روساتوم: مصر ستصبح من الدول الرائدة بمجال الطاقة النووية السلمية خلال السنوات المقبلة
قال ألكسندر فورونكوف الرئيس التنفيذي لشركة روساتوم الروسية للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن مصر ستصبح من الدول الرائدة في مجال الطاقة النووية السلمية خلال السنوات القليلة المقبلة، مشيرًا إلى أن مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية يعد أحد المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسيشكل نقلة كبيرة للبلاد في مجال توليد الطاقة والكهرباء.
وأشاد فورنكوف في حوار صحفي، أجرته معه وكالة أنباء الشرق الأوسط، بالجهود الكبيرة التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتنمية مصر، عبر تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى الناجحة، ومنها مشروعات الغاز والتي ستجعل من مصر مركزًا إقليميًا للغاز، فضلًا عن مشروعات البنية التحتية الضخمة والنقل والمواصلات والمزارع السمكية والعاصمة الإدارية ومشروع قناة السويس الجديدة وغيرها.
وعن مستقبل الطاقة النووية السلمية في منطقة الشرق الأوسط توقع المسؤول الروسي، أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انتشارًا أكبر في مجال إنشاء محطات الطاقة النووية السلمية في المستقبل، خاصة الدول العربية الخليجية، مثل السعودية والإمارات، فيما رأى أن دول شمال إفريقيا الأخرى مثل تونس والمغرب والجزائر، ربما يناسبها محطات نووية صغيرة منخفضة الطاقة بعكس مصر التي تعد من الدول الكبيرة.
وأضاف أن روساتوم تعمل في الفترة الحالية على إنشاء محطتين للطاقة النووية السلمية، الأولى في منطقة الشرق الأوسط الأولى في مصر والأخرى في تركيا، كاشفًا أيضًا عن مشاركة روساتوم في حوار تنافسي لحق إنشاء محطة طاقة نووية سلمية في المملكة العربية السعودية، فضلًا عن التعاون الناجح بين الشركة ودولة الإمارات في أنشطة دورة الوقود النووي لمفاعلها النووي السلمي.
وأشار ألكسندر فورونكوف إلى أن روساتوم تنفذ حاليًا مشروعات محطات جديدة للطاقة النووية في 12 دولة، لافتًا إلى أن الصناعة النووية الروسية أنشأت خلال أكثر من 75 عامًا أكثر من 100 مفاعل نووي في 14 دولة مختلفة، من ضمنها روسيا، وأن هناك 60 مفاعلًا من نوع VVER لا يزال قيد الخدمة، منها 38 وحدة طاقة داخل روسيا عبر 11 محطة طاقة نووية.
وأوضح الشركة تخصص نسبة تتراوح ما بين 4% إلى 4.5 % من إيرادات الشركة للأبحاث والتطوير، مشيرًا إلى أن الشركة أنشأت العديد من المفاعلات البحثية بهدف تطوير مفاعلاتها وتكنولوجيا الطاقة النووية، وهو ما ساعد في تقدم الشركة الروسية في هذا المجال وجعل روسيا دولة مصدرة للطاقة.
وأشار إلى أن الشركة تقدم حلول الطاقة الجديدة والتكنولوجيا إلى كثير من مناطق العالم، ويتجاوز عدد العاملين بها ربع مليون شخص في الوظائف المختلفة، لافتًا إلى أن تأثير جائحة كورونا على مشروعات الطاقة النووية كان محدودًا للغاية نظرًا لأن تلك الصناعة تتسم بالانضباط الشديد، وقد اتخذت روساتوم التدابير الاحترازية في مشروعاتها كافة.
وعن إنشاء شركة روساتوم محطة طاقة "أكاديمك لومونوسوف" العائمة للطاقة النووية السلمية في روسيا كمشروع وحيد من نوعه في العالم، أوضح فورونكوف أن المشروع يعد تطورًا فريدًا في مجال مفاعلات الطاقة النووية السلمية، وهو ينتمي لفئة المفاعلات المتطورة تكنولوجيا والأمنة ويصنف ضمن فئة المفاعلات منخفضة الطاقة بطاقة تصل إلى 35 ميجاوات لكل مفاعل بإجمالي 70 ميجاوات للمفاعلين، وهو ما يكفي لتوفير الطاقة الكهربائية لمدينة سكنية يصل تعدادها إلى نحو 100 ألف نسمة، وهو مناسب للمدن والجزر المعزولة أو المدن التي تتسم بسواحل طويلة.
وأشار إلى أن هذا المشروع يعد بمثابة تجربة عالمية أن يتم إنشاء مفاعل نووي في البحر، وينتظر مستقبلًا مع انتشار هذه التكنولوجيا أن يتم ترويجه مستقبلًا في العالم في المدن السياحية التي تطل على البحار والمحيطات.
وقال إن روسيا تتعاون حاليًا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين، والهند، وكوريا الجنوبية واليابان، لإنشاء أول مفاعل اندماج نووي "إيتر -ITER" في مدينة تولوز الفرنسية، وهو مشروع فريد من نوعه، ويعد تجربة فريدة في العالم في مجال تكنولوجيا الطاقة النووية.
وأشار إلى أن السيد جورباتشوف الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي قدم فكرة بناء مفاعل اندماج نووي دولي في عام 1985، وأن شركة روساتوم تساهم عن طريق توفير الخبرات والمهندسين والفنيين، إضافة إلى الدعم المالي لهذا المشروع.
وأضاف أن روسيا تعمل حاليًا على تطوير المفاعلات النووية الأرضية عبر تكنولوجيا المفاعلات الصغيرة أو منخفضة الطاقة، ومن المقرر أن يتم دخول هذا المشروع في مرحلة بدء مرحلة بدء التشغيل الفعلي بحلول عام 2027، ليصبح نموذجًا أوليًا للمشروع في الأسواق الخارجية.
وأوضح أن روساتوم تعمل في مجالات عديدة بخلاف الطاقة الذرية، منها مجالات تحلية المياه وإنتاج الطاقة من الرياح والمجال الصحي، منوهًا إلى أن الشركة تستحوذ على حصة كبيرة عالميًا في مجال النظائر التي تستخدم في تشخيص الأمراض ومنها السرطان.
وبين أن استثمار روساتوم في مجال طاقة الرياح هو أمر طبيعي، إذ أجرت الشركة تحليلًا دقيقًا لتوقعات تطورات السوق؛ وهو ما دفع الشركة للتفكير في مشروع إنشاء مزارع الرياح، إذ تبلغ محفظة أعمال روساتوم في مشاريع طاقة الرياح في السوق الروسية 1 جيجاواط، ودخلت أول محطة لطاقة الرياح نطاق التشغيل في ديسمبر الماضي بطاقة 150 ميجاوات، كاشفًا عن أنه يجري حاليًا دراسة إمكانية التعاون في إنشاء محطات طاقة رياح خارج روسيا.
وعن مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية السلمية، الذي تنفذه الشركة مع مصر، قال الرئيس التنفيذي لمكتب روساتوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن هذا المشروع يعتمد على أحدث التكنولوجيات في مجال الطاقة النووية في العالم وهو تكنولوجيا الجيل الثالث المطور GEN3+ ووفقًا لتصنيف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعد محطة الضبعة للطاقة النووية ذات سعة كبيرة، وتمتلك من أحدث التقنيات وأكثرها أمانًا، وتعتمد أيضًا على أفضل وسائل الأمان والسلامة، موضحًا أن روساتوم تواصل أعمال البناء التحضيرية في موقع محطة الضبعة للطاقة النووية بالتعاون مع الشركات المصرية.
وأشار إلى أن هناك تعاون بحثي في مجال الطاقة النووية السلمية بين روسيا ومصر يمتد الى سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 60 طالب مصري يدرسون الطاقة النووية السلمية في جامعات روسيا المختلفة في تخصصات الهندسة النووية والفيزياء النووية وغيرها، كما أن الشركة ستلتزم بتوفير التدريب اللازم لموظفي التشغيل والصيانة للعمل في الضبعة.
وأضاف أن مشروع الضبعة للطاقة النووية السلمية سيكون له انعكاسات إيجابية عديدة على مصر، على الصعيد الاقتصادي، بجانب توفير الطاقة والكهرباء، وطبقًا إلى حسابات شركة روساتوم، فإن كل دولار يتم استثماره في محطة الطاقة النووية بالتكنولوجيا الروسية، سيولد نحو 4 دولارات من الناتج المحلي الإجمالي الوطني، كما سيكون له أثار إيجابية على صعيد الشغل وتوفير فرص العمل وأيضًا في المجال الطبي والبحثي.
وأشار إلى أن تكلفة الطاقة الكهربائية المولدة عن طريق المحطات النووية تكون أكثر استقرارًا واستدامة مقارنة مع مصادر الطاقة الاخرى مثل الغاز أو البترول وغيرها، وذلك نظرًا للتقلبات الحادة في أسواق المنتجات البترولية بعكس الطاقة النووية، وهو ما يسهل عملية التخطيط والتقديرات المستقبلية للحكومات.
كما عبر عن تطلعه الى تحقيق نجاح المشروع، إذ أنه يأمل أنه في ظل التعاون الوثيق بين روساتوم والجهات الحكومية والدعم الكبير الذي يوفره الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكل المشروعات في مصر، أن تصل نسبة نجاح مشروع الضبعة النووي إلى نسبة 100 في المئة.
للاطلاع على مزيد من الأخبار اضغط هنا