رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

خبراء : خفض الفائدة الأمريكية يعزز الفرص الاستثمارية في مصر ويخفف الضغط على الدولار

هل الموضوع مفيد؟
شكرا

أكد خبراء ومصرفيون على أن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية قد يحمل تأثيرات إيجابية على جاذبية الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، حيث يمكن أن يعزز تدفق الاستثمارات الأجنبية ويخفف من الضغوط على الجنيه المصري، مُشيرين إلى أن هذه الخطوة قد تساهم في تعزيز فرص الاستثمار، إلا أنها قد تفرض أيضاً تحديات تتعلق بتوازن الصادرات واستقرار السوق المحلية، مما يستدعي مراقبة دقيقة من قبل صانعي القرار لضمان الحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري.


 ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي والمصرفي أحمد مجدي منصور ،إن التحول الأخير في السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بعد تخفيض الفائدة بنسبة إجمالية وصلت إلى 0.75%، يعد إشارة واضحة على الانتقال من سياسة التشدد إلى التيسير النقدي، هذا التحول، وفقاً لمنصور، يفتح باباً جديداً لدعم الاقتصاد العالمي ويعد فرصة مهمة للاقتصادات الناشئة، ومنها الاقتصاد المصري، من خلال استقطاب تدفقات نقدية أجنبية.

وأوضح منصور أن انخفاض الفائدة في الولايات المتحدة سيشجع المستثمرين الدوليين على البحث عن أسواق توفر عوائد أعلى، مثل الأسواق الناشئة، مستفيدين من الفوائد المرتفعة نسبياً في مصر. لكنه نبه إلى أن تدفق “الأموال الساخنة” قد يحمل مخاطر، خاصة في حال انسحاب المستثمرين بشكل مفاجئ، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في السوق.

وأشار منصور إلى أن إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب قد تؤدي إلى تطبيق مزيد من السياسات التي تستهدف تقييد نمو الاقتصاد الصيني من خلال فرض رسوم وجمارك على الواردات الصينية، وهو ما قد يدفع دولاً أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي، إلى اتباع سياسة مماثلة. وقد يضيف هذا ضغوطاً جديدة على الاقتصاد الأوروبي، وخاصةً ألمانيا التي تعاني من مؤشرات اقتصادية ضعيفة، ما يمثل تحدياً مستمراً للاقتصاد الأوروبي ككل.

وفيما يخص مصر، أكد منصور على أهمية استغلال التدفقات النقدية الأجنبية المتوقعة في استثمارات مباشرة، مشيراً إلى أن بعض الشركات العاملة في الصين قد تبحث عن وجهات بديلة لنقل مصانعها هرباً من الضغوط الأمريكية، ما يمثل فرصة لمصر،وأوصى منصور بأن تقوم الحكومة المصرية بالترويج لقطاعات استراتيجية واعدة مثل اللوجستيات، وصناعة السيارات، والطاقة المتجددة، والغاز، والتعدين، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة ودعم أهداف الأمن القومي.

وأضاف أن النجاح في استقطاب هذه الاستثمارات قد يؤدي إلى زيادة إيرادات مصر الدولارية في المستقبل القريب والمتوسط، خصوصاً في حال استقرار الأوضاع الجيوسياسية، وانتعاش حركة الملاحة في قناة السويس والسياحة. مثل هذا التحسن سيؤثر إيجابياً على سعر الصرف ويخفض التكاليف، ما يساهم في تخفيف الضغوط التضخمية ويفتح المجال أمام البنك المركزي المصري للتحول نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً دون المساس بمصلحة المودعين.

 

وحول تأثير تخفيض الفائدة الأمريكية على الدولار عالمياً، أشار منصور إلى أن انخفاض الفائدة عادة ما يقلل الطلب على الدولار ويضعف قيمته، لكن في الواقع يستمر الدولار في الحفاظ على قوته كونه يشكل 70% من حجم التجارة العالمية، فضلاً عن التحديات التي يواجهها اليورو وضعف تأثير تحالفات مثل مجموعة البريكس على سعره.

وفيما يتعلق بالذهب، أوضح منصور أن تخفيض الفائدة الأمريكية سيدفع بعض المستثمرين للاتجاه نحو الذهب كأداة استثمار آمنة، مما يدفع سعره للارتفاع.

 

 

 

 

ومن جه أخرى قال أيمن حسن سليمان نائب أول مدير عام بنك مصر، إن قرار الفيدرالي الأمريكي الأخير بخفض الفائدة يعني الدخول في مرحلة تخفيض تدريجي لأسعار الفائدة، والتي من المتوقع أن تستمر في الاجتماعات القادمة،ويشير هذا التحرك إلى انتهاء فترة التشدد النقدي التي بدأها الفيدرالي منذ مارس 2022، والتي رفعت فيها الفائدة إلى نطاق 5.25%-5.50%، وهي مستويات لم تُسجل منذ فترة طويلة.

وأضاف سليمان أن تأثير هذا القرار على الأسواق الناشئة، خاصة مصر، سيكون إيجابيًا، حيث يُتوقع تدفق رؤوس الأموال الساخنة من السوق الأمريكي إلى الأسواق الناشئة، مما سيزيد من الطلب الأجنبي على السندات وأذون الخزانة المصرية ويُعزز حجم المحافظ المالية التي تشمل استثمارات أجنبية. ومع ذلك، حذر سليمان من أن هذه الاستثمارات تعتبر مؤقتة وقد تسبب اضطرابات عند خروجها المفاجئ، كما حدث في السابق.

وعن السياسة النقدية في مصر، أوضح سليمان أنه في حال استمر خفض الفائدة الأمريكية وشهدنا تخفيضًا إضافيًا بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر 2024، فمن المرجح أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة على الجنيه المصري في اجتماعه القادم. هذا التوجه سيخفض تكلفة الاقتراض على الشركات ويشجعها على توسيع نشاطاتها، مما سينعكس بزيادة الإنتاج والتصدير، كما سيقلل من تكلفة الدين الحكومي.

وفيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، أوضح سليمان أن تأثير القرار الأمريكي على هذا النوع من الاستثمارات في مصر محدود، حيث يعتمد الاستثمار المباشر على عوامل أخرى، منها:

    1.    اتخاذ قرارات تسهل إجراءات الاستثمار الأجنبي، خصوصًا في ملفات الضرائب وتحويل الأرباح.

    2.    تحسين مناخ الاستثمار في مصر، الذي يعاني من ضعف بعض المؤشرات الاقتصادية مثل انخفاض معدل النمو وارتفاع حجم الدين الخارجي وعدم استقرار سعر الصرف.  

   3.    الحاجة إلى وضع نموذج واضح لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مما يستلزم استراتيجية أكثر تركيزًا لجذب هذه التدفقات.

وحول قيمة الدولار عالميًا، أشار سليمان إلى أنه من الطبيعي أن تنخفض أسعار الدولار مع انخفاض الفائدة، لكن على عكس التوقعات، شهد الدولار ارتفاعًا طفيفًا نتيجة بعض المكاسب بعد انتخاب الرئيس الجمهوري ترامب رئيسًا للولايات المتحدة. وأكد سليمان أنه لا يمكن التنبؤ باتجاه الدولار بشكل دقيق حتى يتم تنفيذ مقترحات الرئيس الجديد بخصوص فرض تعريفات جمركية إضافية وتخفيض الضرائب، ولكنه يرى أن أي تخفيض في قيمة الدولار سيكون لصالح الاقتصاد المصري.

أما بالنسبة لتأثير القرار على أسعار الذهب العالمية، توقع سليمان ارتفاع أسعار الذهب عالميًا مع انخفاض الفائدة الأمريكية، حيث يزيد الطلب على الذهب، الذي تستخدمه البنوك المركزية لتعزيز احتياطياتها من الذهب لتعويض تراجع الاحتياطي النقدي من الدولار.

ورغم ذلك، شهدت أسعار الذهب تراجعًا بعد فوز ترامب، وهو ما يعتبره الخبراء أمرًا طبيعيًا بعد الانتخابات، لكن سليمان يرى أن الذهب قد يعود للارتفاع على المدى الطويل إذا استمرت الفائدة الأمريكية في الانخفاض

 

 

 

 و من جهته قال الخبير المصرفي هاني حافظ إن قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة للمرة الثانية قد يحمل تأثيرات إيجابية وأخرى معقدة على الاقتصاد المصري، وتتمثل أبرز هذه التأثيرات في:

       1.    جذب رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة:

       •     أشار حافظ إلى أن خفض الفائدة الأمريكية يجعل الأسواق الناشئة، مثل مصر، أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن عوائد أعلى. هذا قد يساهم في زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو مصر.

       2.    تأثير محتمل على سعر الجنيه:

       •     انخفاض الدولار العالمي قد يُخفف من الضغوط على الجنيه المصري، مما يسهم في تقليل تكلفة الواردات الأساسية. ومع ذلك، قد يؤثر هذا الانخفاض سلباً على الصادرات المصرية ويزيد من تكلفتها نسبيًا في الأسواق العالمية.

       3.    تعزيز فرص الاستثمار الأجنبي المباشر:

       •     توقع حافظ أن يزيد خفض الفائدة الأمريكية من فرص الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، خاصة في قطاعات الإنتاج مثل الصناعات التحويلية والطاقة. إلا أن استقرار بيئة الاستثمار المحلية سيظل عاملاً حاسماً في جذب هذه الاستثمارات.

       4.    ارتفاع أسعار الذهب عالميًا ومحليًا:

       •     يرى حافظ أن خفض الفائدة الأمريكية يعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن، مما يزيد الطلب عليه ويدفع أسعاره للارتفاع. هذا سيؤدي إلى زيادة في أسعار الذهب داخل السوق المصري، خاصة إذا انخفض الدولار مقابل الجنيه.

       5.    قرارات البنك المركزي المصري المقبلة:

       •     قد يشجع قرار الفيدرالي البنك المركزي المصري على تثبيت أو خفض الفائدة لدعم الاقتصاد، لكن هذا يعتمد على استمرار استقرار الجنيه ومراقبة معدلات التضخم لضمان التوازن الاقتصادي.

وأشار حافظ إلى أن خفض الفائدة الأمريكية قد يفتح فرصاً كبيرة لتدفق الاستثمارات نحو مصر، لكنه يستلزم متابعة حذرة لضمان استقرار السوق المحلي وتجنب أي ضغوط تضخمية محتملة.

 

 

 

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب