صندوق النقد العربي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 5.4% في 2022
- الاقتصاد المصري كان حالة استثنائية على مستوي العالم من حيث قدرته على تسجيل معدل نمو بلغ 3.6% خلال عام 2020
- الإصلاحات الاقتصادية المتواصلة التي عززت من مستويات مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الصدمات
في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد العربي لدعم متخذي القرار في الدول العربية، أطلق الصندوق الإصدار الخامس عشر من تقرير "آفاق الاقتصاد العربي"، الذي يتضمن تحديثاً للبيئة الاقتصادية الدولية وانعكاساتها على الدول العربية، وتوقعات النمو الاقتصادي والتضخم في الدول العربية خلال عامي 2021 و2022.
أشار التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي واجه في عام 2021 تحدياتٍ ترتبط بمدى قدرة دول العالم على دعم مستويات التعافي الاقتصادي من تبعات جائحة كوفيد-19 وتخفيف آثارها على الأفراد والشركات، لاسيما في ظل استمرار انتشار الفيروس والسلالات المتحورة منه في عدد من مناطق العالم.
وقال التقرير إنه من المتوقع أن يواصل النمو الاقتصادي فى مصر وتيرته القوية بعد الأزمة الصحية التى لم تنل كثيرًا من قدرة الاقتصاد المصري على النمو، حيث كان الاقتصاد المصري حالة استثنائية على مستوى العالم من حيث قدرته على تسجيل معدل نمو بلغ 3.6% خلال عام 2020 رغم التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا.
وأضاف التقرير أن هذا النمو يُعزى إلى العديد من العوامل من بينها الإصلاحات الاقتصادية المتواصلة التي عززت من مستويات مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الصدمات، إضافة إلى الأثر الإيجابي لحزم التحفيز المتبناة لتنشيط الطلب الداخلي وأيضاً عدم الاتجاه إلى فرض إغلاق كلي كما حدث في الكثير من دول العالم الأخرى.
وتابع التقرير إنه من المتوقع خلال أفق التوقع أن تسهم عودة رحلات الطيران المباشرة والتوسع في حملات التطعيم على تعافي أداء القطاع السياحي، وكذلك، من المتوقع أن تعطي المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي الهيكلي المعلنة منقبل الحكومة دفعة إضافية لمعدلات النمو الاقتصادي خلال عام 2022 وعلى المدي المتوسط، عن طريق تنمية الاقتصاد الحقيقي القائم في الأساس على نشاط قطاعات الزراعة والصناعة والإتصالات وتقنية المعلومات، من المتوقع أن تساهم تلك الإصلاحات في زيادة مرونة الاقتصاد، وتحقيق معدلات نمو متوازنة ومستدامة.
وأوضح التقرير أن الحكومة تستهدف التوسع في إنتاج اللقاحات المضادة لفيروس كورونا محلياً كما تتلقي اللقاحات كذلك من الدول الأجنبية، وفي هذا الإطار بلغ عدد المواطنين الذين تم تلقيحهم بجرعة واحدة من اللقاح نحو 6.9 في المئة من إجمالي السكان، فيما حصل نحو 3.5 في المئة من المصريين على جرعتين من اللقاح، كما تم تطعيم نحو 2 مليون موظف حكومي من مجمل العاملين في القطاع الحكومي البالغ عددهم 4.5 مليون حتى نهاية شهر أغسطس 2021، فيما تستهدف مصر تلقيح نحو 40 في المائة من السكان خلال الفترة المقبلة.
وفي ضوء ما سبق، من المتوقع أن يسجل معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي لمصر خلال العام المالي 2020/2021 والمنتهي في شهر يونيو 2021 نحو 3.3 في المئة، مستفيدًا خاصةً من نشاط قطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات، والبناء والتشييد، والتجارة.
ويُتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 5.4 في المئة في عام 2022، بافتراض التعافي الكلي للاقتصاد العالمي، ما سيقوي النشاط السياحي والطلب الخارجي.
وتابع التقرير أن تقديرات المؤسسات الدولية تشير إلى توقع نمو الاقتصاد العالمي بما يتراوح بين 5-6 في المئة في عام 2021، وسط مساراتٍ متباينةٍ للتعافي الاقتصادي ما بين الدول المتقدمة والنامية استناداً إلى التقدم المُحرز على صعيد برامج التلقيح، واختلاف مستويات قدرة حكومات دول العالم على تقديم الدعم الكافي لاقتصاداتها.
ففي الوقت الذي تمكنت فيه الاقتصادات المتقدمة من إقرار حزم تحفيز سخية في عام 2021، واجهت البلدان النامية حيزاً مالياً ضيقاً ما اضطرها للاستدانة لدعم النشاط الاقتصادي.
وتبرز الأولويات على صعيد السياسات في ضرورة الاستمرار في إحراز التقدم المنشود على صعيد برامج التلقيح الوطنية لتعزيز الجاهزية الصحية لمواجهة الوباء والسلالات المتحورة منه، وتبني التدابير التي من شانها تعزيز الحيز المالي اللازم لدعم التعافي الاقتصادي، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى زيادة مستويات المُنعة الاقتصادية. علاوة على تبني سياسات كفيلة بمواجهة المخاطر المشتركة التي تواجه الاقتصادات العالمية حالياً ممثلةً في دعم قدرة الحكومات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والوفاء بالالتزامات الدولية في إطار خفض انبعاثات الكربون، ومواجهة المخاطر المرتبطة بارتفاع مستويات المديونية والهشاشة المالية.
في هذا السياق، كثفت الحكومات العربية جهودها خلال عام 2021 لتسريع وتيرة تنفيذ حملات التلقيح الوطنية لزيادة مستويات الجاهزية الصحية لمواجهة الوباء، الأمر الذي ساهم في ارتفاع أعداد المُلقحين في عدد من الدول العربية إلى ما يتراوح بين 40 و86 في المئة من السكان، ومن ثم اقتراب عدد من هذه الدول من تحقيق المناعة المجتمعية ضد الوباء. ساهم هذا الإنجاز على صعيد برامج التلقيح الوطنية في تشجيع بعض الحكومات العربية على تخفيف القيود على ممارسة الأنشطة الاقتصادية وهو ما ساعد على تعافي عدد من القطاعات الاقتصادية التي لها ترابطات قوية مباشرة وغير مباشرة مع باقي القطاعات الأخرى بدايةً من الربع الثاني من عام 2021، ولعل من أهمها قطاعات التصدير والسياحة والتشييد والبناء والأشغال العامة والتجارة الداخلية والصناعات التحويلية والأدوية والاتصالات وتقنية المعلومات.
علاوة على ما سبق، ساهمت عدة عوامل أخرى في دعم التعافي الاقتصادي للدول العربية في عام 2021 يأتي على رأسها تعافي الطلب العالمي ونشاط التجارة الدولية، وانتعاش الطلب العالمي على الطاقة، وحرص البنوك المركزية ووزارات المالية العربية على مد العمل بعدد من التدابير التحفيزية الداعمة للطلب الكلي في سياق حزم للتحفيز المالي بلغ إجماليها 341.5 مليار دولار أمريكي منذ بداية الجائحة في عام 2020 وحتى نهاية شهر سبتمبر 2021.
في ضوء ما سبق، يتوقع صندوق النقد العربي نمو الاقتصادات العربية مجتمعةً بنسبة 2.7 في المئة في عام 2021، إذ من المتوقع أن تختتم اقتصادات مجموعة الدول العربية المُصدرة للنفط السنة الجارية محققةً نمواً بنسبة 2.8 في المئة، حيث استفادت دول المجموعة من عدد من المحددات لعل من أهمها ارتفاع الأسعار العالمية للنفط بنحو 63 في المئة منذ بداية العام الجاري وحتى منتصف شهر أكتوبر، إلى جانب التقدم المحرز في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على صعيد حملات التلقيح الوطنية، والاستمرار في تبني حزم سخية للتحفيز المالي.
فيما يتوقع نمو اقتصادات مجموعة الدول العربية المستوردة للنفط بنسبة 2.5 في المئة خلال العام الجاري بفعل عدد من العوامل، يأتي على رأسها تحسن الطلب الخارجي، وارتفاع تحويلات العمالة، والتعافي النسبي للقطاع السياحي مع التقدم في حملات التطعيم وعودة فتح الاقتصادات. كما استفاد عدد من دول المجموعة كذلك من الآثار الإيجابية للإصلاحات الاقتصادية المتواصلة في هذه الدول لاحتواء الاختلالات الداخلية والخارجية.