رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع الثامن لوكلاء وزارات المالية العرب
- معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع الثامن لوكلاء وزارات المالية العرب
- الاقتصادات العربية يُقدر أن تسجل نمواً اقتصادياً بنسبة 5.4 في المائة في عام 2022، مدفوعاً بحزم التحفيز التي بلغت نحو 400 مليار دولار أمريكي خلال (2020-2022)
- أهمية تحسين القدرة على تحمل الدين العام وتوفير حيز مالي كافي لنفقات التنمية الاجتماعية
- تعزيز تعبئة الإيرادات المحلية لدعم النمو الشامل والمستدام لمواجهة التحديات في المنطقة العربية
- أدوات التمويل المستدام تشهد نمواً كبيراً استجابةً للاهتمام المتزايد لاعتبارات السياسة البيئية والاجتماعية وأهداف التنمية المستدامة
- إصلاح المؤسسات والشركات الحكومية يعزز دورها في تحقيق أهداف التنمية
ألقى معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع الثامن لوكلاء وزارات المالية العرب بمدينة أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. شارك في الاجتماع وكلاء وزارات المالية في الدول العربية وخبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى جانب صندوق النقد العربي الذي يتولى الأمانة الفنية لمجلس وزراء المالية العرب.
بيّن معاليه أن التحسن النسبي في مستويات الطلب العالمي، وارتفاع معدلات نمو قطاعي النفط والغاز، ومواصلة الحكومات العربية تبني حزم التحفيز لدعم التعافي الاقتصادي، التي بلغت حوالي 400 مليار دولار أمريكي خلال الفترة (2020-2022)، إضافةً إلى الأثر الإيجابي لتنفيذ العديد من برامج الإصلاح الاقتصادي والرؤى والاستراتيجيات المستقبلية التي تستهدف تعزيز مستويات التنويع الاقتصادي، وإصلاح بيئة الأعمال، وتشجيع دور القطاع الخاص، ودعم رأس المال البشري، وزيادة مستوى المرونة الاقتصادية في مواجهة الصدمات، مكّنت من تعزيز فرص التعافي خلال عام 2022. بناءً عليه، يتوقع صندوق النقد العربي أن يشهد معدل النمو الاقتصادي في المنطقة العربية ارتفاعاً في عام 2022 ليسجل نحو 5.4 في المائة، مقابل 3.5 في المائة في عام 2021. فيما يتوقع صندوق النقد العربي أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي للدول العربية نحو 4.0 في المائة في عام 2023.
من جانب آخر، أشار معاليه إلى أن سوق السندات والصكوك المستدامة شهد نمواً استجابةً للاهتمام المتزايد باعتبارات السياسة البيئية والاجتماعية وبأهداف التنمية المستدامة. نتيجةً لذلك، زادت أحجام الديون المستدامة بين عامي 2020 و2021 بأكثر من الضعف، لتتجاوز 2.9 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يستمر هذا التوسع مع دخول جهات إصدار جديدة إلى السوق من أجل تلبية متطلبات الأهداف الاجتماعية والبيئية. في هذا السياق، أشار معاليه إلى الاستبيان المُعد من قبل صندوق النقد العربي حول الأدوات السيادية المستدامة، الذي أظهر أن وزارات المالية في المنطقة العربية تهتم بشكل متزايد بإصدار الأدوات السيادية المستدامة، إلا أن هناك مجموعة من التحديات التي تتطلب المعالجة، مثل: اختيار المشاريع، وجمع البيانات، والتنسيق بين الوكالات، وإعداد التقارير المنتظمة، وقياس الأثر، وتطوير القدرات الكافية المتعلقة بالممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
في سياق آخر، أكد معالي الدكتور الحميدي أن الصدمات المتتالية التي تعرض لها الاقتصاد العالمي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، أدت إلى تراكم الديون في معظم دول العالم. تحديداً، مع جائحة كورونا التي بدأت في عام 2020 وما تلاها من انكماش اقتصادي بسبب التطورات العالمية الراهنة التي دفعت معظم الدول العربية إلى تقييد سياستها النقدية برفع أسعار الفائدة بسبب الضغوط التضخمية أو ارتباط العملة بالدولار الأمريكي، تعرضت الدول العربية لضغوطات على صعيد المالية العامة وكان عليها مواجهة تحديات استقرار الاقتصاد والعمل على تعزيز القدرة على تحمل الديون. في هذا السياق، أشار معاليه إلى نتائج ورقة العمل المعدة من قبل صندوق النقد العربي حول "تقييم استدامة الديون لمواجهة التعرض للصدمات"، التي أظهرت أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية المقترضة ارتفعت من حوالي 47.1 في المائة في عام 2010 إلى نحو 108.8 في المائة في عام 2021 وفقاً لتقديرات صندوق النقد العربي. كما بيّنت ضرورة تحسين القدرة على تحمل أعباء الدين العام وتخصيص المزيد من الحيز المالي لنفقات التنمية الاجتماعية.
من جانب آخر، أشار معاليه إلى الورقة المُقدمة من صندوق النقد الدولي حول "تعزيز تعبئة الإيرادات المحلية في الدول العربية"، التي بيّنت أنه بفضل الجهود المتواصلة، تمكنت بعض الدول العربية من إحراز تقدم ملحوظ في تعبئة الإيرادات المحلية قبل انتشار جائحة كورونا، الأمر الذي يعكس إصلاحات السياسة الضريبية وإدارة الإيرادات التي تبنتها العديد من الدول، وهو ما مكّنها من تحقيق مكاسب طويلة الأجل من خلال الحفاظ على إصلاحات تعبئة الإيرادات على مدى فترة طويلة نسبياً. كما أوضحت الورقة أن زيادة الإيرادات لدعم النمو الشامل والمستدام أصبحت من المتطلبات في المنطقة العربية خصوصاً بعد الجائحة. كما عمقت التطورات العالمية الراهنة تلك التحديات، نظراً إلى الارتفاع في أسعار المواد الغذائية والطاقة وزيادة عجز المالية العامة في بعض الدول العربية.
من جانب آخر، تطرق معالي المدير العام رئيس مجلس الإدارة إلى موضوع "تحسين أداء المؤسسات والشركات الحكومية"، من خلال ورقة العمل المقدمة من البنك الدولي، مشيراً في هذا الصدد إلى الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسات والشركات الحكومية في اقتصادات المنطقة العربية لامتلاكها العديد من الثروات الطبيعية، إضافةً إلى تطور دور الدولة في مناحي الاقتصاد المختلفة. على الرغم من دور القطاع الخاص في قيادة مسار النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في الاقتصاد، إلا أن المؤسسات والشركات الحكومية يُمكنها أن تؤثر بشكل فعّال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والابتكار والتوظيف، من خلال اتباع النُهج الأكثر فعالية والطرق الجيدة لتحسين إدارة وأداء هذه المؤسسات وحوكمتها وشفافيتها.
كما تطرق معاليه إلى أهمية الإصلاحات العالمية لضرائب الشركات، متطلعاً للتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول هذا الموضوع، من واقع خارطة التنفيذ والانعكاسات على الدول العربية، وتوجهات مجموعة العشرين في هذا الخصوص. كما أشار إلى أهمية تعزيز تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية بخصوص موضوعي "دور السياسات المالية في تعزيز الأمن الغذائي" و"دعم الانتقال للاقتصاد الدائري للكربون"، مؤكداً على أهمية التعرف على التحديات التي تواجه الدول العربية في هذا الشأن واستراتيجيات التغلب عليها، متطلعاً للمناقشات حول هذه المواضيع. أخيراً، تطرق معاليه إلى المناقشة المفتوحة حول "تقييم أثر السياسة الضريبية على النمو الاقتصادي في الدول العربية".
في الختام، ثمّن معالي الدكتور عبد الرحمن الحميدي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به. كما قدم معالي المدير العام الشكر لأصحاب السعادة وكلاء وزارات المالية في الدول العربية، والخبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على مشاركتهم.
يسرني أن أرحب بكم بمناسبة الاجتماع الثامن لوكلاء وزارات المالية في الدول العربية، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بصفته الأمانة الفنية للمجلس الموقر لوزراء المالية العرب. يأتي اجتماعكم اليوم في إطار الحرص على تفعيل وتعزيز دور المجلس في تبادل الخبرات والتجارب والتشاور حول مختلف الموضوعات والتطورات الاقتصادية والمالية التي تهم اقتصادات دولنا العربية.
كما أود أن أعرب عن خالص الامتنان والشكر للسادة الوكلاء الذين حرصوا على المشاركة في الاجتماع بالرغم من مشاغلهم العديدة، بما يُعبّر عن الأهمية التي توليها وزارات المالية في الدول العربية للتعاون والتنسيق فيما بينها. كذلك الشكر موصول للسادة الخبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذين حرصوا كعادتهم على المشاركة في الاجتماع وتقديم عدد من الأوراق التي تكتسي أهمية على صعيد المالية العامة في دولنا العربية في هذه المرحلة.
في ظل التطورات الإقليمية والعالمية الراهنة، واستمرار تداعيات جائحة كورونا، يشهد الاقتصاد العالمي العديد من التحديات التي أثرت على سلاسل التوريد العالمية وأدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ورفع أسعار الفائدة عالمياً لكبح جماح التضخم. دفعت هذه الظروف الاستثنائية المؤسسات الدولية إلى إعادة تقييم وضع الاقتصاد العالمي، من خلال خفض توقعاتها للنمو الاقتصادي لهذا العام. في هذا السياق، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي في عامي 2022 و2023 ليبلغ نحو 3.2 في المائة و2.7 في المائة، على التوالي، مقارنة بمعدل 6.0 في المائة المقدر في عام 2021. فيما يتعلق بالتضخم، من المتوقع أن يرتفع المعدل العالمي إلى 8.8 في المائة في عام 2022، مقارنة بمعدل 4.7 في المائة المقدر في عام 2021. في المقابل، من المتوقع أن يشهد التضخم العالمي انخفاضاً إلى مستوى 6.5 في المائة في عام 2023 و4.1 في المائة بحلول عام 2024، مقارنة بعام 2022.
يختلف أثر التطورات العالمية الأخيرة باختلاف طبيعة اقتصادات الدول العربية، حيث إن الدول العربية المستوردة للنفط، تواجه عدداً من التحديات نتيجة ارتفاع مستويات العجوزات الداخلية والخارجية ومحدودية مستويات قدرتها على تعزيز الإنفاق الداعم للنمو، مقارنة بالدول المصدرة للنفط.
كما ينعكس موقف السياسة المالية على معدلات النمو الاقتصادي خلال الفترة القادمة، من حيث مدى استمرار قدرتها على دعم النمو الاقتصادي، في ظل تفاوت الحيز المالي المتاح بين الدول العربية، لاسيما تباينه ما بين الدول العربية المُصدرة للنفط التي تعزز لديها الحيز المالي نتيجة التطورات الداعمة لتوازناتها الداخلية والخارجية بفضل الارتفاع في إنتاج النفط والغاز وارتفاع أسعارهما في الأسواق الدولية، والدول العربية المستوردة للنفط التي شهد الحيز المالي لديها مؤخراً ضعفاً نتيجة التطورات غير المواتية التي شهدتها خلال العامين الماضيين، الأمر الذي دفعها إلى زيادة مستويات الإنفاق والاقتراض.
بناءً على ذلك، يقدر صندوق النقد العربي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في المنطقة العربية عام 2022 نحو 5.4 في المائة، مقابل 3.5 في المائة في عام 2021، مدفوعاً بالعديد من العوامل، يأتي على رأسها التحسن النسبي في مستويات الطلب العالمي، وارتفاع معدلات نمو قطاعي النفط والغاز، ومواصلة الحكومات العربية تبني حزم التحفيز لدعم التعافي الاقتصادي، التي تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار أمريكي خلال الفترة (2020-2022)، إضافةً إلى الأثر الإيجابي لتنفيذ العديد من برامج الإصلاح الاقتصادي والرؤى والاستراتيجيات المستقبلية التي تستهدف تعزيز مستويات التنويع الاقتصادي، وإصلاح بيئة الأعمال، وتشجيع دور القطاع الخاص، ودعم رأس المال البشري، وزيادة مستوى المرونة الاقتصادية في مواجهة الصدمات. كما يتوقع صندوق النقد العربي أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي للدول العربية نحو 4.0 في المائة في عام 2023.
يناقش اجتماعكم اليوم موضوعات متعددة، أولُها "تعزيز تعبئة الإيرادات المحلية في الدول العربية". في هذا السياق، يمكن لتعبئة الإيرادات المحلية أن تولد الموارد المحلية اللازمة لمواجهة ضغوط الإنفاق بطريقة مستدامة. مثلت تعبئة الإيرادات الضريبية اللازمة للنمو أولوية في المنطقة العربية، قبل جائحة كورونا، ولا تزال تمثل ضرورة حتمية في إطار الإصلاحات التي تتبناها السلطات في دولنا العربية.
بالنسبة للدول المستوردة للنفط، تُعتبر الإيرادات الضريبية الإضافية العادلة أمراً بالغ الأهمية لتلبية احتياجات الإنفاق الملحة من أجل دعم الانتعاش الاقتصادي الشامل والمستدام مع إبقاء الديون تحت السيطرة. بالنسبة للاقتصادات المصدرة للنفط، فإن تقليل الاعتماد على النفط يتطلب تطوير القاعدة الضريبية. في الدول منخفضة الدخل، خاصة الدول التي تشهد بعض التطورات المحلية، تُعد تعبئة الإيرادات أمراً ضرورياً للمساعدة في تلبية احتياجات الإنفاق التنموي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يتطلب تعبئة الإيرادات بشكل فعّال العديد من الإجراءات والإصلاحات لتصميم أنظمة ضريبية حديثة وعادلة. على الرغم من عدم تجانس الجهود الضرورية لذلك بين الدول العربية، إلا أن هنالك إصلاحات يمكن لصانعي السياسات النظر فيها لتوسيع القاعدة الضريبية وتعزيز تحصيل الإيرادات، تشمل تحسين تصميم السياسة الضريبية، وتعزيز الامتثال من خلال تحسين الإدارة الضريبية، وإدماج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، وتعزيز التنويع الاقتصادي من خلال تبني إصلاحات هيكلية.
تُبرز الورقة المُقدمة من صندوق النقد الدولي أنه على الرغم من التقدم الحاصل على صعيد الأنظمة الضريبية، إلا أن العائدات الضريبية في الدول العربية تبقى أقل من المستويات المحققة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأخرى في سنوات ما قبل الجائحة. بفضل الجهود المتواصلة، تمكنت بعض الدول العربية من إحراز تقدم ملحوظ في تعبئة الإيرادات المحلية، بما يعكس التقدم المحرز على صعيد إصلاحات السياسات الضريبية وإدارة الإيرادات التي تبنتها العديد من الدول، الأمر الذي مكّنها من تحقيق مكاسب طويلة الأجل من خلال الحفاظ على إصلاحات تعبئة الإيرادات على مدى فترة زمنية طويلة نسبياً.
كما أوضحت الورقة أن زيادة الإيرادات لدعم النمو الشامل والمستدام، أصبحت من التحديات في المنطقة العربية، والتي تعمقت خلال جائحة كورونا والتطورات العالمية الراهنة، نظراً إلى الارتفاع في أسعار المواد الغذائية والطاقة وزيادة عجز الموازنة العامة في بعض الدول العربية.
الموضوع الثاني الذي يناقشه اجتماعكم اليوم يتعلق بقضايا "تحسين أداء المؤسسات والشركات الحكومية". في هذا السياق، تلعب المؤسسات والشركات الحكومية دوراً محورياً في اقتصادات المنطقة العربية لامتلاكها العديد من الثروات الطبيعية، إضافةً إلى تطور دور الدولة في مناحي الاقتصاد المختلفة. على الرغم من دور القطاع الخاص في قيادة مسار النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، إلا أن المؤسسات والشركات الحكومية يُمكنها أن تؤثر بشكل فعّال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والابتكار والتوظيف، من خلال اتباع النُهج الأكثر فعالية والطرق الجيدة لتحسين إدارة وأداء هذه المؤسسات وحوكمتها وشفافيتها.
تُبرز الورقة المُقدمة من البنك الدولي النظر إلى المؤسسات والشركات الحكومية من أربع وجهات نظر مختلفة، هي: الحوكمة المؤسسية القوية، والمنافسة العادلة، وتغير المناخ والاستدامة، والإدارة المالية السليمة. في إطار كلٍّ من هذه المجالات، تم تحديد عدد من المبادئ الأساسية المطلوبة لتعزيز أداء المؤسسات والشركات الحكومية ومساهمتها في الاقتصاد الوطني.
تستند هذه المبادئ إلى المعايير الدولية، مثل المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن حوكمة المؤسسات والشركات الحكومية، ومبادئ الشفافية المالية لصندوق النقد الدولي، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
يتناول جدول أعمالكم أيضاً مناقشة موضوع "أدوات التمويل المستدام السيادية"، حيثشهد سوق السندات والصكوك المستدامة نمواً استجابةً للاهتمام المتزايد باعتبارات السياسة البيئية والاجتماعية وأهداف التنمية المستدامة. نتيجةً لذلك، زادت أحجام الديون المستدامة بين عامي 2020 و2021 بأكثر من الضعف، لتتجاوز الآن 2.9 تريليون دولار أمريكي، ومن المقرر أن يستمر هذا التوسع مع دخول جهات إصدار جديدة إلى السوق من أجل تلبية متطلبات الأهداف الاجتماعية والبيئية. توفر السندات والصكوك المستدامة الفرصة للسلطات في المنطقة العربية لجذب استثمارات مربحة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، كما يمكن استخدامها لسد فجوة تمويل المناخ لعددٍ من الدول العربية.
أظهر استبيان أعده صندوق النقد العربي حول الأدوات السيادية المستدامة أن وزارات المالية في المنطقة العربية تهتم بشكل متزايد بإصدار الأدوات السيادية المستدامة، إلا أن هناك مجموعة من التحديات التي تتطلب المعالجة لإصدار مثل هذه الأدوات، مثل اختيار المشاريع، وجمع البيانات، والتنسيق بين الوكالات، وإعداد التقارير المنتظمة، وقياس الأثر، وتطوير القدرات الكافية المتعلقة بالممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
تُقدم المبادئ الإرشادية المُعدة من صندوق النقد العربي حول "أدوات التمويل المستدام السيادية" مجموعة من التوصيات والإجراءات لصانعي السياسات لاعتماد الأدوات السيادية المستدامة. تلقي هذه التوصيات من منظور السياسات، الضوء على أهمية تصميم خطط التمويل المستدام، وتعزيز الوعي والقدرات من أجل فهم أفضل للتصنيفات المستدامة، فضلاً عن التتبع المنتظم والإبلاغ عن الاستثمارات المستدامة. تدعو المبادئ من منظور إدارة الديون، للنظر بعناية في أي توجه لإصدار أداة سيادية مستدامة، من خلال تقييم عوامل الاستعداد، وتعزيز الالتزام بالممارسات الاجتماعية والبيئية والحوكمة، والمشاركة مع المستثمرين المحليين والدوليين وغيرهم من أصحاب المصلحة، والاستفادة من الخبراء بشأن أهمية الأدوات السيادية المستدامة واختيارها. كما تُحدد المبادئ الإرشادية بالنسبة لمصدري أدوات التمويل المستدام، المعالم الرئيسة لتوجيه جهات الإصدار السيادية في عملية الإصدار بما يعزز الشفافية وثقة المستثمرين.
يتطرق الاجتماع أيضاً إلى موضوع "تقييم استدامة الديون لمواجهة التعرض للصدمات". في هذا الإطار، يُمكن الإشارة إلى الصدمات المتتالية التي تعرض لها الاقتصاد العالمي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، التي أدت إلى تراكم الديون في معظم دول العالم. تفاقم هذا الوضع بسبب جائحة كورونا والتطورات العالمية الراهنة، التي دفعت بعض الدول العربية إلى تقييد سياستها النقدية برفع أسعار الفائدة بسبب الضغوط التضخمية أو ارتباط العملة بالدولار الأمريكي، الأمر الذي أدى إلى تعرض الدول العربية لضغوطات على صعيد المالية العامة ومواجهة تحديات استقرار الاقتصاد والعمل على تعزيز القدرة على تحمل الديون.
في هذا السياق، يُعتبر تطور الدين العام قضية محورية تؤثر على المالية العامة، وينطبق ذلك بشكل خاص على الدول العربية غير النفطية التي تعتمد على مصادر دخل متعددة، بما في ذلك الضرائب، وتُواجه العديد من التحديات من أجل التخفيف من العجوزات المالية بسبب عدم كفاية الحيز المالي. قد يُؤثر تراكم الدين أيضاً على الدول النفطية التي يكون النفط والغاز مصدر إيراداتها الرئيس، والتي تتأثر بشكل كبير بتقلبات الأسعار، كما كان ذلك خلال انخفاض أسعار النفط في عامي 2014 و2020، الأمر الذي أثر على الحيز المالي لهذه الدول.
ساهمت العديد من التطورات المحلية والدولية في ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية المقترضة، حيث ارتفعت هذه النسبة من 47.1 في المائة في عام 2010 إلى 108.8 في المائة في عام 2021. تُعتبر هذه النسب أعلى من تلك المسجلة في اقتصادات الأسواق الناشئة والدول النامية، حيث بلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 37.5 في المائة في عام 2010 و63.7 في المائة في عام 2021 وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.
تشير الدراسة المُقدمة من صندوق النقد العربي إلى ضرورة النظر في أسباب زيادة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي وأهمية معالجتها. في هذا السياق، يمكن للحكومات العمل على استخدام السياسة المالية لتحسين الحيز المالي وتحقيق النمو الاقتصادي وتقليص حجم الديون من خلال ترشيد النفقات. كما يمكن للحكومات أن تعزز مؤسسات وآليات الموازنة العامة وقدرة وحدات مراقبة الديون، من خلال تنفيذ إصلاحات السياسة المالية وإنشاء أطر الإنفاق والإيرادات.
من جانب آخر، يتطرق جدول أعمال الاجتماع كذلك إلى موضوع تزايدت أهميته في الآونة الأخيرة، يتعلق بالإصلاحات العالمية لضرائب الشركات، ونحن ممتنون لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على العرض الذي سيتم تقديمه حول هذا الموضوع من واقع خارطة التنفيذ والانعكاسات على الدول العربية، وتوجهات مجموعة العشرين في هذا الخصوص.
في إطار تعزيز تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية فيما يتعلق بالمواضيع والقضايا الاقتصادية والمالية، حرصت الأمانة على طرح موضوعين يكتسبان أهمية بالنسبة للدول العربية، وهما "دور السياسات المالية في تعزيز الأمن الغذائي" و"دعم الانتقال للاقتصاد الدائري للكربون". في هذا السياق، نحن ممتنون لأصحاب السعادة الوكلاء لتقديمهم عروضاً حول هذه المواضيع المهمة، يتم من خلالها استعراض تجارب الدول العربية بمزيد من العمق، لمناقشتها والتعرف على التحديات في هذا الشأن واستراتيجيات التغلب عليها. لا شك أن هذه العروض ستعزز من فرص تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية.
كما يتضمن الاجتماع مناقشة مفتوحة حول موضوع "تقييم أثر السياسة الضريبية على النمو الاقتصادي في الدول العربية". بالطبع نتطلع كذلك للاستماع لمداخلات جميع المشاركين، حول تجارب دولهم على صعيد هذه القضايا والموضوعات.
إضافةً لما تقدم، يتضمن جدول أعمالكم الإعداد للاجتماع الرابع عشر لمجلس وزراء المالية العرب، المخطط عقده يوم 29 أبريل 2023.
لعلها مناسبة أيضاً أن أشير هنا للاستبيان السنوي (المرفق مع وثائق الاجتماع) الذي أرسله الصندوق إلى أصحاب المعالي وزراء المالية العرب يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بغرض التعرف على مرئياتهم ومقترحاتهم بشأن المواضيع ذات الأولوية لدولنا العربية على صعيد قضايا المالية العامة، بما يساعد على تطوير البرامج والأنشطة المناسبة، ونتطلع لمتابعتكم الإجابة عليه وإرساله إلى أمانة المجلس قبل نهاية الشهر الجاري.
أود أن أؤكد مجدداً على الطابع التشاوري للاجتماع، في ضوء حرص أصحاب المعالي الوزراء على أن تكون اجتماعات مجلسهم الموقر والأنشطة المرتبطة به ذات طابع غير رسمي، بما يوفر المرونة المطلوبة للاستفادة وتبادل التجارب.
قبل أن أختم، أود أن أنتهز هذه المناسبة لأجدد خالص الشكر والتقدير للسلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي على الدعم المتواصل الذي تقدمه لصندوق النقد العربي، بما يساهم في إنجاح الأنشطة والأعمال التي يقوم بها الصندوق.
في الختام، أود أن أؤكد على أهمية مشاركتكم جميعاً في مناقشة الموضوعات المطروحة، بما يعزز من أهمية الاجتماع كمنتدى للحوار وتبادل التجارب والخبرات بين وزارات المالية العرب، ويساعد على الإعداد الجيد للاجتماع القادم لمجلس وزراء المالية في الدول العربية، راجياً لكم اجتماعاً ناجحاً وأن يحفظ الله جميع الدول العربية ودول العالم، وأن نلقاكم في مناسبات أخرى.