بنك قطر الوطني يتوقع استمرار بنك اليابان في التحرك باتجاه مغاير للسياسات النقدية العالمية

توقع بنك قطر الوطني QNB أن يستمر بنك اليابان في التحرك في اتجاه مغاير للسياسات النقدية العالمية، في عملية التطبيع التدريجي لأسعار الفائدة، مع جولتين إضافيتين لرفع الأسعار بمقدار 25 نقطة أساس هذا العام، ما من شأنه أن يرفع سعر الفائدة إلى 1 بالمئة على خلفية التضخم الذي لا يزال مرتفعا، وتحسن التوقعات الاقتصادية الكلية، والحاجة إلى تعديل الأوضاع المالية التيسيرية.

ولفت البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن بنك اليابان، وبعد سنوات من أسعار الفائدة السلبية، قام برفع أسعار الفائدة بحذر شديد بواقع 15 نقطة أساس في مارس 2024، مما يشير إلى بداية العملية التي طال انتظارها لتطبيع السياسة النقدية.. مشيرا إلى أنه على مدار العام الماضي، نفذ بنك اليابان زيادات إضافية في أسعار الفائدة بمقدار 20 و25 نقطة أساس، مما رفع سعر الفائدة إلى 0.5 بالمئة في وقت كانت فيه البنوك المركزية الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا تتحرك بالفعل في الاتجاه المعاكس نحو التيسير.
وأرجع التقرير استمرار بنك اليابان في التحرك في اتجاه مغاير للسياسات النقدية العالمية، ومواصلة عمليته لتطبيع السياسة النقدية بشكل تدريجي إلى عدة أسباب، أولها أن التضخم ما زال مرتفعا، رغم أنه انخفض عن ذروته، لكنه ظل أعلى من نسبة 2 بالمئة المستهدفة في السياسة النقدية لما يقرب من ثلاث سنوات.. مبينا أن من المثير للقلق أن التضخم ارتفع إلى 3.6 بالمئة في ديسمبر من العام الماضي، مدفوعا بزيادة أسعار المواد الغذائية، وتعليق الإعانات الحكومية لدعم الطاقة، وزيادة الأجور. وأدى هذا الارتفاع الجديد في الأسعار إلى إثارة المخاوف من احتمال تفكك توقعات التضخم.
وبالإضافة إلى ذلك، تنفذ الحكومة تدابير توسعية كبيرة، بما في ذلك ميزانية مقترحة قياسية بقيمة 115.5 تريليون ين ياباني "735 مليار دولار أمريكي" للسنة المالية 2025، وحزمة تحفيز تبلغ حوالي 90 مليار دولار أمريكي.
وتهدف هذه الإجراءات إلى دعم الأسر وتعزيز النمو الاقتصادي، الأمر الذي قد يزيد من ضغوط الأسعار.
وتوقع التقرير لدى تعرضه للسبب الثاني أن يشهد الاقتصاد الياباني تعافيا هذا العام، مع تحسن الطلب الخارجي والدخل الحقيقي. وفي هذا السياق، فإن بيئة أسعار الفائدة الحالية والاتجاه المتوقع للسياسة النقدية يعتبران ميسرين. فقد تراكم الانخفاض في قيمة الين بنحو 40 بالمئة في السنوات الثلاث الماضية.
وبين التقرير أن انخفاض قيمة العملة يؤدي إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعات الموجهة نحو التصدير من خلال جعل أسعار السلع والخدمات أرخص في السوق العالمية، وقد استفادت السياحة بشكل ملحوظ من هذا التحول في العملة، وهي واحدة من أكبر القطاعات جلبا للتدفقات النقدية الخارجية إلى اليابان.
وفي عام 2024، بلغ الإنفاق السياحي 50.8 مليار دولار أمريكي، مع بلوغ عدد السياح أعلى مستوى على الإطلاق عند 34 مليون زائر، مما يؤكد المساهمة الكبيرة للقطاع في الاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، تستفيد الصناعات الرئيسية الموجهة نحو التصدير، مثل صناعة السيارات والآلات والإلكترونيات، من تحسن القدرة التنافسية للأسعار.
أما السبب الثالث الذي أورده التقرير في تحليله فيتمثل في بقاء الأوضاع النقدية ميسرة للغاية على الرغم من زيادات أسعار الفائدة، حيث يعد المستوى الحالي لسعر الفائدة عند 0.5 بالمئة أقل بكثير من معدلات التضخم الحالية والمتوقعة، مما يشير إلى أن سعر الفائدة الحقيقي يقع في نطاق سلبي عميق.
علاوة على ذلك، فإنه أقل كثيرا من المستوى الذي يعتبر "محايدا" للاقتصاد "أي حوالي 1.5 بالمئة"، والذي لا يحفز النشاط الاقتصادي ولا يقيده. وعلى نحو مماثل، ورغم ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل من أدنى مستوياتها عند حوالي 0 بالمئة، فإنها لا تزال قريبة من أدنى مستوياتها في عدة عقود. وتعتبر أسعار الفائدة طويلة الأجل أساسية للاقتصاد، نظرا لتأثيرها على الاستثمار التجاري والطلب من جانب الأسر.
ويشير السياق الاقتصادي الكلي الحالي إلى أن بنك اليابان ينبغي أن يتحرك بشكل أكبر نحو تطبيع الأوضاع المالية التحفيزية الحالية.