الكويت الوطني: الاقتصاد المصري يتجاوز أزمة كورونا ويبشر بآفاق مستقبلية مشجعة
- مؤشرات الاقتصاد الأولية تظهر انتهاء تداعيات جائحة كورونا
- الجنيه يواصل صعوده أمام الدولار خلال النصف الثاني 2020
- البنك المركزي خفض الفائدة لحماية الاقتصاد من أثر الجائحة
قال تقرير حديث لبنك الكويت الوطني، إن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لا تزال تظهر مؤشرات على تحقيق انتعاش تدريجي، ما يشير إلى أن أسوأ تداعيات الجائحة على الاقتصاد المصري قد تكون انتهت.
وأضاف التقرير الذي أصدره البنك، اليوم الأحد، إنه رغم تداعيات جائحة كوفيد 19، فقد كشفت الأرقام الأولية عن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر بنسبة 3.6% في السنة المالية 2019-2020 (يوليو - يونيو) مقابل 5.6% العام السابق.
ولفت التقرير إلى ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الرئيسي ليسجل 51.4 نقطة في أكتوبر بالقرب من أعلى مستوياته المسجلة في 6 أعوام مقابل 50.4 في سبتمبر، بعد أن بلغ في المتوسط 49.8 و38.3 في الربعين الثالث والثاني من عام 2020 على التوالي.
وتشير أحدث قراءات المؤشر أيضًا إلى استمرار تحسن الأوضاع في الربع الرابع من عام 2020، وهناك مؤشر آخر يتمثل في انخفاض معدل البطالة إلى 7.3 في المئة في الربع الثالث من عام 2020، ما يعكس اقتراب عودة الأنشطة التجارية من مستوياتها الاعتيادية في ظل التخفيف التدريجي للإجراءات الاحترازية.
ونتيجة لذلك، نتوقع أن يتحسن النمو اعتبارًا من النصف الأول من العام المقبل، على خلفية آمال طرح اللقاحات بنهاية العام الحالي، وأن يصل إلى نحو 2.5% في السنة المالية 2020-2021، قبل أن يتعافى بقوة إلى نحو 5 في المئة على المدى المتوسط، بفضل التزام السلطات بالإصلاحات الاقتصادية واستمرار دعم صندوق النقد الدولي.
المسار الصحيح
وواصلت مصر ضبط أوضاع المالية العامة، عبر تطبيق مجموعة من التدابير المالية، ليبلغ الفائض الأولي 1.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية يونيو.
ووصل مستوى العجز المالي إلى نحو 7.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، متراجعًا من 8.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2018-2019، رغم تأثير الجائحة على أوضاع المالية العامة في النصف الأول من عام 2020، وبلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 87 في المئة في السنة المالية 2019-2020، مقابل 90.4 في المئة و108 في المئة في السنتين الماليتين السابقتين.
وبالنسبة للسنة المالية 2020-2021، تستهدف الحكومة خفض عجز ميزانياتها إلى مستويات أقل تصل إلى 7.5 في المئة، مع تحقيق فائض أولي مستهدف بنسبة 0.5 في المئة.
ويعد هذا الأمر من المؤشرات الإيجابية للسنة المالية 2020-2021، وإن كان من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات مؤكدة على أساس تلك النتائج، لأن بيانات الميزانية لا تتبع بالضرورة اتجاهًا سلسًا، إضافة إلى استمرار حالة عدم اليقين تجاه انتهاء الجائحة.
القطاع الخارجي
التقرير أشار إلى تحسن بعض المؤشرات الخارجية، إذ ارتفعت عائدات قناة السويس من 470.7 مليون دولار في سبتمبر إلى 490.2 مليونا في أكتوبر، فيما يعد أعلى من عائدات فبراير قبل تفشي الجائحة، والتي بلغت 458.2 مليون.
وبالنسبة للسنة المالية 2019-2020، ارتفعت حوالات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 33.7 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 27.8 مليار دولار، فيما يعد أعلى مستوياتها على الإطلاق، مقابل 25.2 مليار في العام السابق، وقد يعود السبب في ذلك إلى اندفاع المصريين إلى تحويل مدخراتهم من الخارج، نظرًا لحالة عدم اليقين التي تخيم على مستقبل أسواق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي.
كما استمرت الاحتياطيات الأجنبية لمصر في التحسن للشهر الخامس على التوالي، بدعم من توجه مصر نحو تأمين المزيد من المصدات المالية وتسارع وتيرة تدفقات رؤوس الأموال الذي شهدناه مؤخرًا، إذ ارتفعت الاحتياطيات بنحو 795 مليون دولار تقريبًا في أكتوبر 2020 لتصل إلى 39.2 مليار مقابل 36 مليارًا في مايو.
على صعيد آخر، واصل الجنيه المصري صعوده مقابل الدولار في النصف الثاني من عام 2020، على خلفية زيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية والانتعاش الاقتصادي التدريجي بعد تخفيف قيود الإغلاق التي بدأت في يوليو، وتم تداول الدولار بسعر يقارب حوالي 15.6 جنيه في نوفمبر، مقابل 16.2 جنيه في يونيو، وإذا لم تحدث أي صدمات خارجية فمن المتوقع أن يظل الجنيه مستقرًا نسبيًا.
السياسة النقدية
وأضاف التقرير أنه منذ بداية تطبيق إصلاحات الاقتصاد الكلي في أواخر عام 2016، اتخذ التضخم في الحضر اتجاها هبوطيًا، ما جعل مصر واحدة من الدول القليلة التي شهدت مثل هذا التراجع الشديد في معدل التضخم (من نحو 33.1% في يوليو 2017) خلال فترة قصيرة نسبيًا.
ونظرًا لأن معدل التضخم لا يزال أقل بكثير من المستوى المستهدف المقرر بنسبة 9 في المئة (± 3 في المئة)، خفض البنك المركزي المصري في نوفمبر أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي، لتعويض بعض تداعيات الجائحة على النشاط الاقتصادي.
يقظة مستمرة
ووفقا للتقرير تحقق مصر أداءً جيدًا نسبيًا في ظل الظروف الراهنة، وتعد ضمن عدد محدود من الدول الناشئة التي نجحت في تسجيل معدل نمو إيجابي خلال العام الحالي، فيما بدأت إصلاحات الاقتصاد الكلي التي طبقتها خلال السنوات الأربع الماضية تؤتي ثمارها. ويعد التزام مصر بالمضي قدمًا في إصلاحات الاقتصاد الكلي وخاصة الإصلاحات الهيكلية، إضافة إلى تنوع القاعدة الاقتصادية واستحواذ فئة الشباب على النسبة الأكبر من عدد السكان، من أبرز العوامل التي ستساهم في تعزيز أداء الاقتصاد المصري في المستقبل.