رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

الجنيه المصري الأقوى أداءً بين عملات الأسواق الناشئة في 2020

الجنيه المصري
الجنيه المصري
هل الموضوع مفيد؟
شكرا



سجل الجنيه المصري أقوى أداء بين عملات الأسواق الناشئة خلال عام 2020 أمام الدولار الأمريكي، رغم التحديات والصعاب التي واجهها الاقتصاد المصري على مدار العام جراء تفشي وباء كورونا – كوفيد 19 وتأثيره  الحاد على موارد الدولة من النقد الأجنبي، لكن حسن إدارة ملف السياسة النقدية من قبل القائمين على البنك المركزي المصري والإجراءات العديدة التي اتخذها لدعم الاقتصاد عزز من ثقة من المستثمرين الدوليين في العملة المصرية.

ومن بين 9 عملات رئيسية بالأسواق الناشئة رصدت وكالة أنباء الشرق الأوسط أدائها خلال عام 2020، كان الجنيه المصري الوحيد الذي نجح في هزيمة الدولار، ليغرد منفردًا بمكاسب بلغت نسبتها  2.25 في المئة منذ بداية العام، في حين منيت عملات الاسواق الناشئة الأخرى بخسائر تراوحت بين 2 و30 في المئة أمام نظيرتها الأمريكية.

وبنهاية عام 2020، بلغ متوسط سعر صرف الدولار الأمريكي بالسوق المصرية 15.66 جنيه للشراء و15.76 جنيه للبيع، مقابل 15.99 جنيه للشراء و16.09 جنيه للبيع في 2019، ومرتفعًا بنحو 10 قروش عن أدنى مستوياته الذي سجله في نوفمبر من العام ذاته، وأقل بنحو 60 قرشًا عن أعلى مستوياته التي سجلها نهاية مايو 2020 عندما بلغ 16.21 جنيه للشراء و16.31 للبيع، وذلك على خلفية تزايد المخاوف عالميًا من تفشي فيروس كورونا واتجاه الدولة للغلق الجزئي في ذلك الوقت.

ونجحت الإجراءات والجهود السريعة التي بذلها البنك المركزي المصري بالتعاون مع الحكومة في ذلك الوقت، في دعم الثقة في الجنيه المصرى، سواء تسويق السندات الدولية بقيمة 4 مليارات دولار، والتي تم تغطيتها أكثر من 5 مرات وقبلت الحكومة عروضًا لشراء 5 مليارات دولار، إضافة إلى توقيع اتفاقين للتسهيلات الائتمانية مع صندوق النقد الدولي بقيمة بلغت نحو 8.5 مليار دولار، بجانب إجراءات عديدة أخرى اتخذها المركزي دعمت من وضع الاقتصاد مع ظهور أزمة كورونا. 

وبحسب الإحصاءات، سجلت جميع عملات الأسواق الناشئة الثمانية خلال2020 تراجعات ملحوظة، إذ تكبد البيزو الأرجنتيني خسائر بأكثر من 28 في المئة أمام الدولار، فيما هوى الريال البرازيلي بنسبة 23 في المئة، وبلغت خسائر الليرة التركية 21.2 في المئة، وفقد الروبل الروسي 16.3 في المئة من قيمته أمام الدولار الأمريكي على مدار العام.

وكانت الخسائر أقل حدة على صعيد الراند الجنوب إفريقي، الذي فقد 3.85 في المئة من قيمته أمام الدولار خلال 2020، فيما خسرت الروبية الإندونسية 2 في المئة، والروبية الهندية نحو 3.2 في المئة ونظيرتها الباكستانية 3.26 في المئة.

ويمكن القول بأن سياسات البنك المركزي المصري نجحت في استعادة ثقة الصناديق الدولية في العملة المصرية كوجهة استثمار آمنة، لتقفز استثمارات الاجانب في أذون الخزانة المصرية من 10 مليارات دولارات التي هبطت إليها خلال شهري مارس وأبريل 2020، لتصل مرة أخرى إلى أكثر من 23 مليار دولار بنهاية العام.

ويقول محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن  تميز أداء الجنيه المصري مقابل العملات المختلفة في الأسواق الناشئة لم يكن وليد عام 2020 فقط، لكنه جاء نتاج  مجهود بدأ في نهاية 2016 منذ تحرير سعر الصرف وأصبح يتحدد سعره وفقًا لقوى العرض والطلب، دون تدخلات خارجية، وهو الأمر الذي يشكل عامل جذب رئيسي لثقة المتعاملين المحليين والخارجيين.

وأوضح أن صمود الجنيه جاء أيضًا نتيجة لبرنامج إصلاح اقتصادي ونقدي ومالي، ونتائجه التي كانت إيجابية على جميع مؤشرات الاقتصاد، خلال الثلاث سنوات من 2016 وحتى 2019، سواء على صعيد انخفاض معدل العجز في الموازنة إلى قرابة 8%، وارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى 5.6% وتحقيق فائض أولي بنحو 2%، وتحسن في الاحتياطي النقدي نتيجة تعافي مؤشرات السياحة، وتحسن معدلات البطالة من 13 في المئة إلى 9.3% ثم إلى 7.2% قبل ظهور أزمة كورونا، كل ذلك انعكس على تحسن تقييمات مؤسسات التصنيف الائتماني للجدارة الائتمانية والسيادية لمصر، ما أدى إلى زيادة جاذبية الجنيه المصري مقارنة مع عملات الأسواق الناشئة الأخرى.

وتابع: "مع نهاية 2019، بدأ البنك المركزي التحول من سياسة تقييدية تقشفية التي كانت تستهدف السيطرة على معدلات التضخم والذي هبط بالفعل لمستهدفات المركزي (+- 9%) وبدأ التحول نحو السياسات التحفيزية للنمو الاقتصادي بخفض الفائدة، وهو ما أدى الى تحقيق عائد ما بين معدلات التضخم وأسعار الفائدة الأساسية المعلنة، كان يصل إلى 7.8% والذي شكل أحد أهم العوامل الجاذبة للأجانب للدخول في أدوات الدين العام، فزاد الطلب على الجنية المصري، كما ساعد على نمو تحويلات المصريين في الخارج، وقضى على ظاهرة الدولرة وعلى أي احتمالات لظهور السوق السوداء، ومن ثم زادت جاذبية الجنية المصري أمام المستثمرين الأجانب والمحليين واستقر سعر الصرف".

وأشار محمد عبد العال إلى أنه مع بداية 2020 اصطدم العالم بجائحة كورونا، إلا أن الجنيه المصري استطاع أن يصمد  مقارنة بعملات الدول الأخرى، نتيجة لقوة مؤشرات الاقتصاد، إضافة إلى قدرة الإدارة المصرية والمجموعة الاقتصادية على تخطي الأزمة على الأصعدة الطبية والاقتصادية والسياسية.

ولفت إلى أنه تم تدبير الاحتياجات الصحية دون قصور في السلع الأساسية ودون مشاكل اجتماعية، ما ترتب عليه الاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر مقارنة ببعض الدول الأخرى في الدول الناشئة، ما مثل عاملًا مهمًا في دعم الجنيه، الأمر الذي أدى إلى الحفاظ على جاذبيته.

وأضاف أن البنك المركزي لعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الجنيه، ودورة كان رئيسيًا وحازمًا منذ بدء برنامج الإصلاح الاجتماعي عبر سياسات رشيدة ومرنة سيطر بها على التضخم  وحقق مستهدفاته حتى وصل إلى مستهدف تضخم 7%، مع اتباع سياسة محفزة  للنمو والحفاظ على دخول المواطنين وأيضًا على مستويات الأسعار عند أدنى مستوياتها.

وشدد الخبير المصرفي على أنه لولا ظهور جائحة كورونا لحقق الجنيه مكاسب قوية خلال العام 2020 ولهبط الدولار إلى مستويات قرب 13 جنيهًا، متوقعًا استمرار الأداء القوي للجنيه خلال 2021 عند معدلاته الحالية مع تحرك في أضيق الحدود بين مستويات 15.50 و15.75 جنيه.

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب