إجماع مصرفي على اتجاه المركزي لتثبيت أسعار الفائدة باجتماع الخميس المقبل
تتجه الأنظار إلى اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الخميس المقبل، لتحديد أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض وسط توقعات من جانب الخبراء المصرفيين بالتثبيت، إذ اتفق المصرفيون على احتمالية اتجاه البنك المركزي المصري لتثبيت أسعار العائد عند معدلاتها الحالية كما هي دون تغيير، مرجعين ذلك إلى أن البنك المركزي يتبع سياسة تحفيزية طويلة المدى تتماشى مع سياسة الدولة في تحفيز النمو الاقتصادي ودعم كل أنشطته الاقتصادية المؤثرة في الإنتاج، فضلًا عن حاجة مصر إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية كوجهة لاستثمارات المحافظ الأجنبية.
في البداية، توقع الخبير المصرفي رمضان أنور، رئيس بنك الاتحاد الوطني سابقًا، أن تتجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري الخميس المقبل، لتثبيت معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض كما هي دون تغيير.
وأضاف أنور أن الاقتصاديات العالمية ومن ضمنها الاقتصاد المصري تشهد حالة من عدم استقرار معدلات التضخم الحالية في ظل أزمة كورونا، وكذلك التباطؤ في نشر التطعيمات المطلوبة لهذا الوباء، الأمر الذي يستلزم على السلطات المصرية العمل على الحفاظ بقدرتها التنافسية على جذب الاستثمارات الأجنبية والعمل في ظل هذه الظروف الصعبة على تحقيق معدلات تنمية مرضية.
وأوضح أنور أنه من الصعب تحقيق تخفيض جديد لمعدلات الفائدة، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تقوم لجنة السياسات النقدية بتثبيت معدلات الفائدة للمرة الرابعة على التوالي لهذا العام وحتى أكتوبر المقبل.
من جهته، قال الخبير المصرفي محمد عبدالعال، إن السياسة النقدية فيما يتعلق بتغيرات أسعار الفائدة في المرحلة الحالية وحتى نهاية العام الحالي، تتركز في تبني الاستمرار في سياسة تحفيزية طويلة المدى تتماشى مع سياسة الدولة في تحفيز النمو الاقتصادي ودعم كل أنشطته الاقتصادية المؤثرة في الإنتاج.
وأشار عبدالعال إلى أنه بالطبع سيكون توقعات معدل التضخم خلال الأشهر المقبلة أحد أهم العوامل المؤثرة في اتجاهات أسعار الفائدة، إذ تشير اتجاهات معدل التضخم المتوقع خلال الأشهر المقبلة استمرار استقراره عند رقم أحادي في إطار المعدل الجديد المستهدف من البنك المركزي"7% زائد أو ناقص 2%" مع ميل متوقع للارتفاع المتدرج فى الشهور المقبلة، تحت تأثير ارتفاع أسعار النفط عالميًا ومعظم أسعار السلع الاستراتيجية المستوردة.
وأضاف عبدالعال أنه رغم ارتفاع معدل التضخم الأساسي في شهر مايو الماضي، إلا أنه على أرض الواقع استمر معدل العائد الحقيقي مرتفعًا، وهو ما يعطي لجنة السياسة النقدية إمكانية إجراء تخفيض في سعر الفائدة، ولكن على الجانب الآخر، فإن لجنة السياسة النقدية قد تعطي اهتمامًا أكبر بأهمية الحفاظ على تدفقات النقد الأجنبي من جميع المصادر، وهو ما يجعلها تفضل إبقاء أسعار الفائدة كما هي دون تغيير الاجتماع المقبل.
وأوضح أن المؤشرات قد تدفع لجنة السياسة النقدية في اجتماعها المقبل لتثبيت أسعار الفائدة خاصة، وأنه يجب تجنب خلق مظاهر للركود الاقتصادي، وأهمية الاهتمام بتنشيط الاستهلاك عن طريق منح أسعار فائدة مناسبة للقطاع العائلي ، وأيضًا العمل على استمرار جاذبية الجنيه المصري للعاملين المصريين في الخارج والمستثمرين الأجانب في أوراق الدين العام، وفي ذات الوقت الاستمرار في استخدام أدوات التيسير النقدي الأخرى عبر المبادرات والتيسيرات الإجرائية، كبديل مرحلي إذا ما تطلب الأمر ضخ سيولة أكبر في شرايين الاقتصاد دون الحاجة إلى سياسة خفض الفائدة وانتظارًا لاستقراء تطور المؤشرات العالمية والمحلية.
من جانبها، توقعت رضوى السويفي رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، اتجاه البنك المركزي المصري إلى الإبقاء على أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض كما هي دون تغيير في اجتماعه يوم الخميس المقبل.
وأضافت السويفي أنه نظرًا لأن التضخم سيبدأ في الارتفاع تدريجيًا اعتبارًا من مايو 2021 وحتى سبتمبر 2021، لتأثير سنة الأساس على الأرقام، وزيادة أسعار السلع العالمية، وارتفاع أسعار المواد الخام، وارتفاع أسعار الفواكه والخضروات في موسم الصيف، فإننا نتوقع حفاظ البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير، على الأقل حتى أكتوبر 2021، مشيرة إلى أن التضخم الحضري قد يرتفع تدريجيًا من 4.1% على أساس سنوي في أبريل إلى نحو 5.5% في سبتمبر.
وأشارت إلى أنه بالإضافة إلى قراءة التضخم والنظر في بطء انتشار اللقاح (الذي يبطئ انتعاش السياحة العالمية)، والانتعاش الاقتصادي في العالم المتقدم، لا تزال مصر بحاجة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية كوجهة لاستثمارات المحافظ الأجنبية، ما يعني أيضًا أن نحن بحاجة إلى الحفاظ على الأسعار على الأقل حتى الربع الرابع من عام 2021.
وبدوره، توقع طارق متولي، الخبير المصرفي، تثبيت أسعار العائد في اجتماع السياسة النقدية الخميس المقبل، لافتًا إلى أنه رغم الارتفاع الطفيف في التضخم إلا أنه ما زال في الحدود المستهدفة للبنك المركزى رغم من احتمال زيادة الضغوط التضخمية خلال الفترة المقبلة نتيجة ارتفاع أسعار البترول والسلع الرئيسية عالميًا، إضافة إلى الضخ الكبير للسيولة خلال الفترة السابقة سواء على المستوى العالمي أو المحلي لمواجهة تداعيات أزمة كورونا والتأثير المحتمل على ارتفاع معدلات التضخم الحالية خاصة مع انحسار فيروس كورونا بالدول المتقدمة نتيجة تطعيم نسب عالية من السكان.
وأضاف أن ذلك أدى مؤخرًا إلى ارتفاع أسعار العائد على أذون الخزانة الأمريكية وجذب المزيد من الاستثمارات للسوق الأمريكية، وتأثير ذلك على الأسواق الناشئة وعلى جذب الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومي المصري، وهو أحد المصادر المهمة الحالية في تغطية الفجوة في النقد الأجنبي وتمويل العجز في الحساب الجاري واستقرار سعر الصرف.
وأوضح أن هناك تطورًا إيجابيًا واضحًا على مستوى المؤشرات الاقتصادية المحلية من حيث معدل النمو وانخفاض معدل البطالة والمحافظة على معدلات التضخم وفق المستهدف لها واستقرار سوق و سعر الصرف وتنشيط الأسواق عبر المبادرات العديدة للبنك المركزي لتحفيز النشاط الاقتصادي واستمرارية قطاع الأعمال، ما يعزز من تثبيت سعر الفائدة وذلك تحوطًا لأي ضغوط تضخمية محتملة بفعل تطورات أسعار البترول والسلع الأساسية والسيولة عالميًا والإبقاء على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير عند نفس مستوياتها.
وفي سياق متصل، أصدرت إدارة البحوث بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، توقعاتها بشأن قرار لجنة السياسات النقدية المحتمل في ضوء الوضع الراهن لمصر، إذ توقعت أن يبقي البنك المركزي المصري سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل المقرر عقده الخميس الموافق 17 يونيو.
وقالت مونيت دوس، محلل أول الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة إتش سي: "جاءت أرقام التضخم لشهر مايو أفضل قليلاً من تقديراتنا عند 5.0% على أساس سنوي و0.8 % على أساس شهري. وخلال الفترة المتبقية من عام 2021، نتوقع أن يبلغ متوسط معدل التضخم 0.8% على أساس شهري، و6.8% على أساس سنوي، وهو ما يعكس ارتفاع أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم واحتمال حدوث انتعاش في القطاع السياحي وإنفاق المستهلك بعد إطلاق لقاح COVID-19".
وأضافت: "لذلك، نتوقع أن يظل معدل التضخم في 2021 ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي المصري والبالغ 7% (+/- 2%) للربع الرابع من عام 2022، نظرًا لبطء عائدات السياحة، حاليًا، تعتمد مصر على تدفقات رأس المال الأجنبي في سوق أدوات الدين الحكومية كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية مما يفرض ضغوطًا على أسعار الفائدة على الدين الحكومي".
وأوضحت دوس: "ويتجلى ذلك في انخفاض أسعار أذون الخزانة بمقدار 129 نقطة أساس فقط منذ يناير 2020 رغم قيام البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس خلال تلك الفترة، ما أدى إلى الفصل بين سعر الفائدة وعوائد أذون الخزانة".
وتابعت: "وفي الوقت الحالي، تجني البنوك معدل 10.6% بعد خصم الضرائب على أذون الخزانة أجل الـ 12شهرًا ونحو 10.8% على الإقراض للقطاع الخاص (وفقًا لمبادرات القروض المدعومة من البنك المركزي المصري لقطاعات مختلفة بنسبة 8% مع تعويض البنوك المشاركة عن فرق متوسط سعر الفائدة الرسمي + 2%). نعتقد أنه في هذه المرحلة قد يؤدي خفض سعر الفائدة إلى زيادة الفرق بين سعر الفائدة الرسمي وعوائد أذون الخزانة الحكومية التي نتوقع أن تبقى مرتفعة".
وأكلمت: "نلاحظ أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ظلت تدفقات المحافظ الأجنبية في سوق أدوات الدين المصرية راكدة إلى حد كبير مع الإعلان عن أرصدة قدرها 28-29 مليار دولار أمريكي في مايو، وهو نفس الرقم الذي تم الإعلان عنه لشهر فبراير. ونلاحظ أيضًا أن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي (باستثناء البنك المركزي) قد انخفض إلى 3.52 مليار دولار أمريكي، وهو ما نعتقد أنه مستوى ضعيف نظرًا لأن البنوك المصرية هي الممول الرئيسي في حالة خروج الاستثمار الأجنبي. لذلك، نتوقع أن تحافظ لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقبل".
واستطردت: "ونعتقد أنه من الممكن خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في النصف الثاني من 2021 بعد استئناف نشاط السياحة وانتعاش محتمل في حركة التجارة الدولية. كما أن التدفقات المرتفعة المحتملة إلى سوق أدوات الدين المصرية بعد إدراجها في سلسلة مؤشرات السندات الحكومية في الأسواق الناشئة والمبتدئة FTSE ومؤشر (جي. بي. مورجان) للسندات الحكومية للأسواق الناشئة يمكن أن يفسح المجال للجنة السياسات النقدية لإجراء تخفيض في سعر الفائدة".
واختتمت دوس: "ومع ذلك، نعتقد أن أذون الخزانة المصرية ينتج عنها عائد حقيقي 4% تقريبًا وفقًا لحساباتنا (13.3%على أذون الخزانة المصرية أجل الـ 12 شهرًا وباحتساب 15% ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين وتوقعاتنا لمعدل التضخم عند 7.3%) مقارنة بالعائد الحقيقي البالغ 3.1% لتركيا (باحتساب صفر % ضرائب وتوقعات بلومبرج للتضخم التركي عند 15.6% و18.7% على أذون الخزانة لمدة عام واحد)".
وتبحث لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض في اجتماعها المقبل يوم 17 يونيو المقبل.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماعها السابق الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى %8.25 و%9.25 و%8.75 على الترتيب.