مجموعة QNB توضح أسباب عودة رؤوس الأموال العالمية إلى الأسواق الناشئة
قال تقرير صادر عن مجموعة QNB الأهلي، إنه على الرغم من التحديات في بيئة الاقتصاد الكلي العالمي، المدفوعة بعوامل مثل ارتفاع التضخم والأوضاع النقدية المشددة والاحتكاكات الجيوسياسية، من المقرر أن تستفيد الأسواق الناشئة من بعض العوامل الإيجابية في عام 2023. ومع تقدم العام، أصبح المشاركون في السوق يدركون بشكل متزايد المرونة والفرص التي توفرها العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة.
وأوضح التقرير أنه وفقاً لمعهد التمويل الدولي، حدث تحوّل كبير في التدفقات الواردة من محافظ غير المقيمين إلى الأسواق الناشئة، والتي تمثل استثمارات المستثمرين الأجانب في الأصول العامة المحلية. فبعد فترة من الأرقام السلبية أو الضعيفة طوال معظم عام 2022، زاد متوسط هذه التدفقات لثلاثة أشهر إلى أكثر من 30 مليار دولار أمريكي. وساهمت هذه التدفقات الرأسمالية في تحقيق مكاسب كبيرة عبر فئات أصول الأسواق الناشئة، بما في ذلك زيادة بأكثر من 17% في إجمالي العائد على الأسهم (مؤشر MSCI للأسواق الناشئة) وزيادة بنسبة 14% على عائد السندات (مؤشر جي بي مورغان العالمي لسندات الأسواق الناشئة) من المستويات المتدنية الأخيرة.
وأضاف التقرير أنه في بيئة عالمية حافلة بالتحديات، ما الذي يدفع التفاؤل بشأن بعض الأسواق الناشئة؟ من وجهة نظرنا، هناك عاملان رئيسيان يفسران الخلفية الإيجابية للأسواق الناشئة، وهما تراجع التقييم المبالغ فيه لسعر الدولار الأمريكي، ووجود أسس قوية للاقتصاد الكلي في معظم الأسواق الناشئة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
أولاً، إن المبالغة في تقييم الدولار الأمريكي بدأت تنحسر، وهو ما يوفر رياحاً دافعة قوية لأصول الأسواق الناشئة. باعتباره ملاذاً آمناً تقليدياً، يرتبط الدولار الأمريكي عكسياً بمعظم الأصول التي تتعلق بـ "الإقدام على المخاطر"، بما في ذلك أسهم وسندات الأسواق الناشئة، والتي تنطوي على قدراً أكبر من المخاطر بالمقارنة مع الأصول المشابهة في الاقتصادات الأكثر استقراراً وتقدماً.
وانخفضت قيمة الدولار الأمريكي بالفعل بنسبة 5% تقريباً مقابل عملات الأسواق الناشئة الرئيسية منذ أواخر العام الماضي. وتجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من اعتدال قوة الدولار الأمريكي في الأشهر الأخيرة، فإن سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدولار الأمريكي- وهو سعر الصرف الأجنبي المرجح بالتجارة والمعدّل وفقاً للتضخم- لا يزال يشير إلى ارتفاع تقييم الدولار الأمريكي بنسبة 15% عن اتجاهه طويل المدى. وغالباً ما يستخدم سعر الصرف الفعلي الحقيقي لتحديد "القيمة العادلة" للعملات المختلفة، فهو يوضح التغيرات في أنماط التجارة بين البلدان وكذلك الاختلالات الاقتصادية المتمثلة في التضخم وفروقاته.
ومن المحتمل أن تدفع التعديلات الإضافية على الدولار الأمريكي خلال الأرباع القادمة رؤوس الأموال خارج الولايات المتحدة نحو الاقتصادات الأخرى، حيث أن تراجع قيمة الدولار الأمريكي يعد أمراً ملائماً للمحافظ المتنوعة العالمية. ومن شأن هذا الوضع أن يكون مفيداً بشكل خاص للاقتصادات المتقدمة التي لديها عملات مقومة بأقل من قيمتها، مثل اليابان وكندا والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو وأستراليا. ولكن، من المتوقع أن تستفيد من ذلك أيضاً الأسواق الناشئة التي لديها عملات معومة مقومة بأقل من قيمتها، بما في ذلك جنوب إفريقيا والبرازيل. في الواقع، من المتوقع أن يؤدي التنويع العام بعيداً عن الدولار الأمريكي إلى دعم جميع البلدان، بما في ذلك الأسواق الناشئة الأخرى.
ثانياً، تعد أسس الاقتصاد الكلي أقوى حالياً في معظم الأسواق الناشئة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة. فقد شهدت العديد من الاقتصادات المتقدمة اختلالات حادة جراء سياسات التحفيز المفرط في أعقاب الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية، مما أدى إلى مشاكل مثل ارتفاع الدين العام والضغوط التضخمية. وكان السبب وراء ذلك هو الحاجة إلى حماية دخل الأسر والشركات من الصدمات السلبية الكبيرة.
وفي المقابل، كان لدى معظم بلدان الأسواق الناشئة حيز أقل لاستخدام السياسة الاقتصادية في التكيف مع صدمة الجائحة. علاوة على ذلك، واجهت البنوك المركزية في بلدان الأسواق الناشئة التي لها تاريخ من التضخم المزمن، مثل البرازيل والمكسيك، ضغوطاً لتنفيذ زيادات في أسعار الفائدة بشكل استباقي في وقت مبكر من دورة التضخم. وكان هذا النهج الاستباقي حاسماً في إبقاء التضخم تحت السيطرة والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي.
ونتيجة لذلك، تتعرض بلدان الأسواق الناشئة الآن لضغوط أقل لتشديد السياسة النقدية، بل وقد تبدأ في دورات تخفيف مبكر للسياسة النقدية، حيث تكيفت اقتصاداتها إلى حد كبير مع الظروف العالمية الأقل اعتدالاً.
بشكل عام، بدأت تدفقات رؤوس الأموال العالمية تعود إلى الأسواق الناشئة، مدفوعة بالتراجع المستمر في التقييم المبالغ فيه للدولار الأمريكي والأسس الاقتصادية الأقوى نسبياً في معظم بلدان الأسواق الناشئة. بالإضافة إلى ذلك، يحتفظ المستثمرون المؤسسيون بمراكز صغيرة في أصول الأسواق الناشئة. وقد تؤدي المساعي الأخيرة لزيادة تنويع الاستثمارات، المدفوعة بعوامل مثل التقييمات العالية في الأسواق المتقدمة والمخاوف المتعلقة بالتضخم، إلى تراجع المشاعر السائدة التي تفضل الأصول الأمريكية باعتبارها "أفضل ما هو متاح".
وفي الوقت الحالي، يحتفظ المستثمرون المؤسسيون بأقل من 10% من محافظ الأسهم الخاصة بهم في الأسواق الناشئة، مقابل وزن يبلغ 12% في مؤشر MSCI وحقيقة أن 34% من إجمالي الإيرادات العالمية مستمدة من الأسواق الناشئة.
ويمكن لأي تغيير ذي مغزى في سياسات التخصيص أن يؤدي إلى تدفق المزيد من رؤوس الأموال العالمية إلى الأسواق الناشئة.