رئيس التحرير
محمد صلاح
الأخبار

بلتون: قرار تحرير سعر الصرف أعاد ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري

هل الموضوع مفيد؟
شكرا



قال بنك الاستثمار بلتون فاينانشيال، أحد أكبر بنوك الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن قرار البنك المركزي المصري في الثالث من نوفمبر من عام 2016، نجح في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري، وجعل مصر الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية بين الأسواق الناشئة.

وأوضحت علياء ممدوح كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار بلتون في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن قرار تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر 2016 كان ضروريًا للغاية في ذلك التوقيت، ولم يكن في صالح الاقتصاد المصري تأخيره أكثر من ذلك بعد تردى كثير من الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية سواء على صعيد الاحتياطي النقدي أو الاستثمار الأجنبي، فضلًا عن وجود سعرين للصرف الأجنبي في البلاد وتركز التعاملات في ذلك الوقت في السوق السوداء، ما كان يزيد المخاطر على الاقتصاد. 

وأضافت أن الاقتصاد المصري لم يكن قادرًا على تحمل المزيد من الأعباء الناتجة عن عدم تحرير سعر الصرف في ذلك الوقت، خاصة في ظل سيطرة السوق الموازي على تعاملات النقد الأجنبي، وصلت لحد استحواذها على غالبية تحويلات المصريين في الخارج، والتي تشكل أحد الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي في مصر.

وأشارت كبير الاقتصاديين في بلتون فاينانشيال إلى أن التحرك السريع لأسعار الصرف في السوق الموازي في ذلك الوقت كان يعوق الاستثمارات الأجنبية ويزيد من حالة عدم الثقة في الاستثمار ويزيد من الصعوبات على الشركات في وضع ميزانياتها المستقبلية ودراسات الجدوى الخاصة بها.

ويشار إلى أن أسعار الصرف الرسمية للدولار قبل تحرير سعر الصرف كانت تدور بين مستويات 8.80 جنيه للشراء و9.80 جنيه للبيع، في حين بلغ سعر الدولار في السوق الموازي بين مستويات من 15 إلى 19 جنيهًا.

ولفتت ممدوح إلى أن الأوضاع الاقتصادية قبل التعويم كانت جميعها تشير إلى ضرورة الحاجة إلى توفير مصادر دخل بالعملة الأجنبية،، وهذا ما كان ليأتي دون استعادة ثقة المستثمرين الأجانب، والتي لم تكن تأتي في ظل وجود سعرين للصرف، فضلًا عن التدهور الكبير في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك القطاع المصرفي بالكامل، وهو ما كان يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وتغطية فاتورة الواردات. 

وكان صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصري قد بلغ بالسالب نحو 14 مليار دولار، في حين عاود الارتفاع مرة أخرى بعد تحرير سعر الصرف ليسجل صافي موجب بأكثر من 19 مليار دولار.

وأوضحت أن مصر قبل عام 2016 كانت دولة مستوردة للغاز وذلك قبل اكتشافات حقول الغاز المختلفة، والتي ما كان يتم اكتشافها لولا تحرير سعر الصرف، كما أن تلك الفترة لم يكن هناك سيولة كافية بالعملة الأجنبية لاستيراد حتى المواد الخام اللازمة في عملية الإنتاج والتصنيع، ما كان له أكبر الضرر على الصناعة وتوافر السلع والمنتجات في الأسواق.

ونوهت إلى أن الاحتياطي النقدي كان قد وصل إلى أدنى مستوياته قرب الخط الأحمر الذي يضعه صندوق النقد الدولي للدول النامية، إذ لم يكن يسد احتياجات البلاد الاستيرادية من السلع الاساسية سوى لأقل من 3 أشهر، مقابل 8 أشهر حاليًا بعد تحرير سعر الصرف.

وكان احتياطي مصر من النقد الأجنبي قد هبط لأدنى مستوياته قرب 13 مليار دولار، قبل تحرير سعر الصرف، قبل أن ينطلق في رحلة صعود تاريخية مسجلًا 45.5 مليار دولار بعد تحرير سعر الصرف بأكثر من عامين.

وقالت علاء ممدوح كبير الاقتصاديين في بلتون فاينانشيال، إن القطاع الصناعي بدأ يتعافى بعد تحرير سعر الصرف، وظهر ذلك بشكل كبير خلال 2020، بعد مبادرات البنك المركزي التي أطلقها لدعم الاقتصاد والصناعة، والتي تعد هي أيضًا أحد نتائج تحرير سعر الصرف.

وأضافت أن تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية عادت من جديد إلى السوق المصرية بعد أن هجرتها لأشهر طويلة، خاصة في أدوات الدين التي تمثل قناة مهمة لتدفقات النقد الأجنبي لمصر، وباتت مصر أكثر تنافسية وجاذبية لدى الصناديق الدولية مقارنة بدول أخرى مماثلة في الأسواق الناشئة. 

وكان رصيد الاجانب في أذون الخزانة قد هبط إلى مستوى لم يتجاوز 110 ملايين دولار، قبل أن يتعافى بعد تحرير سعر الصرف ليصل إلى أكثر من 21 مليار دولار حاليًا.

وأشارت ممدوح إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج عادت من جديد لتمر عبر قنواتها الشرعية عن طريق البنوك بعد أن استقطبتها السوق السوداء، لتصل خلال العام المالي 2019- 2020  إلى أعلى مستوياتها تاريخيًا مسجلة نحو 28 مليار دولار، بعدما كانت قد هبطت إلى 18 مليار دولار فقط قبل تحرير سعر الصرف.

ولفتت إلى التحسين الكبير في مؤشرات الاقتصاد الكلية، وتصنيفات مصر الائتمانية سواء السيادية أو القطاعية، ما ساهم في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري وعزز من قدرة مصر على تجاوز الأزمات التي تلت عملية تحرير سعر الصرف ومنها أزمة الأسواق الناشئة والحرب التجارية الأمريكية الصينية في 2018، وأيضًا أزمة كورونا في 2020.

وأوضحت أن تحرير سعر الصرف وما تلاه من تبعات اقتصادية إيجابية مكن الدولة المصرية من إعادة بناء القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهو ما ظهر في المشروعات القومية الكبرى التي غيرت وجه مصر، وساهمت في تدفقات رؤوس أموال ضخمة إلى الاقتصاد ساعدت في تغطية عجز الحساب الجاري.

ونوهت إلى أنه بفضل قرار تحرير سعر الصرف مصر أصبحت من الدول الفريدة أو القليلة التي نجحت في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، وذلك بشهادة المؤسسات الدولية، إذ حافظت على مستوى استقرار سعر العملة وسيطرت على الآثار التضخمية التي نتجت عن تحرير سعر الصرف واستعادت ثقة المستثمرين.

وأشارت إلى أن السوق الدولية باتت تنتظر قيام مصر بأية طروحات للسندات، وهو ما يظهر بشكل ملحوظ في التغطيات الكبيرة التي تشهدها أي عملية تطرح، وهو ما كان ليحدث لولا الثقة في الاقتصاد المصري وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كان أحد أهم ركائزه هو تحرير سعر الصرف، لافتة إلى أن المستثمرين الدوليين يزيدون استثماراتهم في السوق المصرية رغم الانسحاب من الأسواق الناشئة، لأن مصر لم تتأثر بفضل القرارات الاصلاحية وتحرير سعر الصرف.

هل الموضوع مفيد؟
شكرا
اعرف / قارن / اطلب