«شتاء ساخن».. كورونا يعصف بالاقتصاد العالمي
الكاتب
أسواق الأسهم العالمية تشهد أكبر انخفاض منذ الأزمة
المالية 2008
البنوك العالمية تستعد لضربة اقتصادية مع تزايد تداعيات تفشي الكورونا
الأسواق العالمية تتكبد خسائر تتجاوز 3 تريليون دولار
خام برنت يصل إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل للمرة
الأولى منذ ديسمبر 2018
هروب الاستثمارات إلى الملاذات الآمنة والذهب
يصل لأعلى مستوياته
يعيش العالم في وقتنا الحالي في حالة ذعر دون
أن يعرف متى ستنتهي الأزمة، وهناك توقعات بخسائر ضخمة على كافة المستويات الأفراد،
الشركات، الدول. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك هو أن هذ الفيروس لم يضرب اقتصاد دولة
صغيرة أومتوسطة، لكنه ضرب ثأني أكبر اقتصاد في العالم وهو الصين.
وتسبب الوباء الذي انتشر انطلاقا من الصين وصولاً
إلى 46 دول في أنحاء العالم، في وفاة نحو ثلاثة آلاف حتى الآن وإصابة أكثر من 80 ألفا
مع الاستمرار في التزايد، حيث تظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الحالات
المؤكدة في جميع أنحاء العالم قد تجاوز 82000 ، مع أكثر من 2700 حالة وفاة في الصين
و 57 حالة وفاة في 46 دولة أخرى.
ووضعت مراكز الأبحاث المختلفة والعديد من
الاقتصاديين العالميين تكهنات وتقديرات لحجم الخسائر المترتبة على انتشار الفيروس،
ففي عام 2003، وعند ظهور سرس بالصين تكبد العالم خسائر 40 مليار دولار عندما كان
الناتج المحلي الإجمالي للصين تريليون و600 مليار دولار، الآن الناتج المحلي للصين
قد تضاعف وتجاوز 14 تريليون دولار، ومعه سوف تتضخم خسائر الاقتصاد العالمي لتتجاوز
350 مليار دولار، وفي نظرة تشاؤمية أكبر يرى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS
أن الخسائر لن تقل عن 380 مليار دولار.
والمصدر الأساسي وراء هذه الخسائر هو فرص عمل
ونمو لم تتحقق، فكل طائرة لم تنطلق في موعدها، كل رحلة قد ألغيت، كل مصنع قد توقف
لعدة أيام أو لعدة أسابيع، كل هذه خسائر يتم تقديرها ويتكبدها الاقتصاد العالمي
ككل، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى تشابك العلاقات الاقتصادية حول العالم وترابطها.
وتتمثل أهم الآثار السلبية المتوقعة والتي تحققت كنتيجة
لانتشار فيروس كرونا فيما يلي:
الأسواق الأسهم العالمية تشهد أكبر انخفاض منذ
الأزمة المالية 2008
سبب الفيروس اجتياح حالة من الذعر أسواق المال
أثرت سلباً على المستثمرين على مدار الأسبوع الماضي حيث دفع بالأسواق نحو تجنب المخاطر،
حيث أدى انتشار فيروس كورونا إلى ارتفاع شهية المستثمرين نحو تجنب المخاطر والأصول
المحفوفة بها، والتوجه للاستثمار في الأصول الآمنة كالذهب، وهو الأمر الذي نتج عنه
إنهيار أسواق الأسهم على مستوى العالم، حيث سجل مؤشر فوتسي 100 أسوأ أداء على مستوى
المؤشرات الرئيسية منذ بداية العام الحالي، متراجعاً بنسبة 12.75% .
كما دخلت أسواق الأسهم الأوروبية والأمريكية
الخميس الماضي، مرحلة تصحيح، بعد فقدانها أكثر من 10% من قيمتها خلال تداولات الأسبوع
الماضي، فيما فقدت الأسواق العالمية أكثر من 3 تريليونات دولار، مع توقعات غاية في
التشاؤم تشير إلى "نمو صفري" لأرباح الشركات الأمريكية هذا العام مع تفاقم
الفيروس.
وتراجع مؤشر "يوروستوكس 600" بنسبة
3.81% ليصل إلى 389.23 نقطة، ليصبح بصدد أسوأ أسبوع له منذ يناير 2011.
كما شهد يوم الخميس الماضي تراجعات حادة في "وول
ستريت" حيث خسر مؤشر داو جونز 1190 نقطة مسجلاً خسائر بنسبة 4.42% خلال جلسة تداول
واحدة أما على مستوى أوروبا والمملكة المتحدة، شهدت المؤشرات خسائر كبرى منذ بداية
العام وحتى الآن لتكون الأسهم بذلك هي أشد فئات الأصول تضرراً، ومن المتوقع أن تصل
أسواق الأسهم العالمية إلى أكبر انخفاض أسبوعي منذ الأزمة المالية لعام 2008، بقيمة
سوقية تبلغ 5 تريليونات دولار، حيث تسبب الوباء في اضطرابات في سلسلة التوريد، وتأخر
خطط السفر، وإلغاء أحداث كبرى.
البنوك العالمية تستعد لضربة اقتصادية مع تزايد
تداعيات تفشي الفيروس
يتوقع كثيرون خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار
الفائدة خلال العام 2020، وذلك كرد فعل لانخفاض مستويات النمو العالمي المتوقع والمخاوف
المتعلقة بتأثير فيروس كورونا، وبلغت التوقعات نسبة 100% أن يتم خفض الفائدة في اجتماع
مجلس الاحتياطي الفيدرالي والمقرر انعقاده في 18 مارس.
أما عن المركزي الأوروبي فقد قللت كريستين لاجارد
من احتمال قيامه باتخاذ رد فعل فوري على تفشي فيروس كورونا، مما دفع الاقتصاديين إلى
خفض توقعات النمو في منطقة اليورو، وأشارت تعليقات لاجارد إلى أن المركزي الأوروبي
يسعى في إبقاء أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه المقبل.
ومن جانبه صرح مارك كارني محافظ بنك إنجلترا
المركزي، إنه يتعين على بلاده الاستعداد لضربة اقتصادية مع تزايد تداعيات تفشي فيروس
كورونا، مضيفاً أن البنك المركزي رصد بالفعل انخفاضاً في سلاسل الإمدادات لكن من المبكر
للغاية تحديد مدى التأثر، وأشار كارني أن البنك يتوقع انخفاض النمو العالمي مقارنة
مع ما سيكون عليه إذا كان الوضع مختلفاً، وإن ذلك سيكون له تأثير سلبي على المملكة
المتحدة .
الأسواق العالمية تتكبد خسائر تتجاوز 3 تريليون
دولار
فقدت الأسواق العالمية أكثر من 3 تريليون دولار،
مع توقعات غاية في التشاؤم تشير إلى "نمو صفري" لأرباح الشركات الأمريكية
هذا العام مع تفاقم فيروس "كورونا".
فعملاق صناعة الهواتف الذكية «آبل» والذي يقع
أكبر فرعين له على مستوى العالم في الصين، والذي يعمل
بهما ملايين الصينيين في سلسلة الإمدادات بالشركة حيث ينتجون لها هواتف يتم تصديرها
لكافة أنحاء العالم، قد حققت خسائر بقيمة 35 مليار دولار من قيمتها السوقية بسبب الفيروس وذلك
وفقاً لتقرير نشرته شبكة CNN الإخبارية الأمريكية.
وقال "جولدن مان ساكس" ، إن الشركات
الأميركية لن تحقق نمواً للأرباح في 2020 مع انتشار فيروس "كورونا" خارج
الصين، وخفض محللو البنك تقديرهم الأساسي لربحية السهم للشركات المدرجة على المؤشر
"ستاندرد آند بورز 500" إلى 165 دولاراً، من تقديرات 174 دولاراً في
2020، مما يشير إلى أن الأرباح ستظل على الأرجح دون تغيير مقارنةً بما كانت عليه قبل
عام.
كما فقد مؤشر شركات السفر والترفيه 3.3% ليتكبد
خسائر لسادس جلسة على التوالي بفعل تراجع أسهم شركات الطيران والفنادق على خلفية المخاوف
من انخفاض الطلب، وتأثرت المعنويات بفعل بيانات الأرباح الضعيفة.
خام برنت يصل إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل للمرة
الأولى منذ ديسمبر 2018
تعتبر الصين ثاني أكبر مستهلك للبترول في
العالم بمتوسط استهلاك 13.5مليون برميل في اليوم، تستورد منه 70% من احتياجاتها من
دول مختلفة على رأسها دول الخليج، مما يدفع تلك الدول للقلق بشأن عوائدها من
البترول، بعد تفشي المرض وتراجع الطلب الصيني على البترول.
وانخفض سعر البترول مسجلاً أعلى انخفاض له
في فبراير الماضي ووصل لمعدلات أقل مما كان متوقعاً من قبل بنوك استثمار عالمية
مثل جولد مان ساكس، حيث هبطت
أسعار النفط الأمريكي بنهاية الأسبوع الماضي إلى أقل من 45 دولاراً للبرميل بتراجع
بلغت نسبته 25% منذ بداية العام الحالي، بينما انخفض سعر مزيج خام برنت إلى أقل من
50 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ ديسمبر 2018، وتخشى الأسواق من أن التعطل الحالي
سيؤثر سلباً على الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فكل دولار ينخفض في سعر البترول يتم
ترجمته لمليارات الدولارات خسائر في الدول المنتجة والمصدرة له.
هروب الاستثمارات إلى الملاذات الآمنة والذهب يصل
لأعلى مستوياته
الذهب هو المستفيد الوحيد من الأزمةحتى الآن،
حيث ارتفع الذهب بأكثر من 8% منذ بداية العام، ليصل المعدن الأصفر عند أعلى مستوياته
المحققة منذ سبعة أعوام.
وزاد "جولدن مان ساكس" توقعاته للأسعار
المستهدفة لأوقية الذهب (الأونصة) هذا العام، مع توسع رقعة انتشار فيروس "كورونا"
وتوجه المستثمرين إلى الملاذات الآمنة، ورفع البنك توقعاته بواقع 200 دولار، لتصل إلى
1800 دولار للأونصة في حال استمرار تأثير انتشار فيروس "كورونا" إلى الربع
الثاني من العام.
الكورونا تضع الاقتصاد العالمي على شفا جرفٍ
هارٍ
الوباء، الذي بدأ في الصين في نهاية العام الماضي،
وكان من المتوقع أن ينتهي في غضون بضعة أشهر، وأن يعود النشاط الاقتصادي إلى طبيعته
بسرعة أصبح ذعراً يهدد الاقتصاد العالمي، فالاقتصاد الصيني الآن يعطس مصيباً اقتصاديات
دول العالم بالبرد ليعيش العالم أسوأ حالاته منذ الأزمة العالمية في 2008 دون أن
يعرف متى ستنتهي.