وليد ناجي: قرار المركزي بتحرير سعر الصرف نقطة الانطلاق للاقتصاد المصري «حوار»
- مبادرات البنك المركزي حققت مردودًا إيجابيًا على الوضع الاقتصادي
- الوضع الاقتصادي شهد نجاحات كبيرة بفضل تنفيذ سياسات الإصلاح
- مصر أعلى الاقتصاديات نموًا على مستوى العالم رغم جائحة كورونا
- كورونا أظهرت مدى قوة الاقتصاد المصري ومقاومته لكل الصدمات
- البنك المركزي نجح في السيطرة على معدلات التضخم
- زيادة رأس مال البنوك يسهم بشكل قوي في زيادة الملاءة المالية
قال وليد ناجي نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري العربي، إن الوضع الاقتصادي المصري شهد استقرارًا كبيرًا بفضل سياسات الإصلاح التي قامت بها مصر، والتي نالت استحسان المؤسسات المالية الدولية بعد قيام الحكومة المصرية بدعم من الرئيس السيسي بتنفيذ البرنامج على مدار الأعوام الماضية، واتخاذ مجموعة من القرارات والمحفزات التي ساهمت بشكل كبير في تحسن المؤشرات الاقتصادية.
وأضاف ناجي في حواره مع «بنكي» أن مبادرات البنك المركزي المصري جديدة وفعالة، إذ وجه البنوك لتمويل قطاعات تعود بالنفع على الوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى أن البنك المركزي مارس دورًا قياديًا وتوجيهيًا للربط بين الجهاز المصرفي والنمو والاستقرار الاقتصادي.. وإلى نص الحوار:
بعد مرور 7 سنوات حكم الرئيس السيسي شهد خلالها الاقتصاد المصري الكثير من التحولات والتطورات.. كيف ترى الوضع الاقتصادي حاليًا؟
شهد الوضع الاقتصادي المصري استقرارًا كبيرًا بفضل سياسات الإصلاح التي قامت بها مصر، والتي نالت استحسان المؤسسات المالية الدولية، بعد قيام الحكومة المصرية بدعم من الرئيس السيسي بتنفيذ البرنامج على مدار الأعوام الماضية، واتخاذ مجموعة من القرارات والمحفزات التي ساهمت بشكل كبير في تحسن المؤشرات الاقتصادية.
ولكن دعنا نتحدث عن الوضع الاقتصادي قبل تولي الرئيس مهام إدارة البلاد، إذ كان الوضع سيئًا للغاية لا سيما في الفترة ما بعد عام 2011، ووصل الوضع الاقتصادي أسوأ ما يكون على مدار 4 سنوات بداية من الوضع الأمني والذي أثر بشكل سلبي على عجلة الإنتاج وكذلك الاقتصاد، لمدة 4 سنوات حتى قيام ثورة 30 يونيو، والتي صححت الأوضاع وسارت بالبلاد على الطريق الصحيح.
الوضع الاقتصادي تأثر سلبيًا على مدار هذه السنوات، خاصة مع توقف الأنشطة الاقتصادية، فضلاً عن غياب الرؤية والتخطيط، وخروج الاستثمارات، وعدم وجود خطط مستقبلية محددة وواضحة، بخلاف نشوب صراع لا يهدف لمصلحة الوطن، الأمر الذي أثر سلبًا على الدولة المصرية، إذ توقفت موارد النقد الأجنبي، وحدث ضغطًا كبيرًا على العملة الأجنبية والدولار.
في 2011 تم وضع الاقتصاد تحت ضغوط كبيرة ما أثر على نظرة دول العالم للاقتصاد المصري وبالتالي على التدفقات النقدية الدولارية خاصة أن أحد أهم العوامل التي تؤثر على موارد النقد الأجنبي مثل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج أو الاستثمارات هو نظرة المستثمر لتلك الدولة ومدى الثقة بها، ما أدى إلى زيادة تدريجية في أسعار العملات الأجنبية وجعل البنك المركزي يتدخل لدعم الجنيه أمام الدولار فتراجع الاحتياطي الأجنبي، الأمر الذي يفسر اتجاه البنك المركزي لتحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016، ويعد هذا القرار هو أهم قرار خلال الفترة السابقة بدعم من الرئيس عبدالفتاح السيسي لمحافظ البنك المركزي طارق عامر، بناءً على خطة تم وضعها من جانب البنك المركزي، وهو قرار جرئ كان في حاجة لإرادة قوية وشخص قوي قادر على تنفيذ كل ما هو مفيد للبلد.
وكان هذا القرار نقطة الانطلاق للاقتصاد المصري وإعادة ضبط الوضع الاقتصادي، وهنا لا بد من الإشارة أولًا إلى أهمية الاستقرار الأمني، والذي نجح الرئيس السيسي في إعادته مرة أخرى لمصر، بعد فترة عانى منها جميع المصريين عقب ثورة يناير، وكانت البلد في حاجة له بشكل ضروري، والاستقرار الأمني أمر مهم للغاية باعتباره ركيزة أساسية لتحسين الوضع الاقتصادي، وهي أول خطوة في مشوار الإصلاح الاقتصادي الذي حققه الرئيس السيسي خلال فترة الـ 7 سنوات منذ بداية حكمه.
وبعد الاستقرار الأمني الذي نجح فيه الرئيس بشكل ممتاز، يأتي الاستقرار النقدي، والذي تحقق بعد قرار تحرير سعر واستقرار سعر الصرف وعودة الثقة في الوضع الاقتصادي المصري، وتسارع وتيرة تحويلات العاملين بالخارج خاصة بعد القضاء على السوق السوداء.
ساهم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في التخفيف من حدة جائحة كورونا.. ماذا كان سيحدث حال التباطؤ في تنفيذ البرنامج؟
رغم أزمة كورونا إلا أن مصر كانت من أعلى الاقتصاديات نموًا على مستوى العالم، ودون شك فإن تحقيق هذه المعدلات ترجع إلى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وكذلك وجود استثمارات قوية واستعدادت تمت خلال السنوات السابقة، ولولا هذه الاستعدادات ما تم تحقيق هذا في ظل جائحة كورونا، ورغم الجائحة إلا أن مصر لم تتأثر بها وحققت معدلات نمو قوية جدًا مقارنة بمعدلات النمو على مستوى العالم.
وأظهرت جائحة كورونا مدى قوة الاقتصاد المصري ومدى تصديه لكل الصدمات ومقاومته لأي من الهزات حتى لو تأثرت بها كل دول العالم، بفضل إجراءات الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته مصر خلال الفترة السابقة وكذلك أسلوب التعامل مع الجائحة صحيًا.
لعب البنك المركزي دورًا كبيرًا في تخطي جائحة كورونا بإصداره عدد من القرارات لتلافي الآثار السلبية لها.. كيف ترى ذلك؟
بالفعل لعب البنك المركزي دورًا كبيرًا في تخطي الجائحة، باصداره حزمة من القرارات التي ساهمت في تخفيف حدة كورونا، ويقوم البنك المركزي بدور المشرع والمراقب للبنوك، إضافة لحماية أموال المودعين، كما يمارس البنك المركزي دورًا جديدًا وفعالًا خلال الفترة الماضية وهو دورًا قياديًا وتوجيهيًا للربط بين الجهاز المصرفي والنمو والاستقرار الاقتصادي.
المركزي كان يلعب هذا الدور من قبل على استحياء، إذ كان يركز على الدور الرقابي والتشريعي والاستقرار النقدي، أما مؤخرًا أكد البنك على دوره التنموي عبر توجيه البنوك وإطلاق المبادرات والتي تنعكس بشكل إيجابي ومباشر على النمو الاقتصادي، ولم نر قبل هذا الدور من قبل البنك، إذ المبادرة الوحيدة التي تم إطلاقها من جانب وزارة المالية وليس البنك، وهي مبادرة "التاكسي الأبيض" بالتعاون مع عدة بنوك، أما في الوقت الحالي فالبنك المركزي هو من يطلق المبادرات ويتابع تنفيذها.
نجح البنك المركزي في تحقيق مستهدفاته من حيث السيطرة على معدلات التضخم.. كيف ترى ذلك؟
لعب البنك المركزي دورًا قويًا في السيطرة على معدلات التضخم، ورغم ارتفاع معدلات التضخم لأعلى معدلاتها في فترات سابقة، إذ تجاوزت حاجز الـ 33% إلا أن البنك المركزي نجح بفضل سياساته المتزنة في السيطرة على التضخم والوصول بمعدلات بلغت 4%، ولا بد هنا من الإشارة إلى أن ارتفاع معدلات التضخم وتسجيله معدلات كبيرة جاء نتيجة طبيعية لما بعد قرار تحرير سعر الصرف، لا سيما وأن قرار تحرير سعر الصرف قرار استراتيجي وليس من السهل اتخاذه، وأرى أن تحرير سعر الصرف تأخر نوعًا ما، وكان يجب إقراره قبل هذا التاريخ.
أطلق البنك المركزي العديد من المبادرات لدعم قطاعات مختلفة لدعم الأنشطة الاقتصادية.. كيف تقيم هذه المبادرات بشكل عام؟
المبادرات كانت أمر جديد وفعال، إذ تم توجيه البنوك لتمويل قطاعات تعود بالنفع على الوضع الاقتصادي وكذلك تحقيق مردود إيجابي غير مباشر، لا سيما وأن هذه المبادرات غير ملزمة للبنوك، بخلاف مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة، وهو ما يتفق مع سياسات البنوك تجنبًا للمخاطر وعدم التركز.
يستعد البنك المركزي المصري للإعلان عن مبادرة جديدة للتمويل العقاري بسعر فائدة 3%.. كيف ترى المبادرة؟
كان من الطبيعي أن تستغرق المبادرة بعض من الوقت لدراسة الأمور والجوانب كافة مع جميع الأطراف، خاصة وأن سعر العائد مناسب للغاية، إذ يصل إلى 3% ولمدة 30 عامًا، وبشكل عام هي مبادرة قوية للغاية تسهم بشكل كبير في توفير الوحدات السكنية لشرائح مختلفة من المواطنين.
والمبادرة وضعت في اعتبارها عدة معايير، أهمها منح المواطنين فترة سداد طويلة تصل لمدة 30 سنة، وهو أمر لم يحدث من قبل أن تصل فترات السداد إلى هذا الحد، الأمر الذي يمنح العملاء مزيد من الارتياحية خلال هذه الفترة، كما أن سعر الفائدة عامل مميز جدًا وهو أقل سعر فائدة على القروض كافة، وأقل من أسعار الفائدة عن كل دول العالم تقريبًا.
ومن جانب آخر، ستعمل المبادرة ستعمل على ازدهار وتنشيط القطاع العقاري بشكل كبير، عبر توفير فرص عمل كبيرة خاصة وأن القطاع العقاري مرتبط به نحو 62 مهنة وحرفة.
ضخت البنوك تمويلات تجاوزت الـ 200 مليار جنيه في مبادرة البنك المركزي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على مدار الـ 4 سنوات الماضية.. هل نجحت المبادرة في تحقيق الأهداف المرجوة منها؟
طالما تم ضخ تمويلات قوية في هذه المبادرة، فهذا يعني أن المبادرة نجحت في تحقيق أهدافها وتوفير فرص عمل للشباب والحد من البطالة وإقامة مشروعات جيدة تعود بالنفع على الاقتصاد وكذلك المستفيدين من هذه المشروعات، وهو ما توضحه أرقام المستفيدين منها وحجم التمويلات.
أطلق المركزي مؤخرًا مبادرة لإحلال وتجديد السيارات بسعر فائدة 3%.. كيف ترى المبادرة؟
هي مبادرة جيدة للغاية ولها أكثر من بعد، فهناك بعد بيئي عبر الاعتماد على الغاز الطبيعي، الأمر الذي يقلل من التلوث، وهناك بعد صناعي عبر دعم المنتج المحلي، وبعد اجتماعي عبر حصول المواطنين على سيارات أفضل، فضلًا عن انعكاس المبادرة بشكل إيجابي على محافظ التجزئة المصرفية للبنوك.
البنك المركزي قرر تمديد الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا.. ما هي أهمية استمرار هذه الخطوات حاليًا برأيك؟
كان من الممكن أن يتجه البنك المركزي لعدم الاستمرار في هذه الإجراءات، لا سيما مع تراجع حدة كورونا إلا أن البنك المركزي فضل الاستمرار في العمل بالاجراءات التيسرية تسهيلاً على العملاء وللتحفيف عن المواطنين، وهناك عدة أسباب دعمت البنك المركزي للاستمرار بتلك الإجراءات لعل أهمها أن البنوك ما زلت تحقق أرباح قوية ومرتفعة، والمركزي غير قلق على أرباح البنوك، وكذلك قيام البنك المركزي بالتشجيع على تعزيز الشمول المالي والتحول الرقمي، فضلاً عن وجود كورونا، وهو الأمر الذي يدعم استمرار هذه الإجراءات.
ألزم قانون البنك المركزي الجديد البنوك برفع رأسمالها لـ 5 مليارات جنيه.. كيف ترى الخطوة ومدى تأثيرها على البنوك الأقل في رأس المال؟
البنك المركزي أرسل للبنوك لزيادة رأس المال وبدأت البنوك في إعداد الخطة لتتواكب مع القانون الجديد، وهناك بعض البنوك ستعتمد على المساهمين في ضخ سيولة والوصول للنسب المقررة من جانب البنك المركزي وفقًا للقانون الجديد، وهناك بنوك ستتجه للطرح في البورصة، وبنوك أخرى ستتجه للاندماج، وبنوك ستتجه لتحويل جزء من الأرباح المحتجزة لزيادة رأس المال.
وهذا الاتجاه سيعود بالنفع على القطاع المصرفي مع تراجع عدد البنوك، لا سيما وأن الاتجاه العالمي بالنسبة للبنوك هو الاندماجات، إذ تتراجع أعداد البنوك في كل دول العالم، ولدينا بنوك ليست قوية وهي في حاجة للتطوير، فضلاً عن ضرورة العمل على إعادة هيكلة البنوك والقطاع المصرفي.
وزيادة رؤوس أموال البنوك في السوق المصرفية يسهم بشكل قوي في زيادة الملاءة المالية للبنوك، وزيادة قدرتها في مواجهة الصدمات، فضلاً عن اختفاء البنوك الصغيرة التي ليس لها ثقل في السوق.
نجح البنك المركزي في الحفاظ على قوة الاحتياطي الأجنبي رغم تراجع موارد النقد الأجنبي.. ما هي توقعاتك للاحتياطي بنهاية 2021؟
تعامل البنك المركزي بشكل جيد في ملف الاحتياطي الأجنبي محافظًا على قوته رغم شبه توقف موارد النقد الأجنبي، وعلى رأسها موارد قطاع السياحة والصادرات الأكثر تاثرًا، وأتوقع أن يستمر الاحتياطي الأجنبي في هذه الحدود بنهاية 2021.
يتبنى البنك المركزي سياسة قوية لتطبيق التحول الرقمي.. ما هو دور بنوك القطاع المصرفي في تطبيقه؟ وهل هي قادرة على التطبيق من حيث الإمكانيات والبنية التكنولوجية؟
البنوك تسعى في الأساس للتحول الرقمي، وهو ما يفسر اهتمام البنوك بهذا الاتجاه، وكذلك فهو مهم للغاية بالنسبة للعملاء عبر الحصول على خدمات مصرفية إلكترونية دون تعب أو عناء وبشكل سريع ومرضي.
والتحول الرقمي دون شكل فهو أمر غاية في الأهمية للبنوك والعملاء، وتوجه البنك المركزي نحو التحول الرقمي تواكب مع رغبة البنوك في التوسع ناحية هذا الاتجاه، إلا أن الأمر مرتبط بمدى استعدادية البنوك لهذا الأمر، إذ تختلف من بنك لآخر، ويتوقف الأمر على إمكانية البنوك واستثمارها في البنية التكنولوجية.
شهد سعر صرف الدولار حالة من شبه الاستقرار.. ما هي الأسباب وراء ذلك، وما هي توقعاتك بنهاية 2021؟
هناك مجموعة من العوامل سواء كانت هذه عوامل داخلية أو خارجية، تلعب دورًا أساسيًا في تحديد سعر صرف الدولار، ولهذا من الصعب التوقع بسعر صرف الدولار، إلا أنه بشكل عام أتوقع استقرار سعر صرف الدولار تماشيًا مع استقرار الوضع الاقتصادي، ويمكن القول بأن سعر صرف الدولار هو انعكاس لمستوى أداء الاقتصاد واستقرار سعر صرف الدولار يرجع إلى استقرار الوضع الاقتصادي.
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي تثبيت أسعار العائد في آخر اجتماع لها.. ما هي توقعاتك لسعر الفائدة بنهاية 2021؟
أرى أن البنك المركزي لن يحرك أسعار الفائدة حتى نهاية 2021 حال عدم وجود أي من المتغيرات التي تدفع البنك المركزي لتغيير أسعار العائد، خاصة وأن الوضع الحالي مستقر ولا يوجد ما يستدعي تحريك الأسعار بالتزامن مع نجاح البنك المركزي في السيطرة على معدلات التضخم.