وول ستريت جورنال: الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في طريقه لخفض أسعار الفائدة هذا العام
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن بيانات التضخم والتوظيف النشطة في يناير الماضي لم تغير توقعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي في الولايات المتحدة) بأنه سيكون من المناسب خفض سعر الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، مضيفة أن جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي يريد المزيد من الأدلة على أن هناك تباطؤ في التضخم.
وكانت وزارة العمل الأمريكية قد أشارت، في وقت سابق، أن الاقتصاد أضاف ضعف عدد الوظائف الذي توقعه المتنبئون في يناير، وأن التضخم، باستخدام المقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، سجل أكبر زيادة شهرية خلال عام.
ومع ذلك، فإن التضخم أقل بكثير مما كان عليه قبل عام واحد، ولفتت وزارة التجارة الأمريكية الأسبوع الماضي إلى أن الأسعار الأساسية، التي تستثني المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، ارتفعت بنسبة 2.8 بالمئة على مدى الـ 12 شهرا حتى يناير، بانخفاض من 4.9 بالمئة خلال فترة الـ 12 شهرًا السابقة. ونقلت الصحيفة تصريحات جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي أثناء إدلائه بشهادته أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب أمس، والتي أكد فيها أنه لن يكون هناك ما يبرر تخفيضات أسعار الفائدة حتى يكتسب المسؤولون ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو هدف البنك المركزي البالغ 2 بالمئة.
وذكرت الصحيفة أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أوضح أنه لا يبحث عن قراءات تضخم جديدة أفضل من التي لديهم، وإنما يريد فقط المزيد منها. وأكد باول أن القوة الأخيرة للاقتصاد وسوق العمل "تعني أنه يمكننا التعامل مع تخفيضات أسعار الفائدة بعناية وبصورة مدروسة". وأشارت " وول ستريت جورنال" أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يحاولون الموازنة بين خطرين، أولهما أنهم يتحركون ببطء شديد لتخفيف سياسة التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة)، بينما يتضرر الاقتصاد تحت وطأة أسعار الفائدة المرتفعة، وثانيها هو أن تخفيف سياسة التشديد النقدي قبل أوانها، ستسمح للتضخم بأن يترسخ عند مستوى أعلى بكثير من هدفهم البالغ 2 بالمئة.
وحول ذلك نقلت الصحيفة تصريحات باول أمام اللجنة الاقتصادية، حيث أكد أن تخفيف قيود السياسة النقدية في وقت مبكر جدًا أو أكثر من اللازم قد يتطلب في النهاية سياسة أكثر صرامة لإعادة التضخم إلى 2 بالمئة، مضيفا أنه في الوقت نفسه، فإن الحد من القيود السياسية في وقت متأخر للغاية أو بشكل أقل مما ينبغي يمكن أن يؤدي إلى إضعاف النشاط الاقتصادي والتوظيف بصورة مفرطة.
وأشارت أنه وعلى مدى العامين الماضيين، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ أربعة عقود لمكافحة التضخم الذي قفز أيضًا إلى أعلى مستوياته خلال 40 عامًا. ومنذ يوليو الماضي، أبقى المسؤولون سعر الفائدة القياسي على الأموال الفيدرالية عند نطاق يتراوح بين 5.25 بالمئة و5.5 بالمئة مع تراجع التضخم. وأردفت الصحيفة أن سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية يؤثر على تكاليف الاقتراض الأخرى في جميع أنحاء الاقتصاد مثل القروض العقارية وبطاقات الائتمان والقروض التجارية.
وللتعامل مع ذلك، قال باول للمشرعين إن البنك المركزي يركز على دعم الظروف الاقتصادية التي من شأنها أن تستمر في خفض التضخم مع الحفاظ على نمو قوي وسوق عمل صحي، وتحقيق ما يسمى بالهبوط الناعم (خفض التضخم دون الدخول في ركود).
واستطرد رئيس الاحتياطي الفيدرالي قائلا: "نحن نسير على طريق جيد"، مضيفا أنه لا يرى "أي سبب للاعتقاد" بأن الاقتصاد الأمريكي يواجه خطرًا مباشرًا بالوقوع في الركود.
وذكرت الصحيفة أنه وعلى الرغم من تحويل تركيز بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو موعد خفض أسعار الفائدة، فقد قلل باول في مؤتمر صحفي يوم 31 يناير من توقعات بعض المستثمرين بأن المسؤولين قد يفكرون في خفض أسعار الفائدة في اجتماعهم المقبل، في الفترة من 19 إلى 20 مارس، مضيفة أنه ومنذ ذلك الحين، عززت البيانات الاقتصادية ذلك. ولفتت أن باول وصف، أمس، التباطؤ الأخير في التضخم بأنه ملحوظ وواسع النطاق، في إشارة إلى أن ارتفاع الأسعار في يناير لم يغير توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي بأن التضخم سيستمر في التباطؤ هذا العام.
وأشارت الصحيفة الأمريكية أن ما جاء به باول من تصريحات لم تفعل شيء يذكر لتغيير التوقعات في أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة بأن البنك المركزي سوف يخفض أسعار الفائدة في يونيو. وأضافت أن أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة تتوقع حاليًا أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثلاث أو أربع مرات هذا العام. من جانبها، ذكرت صحيفة " فايننشال تايمز" البريطانية أنه وعلى ضوء النمو القوي في الربع الأخير من عام 2023 واستمرار مرونة سوق العمل الأمريكي في يناير، توقع الاقتصاديون الذين استطلعت " بلومبيرغ" آراءهم أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 في المائة هذا العام، أي حوالي ضعف الوتيرة التي توقعوها في نهاية عام 2023. ونقلت الصحيفة البريطانية عن جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في " EY " أنه لا يزال الاقتصاد الأمريكي قويا للغاية والمحرك الرئيسي للنمو العالمي، مضيفا أن هناك رياح معاكسة، لكن بشكل عام لا توجد مؤشرات على تقليص وشيك في القطاع الخاص.
وأكدت أن معظم المحللين يتوقعون الآن أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بأول خفض لسعر الفائدة هذا العام إما في يونيو أو يوليو، مع ثلاث أو أربع تخفيضات بمقدار ربع نقطة في المجمل بحلول نهاية العام.