدث استبيانات الإقراض المصرفي، التي أجراها المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي، تظهر تشديد معايير الائتمان باستمرار في الأرباع الأخيرة بوتيرة مماثلة لأحداث كأزمة الديون السيادية الأوروبية أو الأزمة المالية العالمية، وأدى انخفاض السيولة وتشديد معايير الإقراض، وارتفاع تكاليف القروض، إلى انخفاض أحجام الائتمان، التي بدأت الآن في الانكماش بالقيمة الحقيقية، وسيؤدي ذلك إلى بقاء الأوضاع المالية العامة مشددة.