متى يكون الاقتراض خياراً صحيحاً ؟
الكاتب
يُعد الاقتراض أحد الحلول الماليّة التي تزودك بالسيولة المطلوبة لتحقيق
أهدافك وتلبية بعض متطلبات الحياة الأساسية التي تحتاج إلى سيولة عالية، كما أنه وسيلة
تساعدك على حل الأزمات المالية التي قد تواجهها. إلا أن الاقتراض قد يكون أيضاً بداية
لأزمة مالية كبيرة تؤثر على وضعك المالي وتُدخلك في دوامة لا تنتهي من المشكلات التي
قد تتفاقم لتشمل جميع شؤون حياتك وذلك لعدم منح نفسك الوقت الكافي للتفكير والتأني
قبل اتخاذ قرار الاقتراض. ولهذا يجب عليك تقييم ودراسة قرار الاقتراض قبل الإقدام عليه
حتى تتأكد تمامًا من صحة قرارك ومن أنه سيكون عونًا لك وليس عبئًا عليك. ويوجد بعض
المعايير التي تساعدك على معرفة ما إذا كان الاقتراض هو الحل الأنسب للهدف الذي تود
الاقتراض من أجله أم أن هناك بدائل وحلول أخرى تكفيك عناء الاقتراض.
1- الهدف من الاقتراض
قبل اتخاذ قرار الاقتراض يجب عليك تحديد الهدف الذي تود الاقتراض من أجله،
فهناك من يقترض لأهداف وحاجات أساسية مثل تغطية بعض النفقات المالية الضرورية أو شراء
منزل أو وسيلة نقل أو البدء في مشروع تجاري أو غير ذلك، وهناك من يقترض لتحقيق أهداف
استهلاكية غير أساسية مثل السفر والترفيه أو شراء كماليات وغيرها. لذا حدد أهدافك من
الاقتراض بدقة وقيم أهميتها ومدى حاجتك إلى تحقيقها، فالاقتراض غير المسؤول بداية لأزمات
مالية مستقبلية.
2- تكلفة القرض
يترتب على الاقتراض التزامات واجبة السداد ومن أهمها الأقساط الشهرية،
لذا يجب أن تستفسر من الجهة المالية التي ستقترض منها عن جميع التكاليف والرسوم التي
ينبغي سدادها عند الحصول على التمويل وذلك لتقييم مدى قدرتك على الوفاء بها. ويجب أن
تطرح على نفسك هذا السؤال قبل الاقتراض: هل سيعود عليك الاقتراض بفائدة أو دخل يفوق
أو يغطي تكلفة الاقتراض؟ فعلى سبيل المثال، إذا كان الهدف من الاقتراض شراء منزل يُغنيك
عن سداد الإيجار الشهري أو السنوي الذي يرهق ميزانيتك فقد تكون الفائدة المتحققة من
الاقتراض تفوق التكلفة ويكون قرار الاقتراض ملائمًا.
3- وجود قروض قائمة
إن وجود قرض قائم أو استخدامك لوسيلة تمويل أخرى مثل البطاقات الائتمانية
هو عنصر بالغ الأهمية وينبغي أخذه بالاعتبار عند اتخاذ قرار الاقتراض، فعند الاقتراض
ينخفض الدخل الشهري نتيجة الأقساط الشهرية وهذا بالطبع يؤثر على قدرتك المالية وعلى
تلبية احتياجاتك واحتياجات أسرتك الأساسية والوفاء بالتزاماتك الأخرى، ويؤثر ذلك بشكل
جلي على ذوي الدخل المنخفض. ولهذا قبل اتخاذ قرار الاقتراض يجب أن تقيم مدى قدرتك على
تحمل الالتزامات المالية الجديدة التي ستنشأ نتيجة لذلك، ومدى تأثيرها على قدرتك المالية
وقدرتك على سداد جميع الالتزامات المستحقة السابقة والجديدة وذلك حتى لا يصبح القرض
الجديد عبئًا بدلًا من أن يكون لك عونًا.
4- الدخل الشهري
قبل الإقدام على الاقتراض حدد مبلغ قسط التمويل الذي يمكنك استقطاعه من
راتبك الشهري والذي ترى أنه لن يؤثرَ على ميزانيتك الشهرية ونفقاتك الأساسية. فإذا
وجدت أن دخلك الشهري بعد خصم القسط يكفي لتحقيق احتياجاتك الأساسية وتلبية التزاماتك
المالية الأخرى، يمكنك المضي قدماً نحو الاقتراض بعد دراسة المعايير الأخرى. أما إذا
وجدت أن دخلك الشهري بعد خصم الأقساط الشهرية لا يكفي لتحمل النفقات الأساسية، فهذا
مؤشر على إمكانية تعرضك لمشكلات منها الاستدانة من الآخرين وانخفاض مستوى المعيشة ومخاطر
التعثر عن السداد الذي يؤثر سلبًا على سجلك الائتماني.
5- العامل الزمني
يعدّ العامل الزمني أحد المعايير التي تؤثر على صحة اختيار الاقتراض كحل،
والمقصود بذلك قياس مدى حاجتك للقرض في الوقت الحالي لتحقيق هدفك. فإذا كان الانتظار
لا يؤثرُ سلباً على هدفكَ يمكنك التخلي عن فكرة الاقتراض، وقم بدلاً من ذلك بوضع خطةٍ
للادّخار لجمع المبلغ اللازم لتحقيق هدفك عندما يحين الوقت. أما إذا كان الأمر لا يحتمل
الانتظار وترى بأنك ستحقق هدفاً يدرّ عليك المزيدَ من الدخل أو يحقق لك الاستقرار إذا
ما حصلت على المال بأسرع وقتٍ ممكن، عندها قد يكون الاقتراض خيارًا مناسبًا.
6- الحلول البديلة
لا يُعد الاقتراض الحل الأنسب لجميع الحالات التي تحتاج فيها إلى المال
وقد تكون سلبيات الاقتراض أكثر من إيجابياته في حالات أخرى، لذا قد يكون البحث عن بدائل
أخرى عوضًا عن الاقتراض أفضل وأقل تكلفة. ومن الحلول التي يمكنك الاستعانة بها وضع
خطّةً لادخار بعض المال وتخصيصه للنفقات الطارئة أو على الأقل ادخار جزء من المبلغ
الذي تود اقتراضه لتقليل مبلغ التمويل الذي ستحصل عليه وبالتالي تقليل التكاليف وفترة
السداد، كما يمكنك طلب سلفة من الراتب أو طلب المساعدة المالية من أحد أفراد العائلة
أو الأصدقاء إن كان ذلك متاحًا، أو البحث عن مصدر دخل إضافي يساعدك على تحقيق أهدافك
المالية ويغنيك عن الاقتراض.