مستقبل الدولار في مواجهة عملة البريكس: هل يشهد العالم تغييرا جذريا في النظام الاقتصادي؟
في أعقاب قمة البريكس الأخيرة، لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأنظار عندما ظهر وهو يحمل عملة ورقية تجريبية، تمثل نموذجًا مبدئيًا لعملة مشتركة محتملة بين دول البريكس،بعد عرض العملة على وزراء دول الاتحاد، سُلّمت لرئيس البنك المركزي الروسي كخطوة رمزية تشير إلى تحركات جادة نحو تغيير قواعد اللعبة المالية.
تعكس هذه الخطوة الطموح المتزايد لدى دول البريكس،لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، الذي يسيطر بشكل كبير على التجارة والتمويل العالميين، وتفتح هذه الخطوة تساؤلات مهمة حول مدى قدرة العملة الجديدة على تقليل هيمنة الدولار في الأسواق الدولية.
هيمنة الدولار
يهيمن الدولار على التجارة الدولية والاحتياطيات النقدية منذ اتفاقية بريتون وودز في 1944. يمثل الدولار حوالي 58% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمي، ويستخدم في تسعير معظم السلع الأساسية، مما يعزز مركزه، كذلك قوة الاقتصاد الأمريكي واستقراره تجعله الخيار المفضل للدول كمخزن للقيمة.
العملة التجريبية لدول البريكس
قدمت دول البريكس نموذجًا تجريبيًا لعملة موحدة تهدف إلى تسهيل التبادل التجاري بين الدول الأعضاء بعيدًا عن الدولار،كما تهدف هذه العملة إلى خفض تكاليف المعاملات وتقليل تأثير التقلبات في قيمة الدولار على اقتصادات البريكس،و يمكن أن تمثل العملة خطوة نحو استقلال اقتصادي أكبر لهذه الدول.
تحديات تواجه العملة الجديدة:
● تنسيق السياسات النقدية: تختلف السياسات النقدية بشكل كبير بين دول البريكس، مما يجعل من الصعب تحقيق توافق على عملة موحدة.
● هيمنة الدولار الواسعة: الدولار يمتلك قاعدة واسعة من المستخدمين والمؤسسات حول العالم، ما يجعله العملة المهيمنة ويصعب استبداله.
● التوترات الجيوسياسية: العلاقات المتوترة بين بعض دول البريكس قد تعيق التعاون اللازم لإطلاق عملة مستقرة وموحدة تلقى قبولًا عالميًا.
هل تستطيع العملة الجديدة إنهاء هيمنة الدولار؟
1. المدى القريب:
○ من غير المحتمل أن تنهي عملة البريكس الجديدة هيمنة الدولار في الأسواق العالمية على المدى القريب،وسيبقى الدولار خيارًا مفضلًا للكثير من الدول بسبب الثقة الراسخة به بالاقتصاد الأمريكي.
2. المدى البعيد:
○ إذا نجحت دول البريكس في تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بإطلاق عملة مشتركة، فقد تصبح هذه العملة بديلاً تدريجيًا في بعض القطاعات والأسواق الناشئة، ما قد يؤثر بشكل جزئي على دور الدولار، خاصة في التجارة الثنائية بين دول البريكس وبعض الاقتصادات الصاعدة.
3. التأثير المحتمل:
○ حتى وإن لم تتمكن العملة الجديدة من إنهاء هيمنة الدولار بالكامل، فإنها قد تشجع المزيد من الدول على تنويع احتياطياتها وتعزيز استقلاليتها عن النظام المالي الأمريكي، مما قد يخلق توازنًا اقتصاديًا أكثر تنوعًا.
يمثل النموذج التجريبي لعملة البريكس خطوة نحو تقليل الاعتماد على الدولار، مما قد يعزز استقلالية دول البريكس اقتصاديًا،رغم بقاء هيمنة الدولار قوية، قد يساهم التحرك الحالي في خلق نظام مالي أكثر توازنًا. على المدى البعيد، قد تؤدي العملة الجديدة إلى تحولات تدريجية في الاعتماد العالمي على الدولار.