القيادة المستدامة في القرن الواحد والعشرين
في القرن الواحد والعشرين تطورت نظريات القيادة والنظرة إلى مفهوم القائد بتطور اليات التأثير؛ فمن النظرة البدائية التي تمحورت حول القوة والقدرة الحاكمة للآخرين بمشاعر الخوف من البطش أو غلبة القدرة على قدرات الاخرين أو الإمكانات المادية أو القانونية أو الأبوية أو حتى الشخصية، إلى القيادة الأكثر إنسانية وتشاركية، والمتحلية بالمهارات الناعمة، والتي تملك مقومات تفوق المنصب أو المركز القانوني.

أصبحنا في واقع ينبغي أن تتحلى فيه القيادة بالأخلاق والوعي متخذة التكنولوجيا والتنوع في وسائط التواصل أداة مكنت القيادة من تغيير المفاهيم القديمة، من ثم القيادة اليوم لم تعد فقط مقصورة على امتلاك مهارات شخصية، بل أصبحت ترتبط ارتباطا وثيقا بالمرونة والأخلاق والذكاء العاطفي، والوعي الثقافي والتكنولوجي.
لذا نجد تجديد في الفكر الإداري حول نماذج متطورة من القيادة في الفترة من عام 2020 وحتى 2025، ومن أشهرها إلى الآن النماذج التالية:
أولا: القيادة التحويلية الرقمية (Digital Transformational Leadership)
تركز على قدرة القائد على قيادة التغيير الرقمي وتحفيز فرق العمل نحو الابتكار التكنولوجي، بشكل يستدعي أن يمتلك عدة مهارات أساسية منها التفكير الاستراتيجي، فهم الذكاء الاصطناعي، والتكيف مع التحول الرقمي.
ثانيا: القيادة الأخلاقية الواعية (Conscious and Ethical Leadership)
تعني أنه ينبغي ألا يكتفي القائد بالتوجه نحو النتائج، بل عليه أن يفكر أولا في الأثر الاجتماعي والبيئي، وكانت هذه النظرة للقيادة كنتاج طبيعي للنظرة الفكرية إلى ما بعد جائحة كورونا (كوفيد – 19).
ثالثا: القيادة الخادمة (Servant Leadership)
القيادة الخادمة في جوهرها قديمة وكانت تتمحور على قدرة القائد على تحقيق أهداف الجماعة، ولكن تم الالتفات لها بأسلوب عصري يحاكي متغيرات الواقع، ولتركز على ما هو أهم من إصدار الأوامر إلى فكرة التمكين والمشاركة، وكأن القول تبدل من "يقودهم نحو النصر" إلى "يدعمهم ويدفعهم لتحقيق النصر".
رابعا: القيادة التكيفية (Adaptive Leadership)
أصبحت ضرورة في عصر سريع التغير والتطور، وبالتالي نجدها تركز على المرونة العالية في مواجهة التغيير السريع والمفاجئ؛ فالقادة المعاصرون يتعلمون باستمرار وقادرون على التوقع، كما لهم القدرة على التكيف مع أزمات غير متوقعة.
خامسا: القيادة بالعاطفة والرحمة (Compassionate Leadership)
هي من نتاج معاناة العالم من أثر جائحة كورونا وجل تركيزها على الجانب الإنساني في القيادة؛ معتمدة في ذلك على الذكاء العاطفي (EQ)، وبناء علاقات إنسانية قوية مع فرق العمل.
سادسا: القيادة الموزعة (Distributed Leadership)
هي نموذج يجافي فكرة التمركز ويشجع على توزيع القيادة والسلطات وما تحمله من مسؤوليات لمواكبة التغير والوصول إلى بيئة عمل تتسم بالمرونة والعمل عن بعد، والذي أصبح واسع الانتشار وتنادي به كثير من مؤسسات الأعمال سواء عامة أو خاصة.
سابعا: القيادة الثقافية والذكية عالميا (Global & Cultural Intelligence Leadership)
نتيجة إلى التطور في آليات الاتصال والتواصل، ومع التنوع في وسائط التكنولوجيا، بالفعل أصبح العالم إقليما واحد أو كما يقولون قرية تجمع كل الأمم في حيز من التواصل والاتصال والتأثير والتأثر بشكل مفتوح ومتاح؛ لذا أوجبت تلك العوامل كلها نموذج لقائد يتحلى بذكاء ثقافي CQ، ليتمكن من التواصل والتأثير عبر خلفيات وثقافات متنوعة ومختلفة.
مما سبق يمكننا القول إن القائد النموذج اليوم هو من يستطيع مواكبة الحداثة والتطور والتكيف مع هذا الكم الهائل من التغير في عالم الرقمنة وتكنولوحيا الاتصال والتواصل والنماذج الافتراضية والمعلوماتية وقواعد البيانات والذكاء الاصطناعي.