مراكز الابتكار العالمية ودفع النمو في قطاع الخدمات المالية والتأمين BFSI
شهد قطاع الخدمات المالية والتأمين في مصر تحولاً قوياً في السنوات الأخيرة، ولمواكبة التطورات العالمية يحتاج القطاع إلى التطور والتكيف بسرعة، والتغلب على مجموعة من التحديات.
وبعيداً عن التحديات التي يغلب عليها الطابع التنظيمي، هناك مجالات عديدة يمكن لقطاع الخدمات المالية والتأمين التركيز عليها على الفورللوصول إلي نتائج ملموسة.
أولها ضرورة وجود قوة عاملة ماهرة ومدربة جيدًا يمكنها مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة حيث يتطلب سد هذه الفجوة استثمارات كبيرة في التعليم والتدريب لإنشاء جمع متميز من المواهب قادر على دعم نمو القطاع.
ثانيًا، لمواكبة التغيرات على الساحة، يحتاج القطاع إلى اعتماد تقنيات جديدة تتيح تجارب أفضل للعملاء هذا إلى جانب الكفاءة التشغيلية والقدرة على الابتكار، إلا إن زيادة اعتماد الخدمات المصرفية على التكنولوجيا سيؤدي إلى إزدياد خطر التهديدات السيبرانية، ما يجعل القطاعبحاجة إلى الاستثمار في تدابير الأمن السيبراني لحماية البيانات الحساسة ومنع الاحتيال.
ثالثاً، يمكن أن توفر مراكز الابتكار العالمية Global Innovation Centers (GICs)، والتي يشار إليها مؤخرًا باسم مراكز القدرة العالمية، دعمًا كبيرًا لقطاع الخدمات المالية والتأمين (BFSI) وهي تعد إحدى طرق التغلب على هذه التحديات المباشرة التي تواجه القطاع
وتعد مراكز الابتكار العالمية هي مؤسسات عابرة للحدود تعمل على تقديم خدمات فعالة من حيث التكلفة والجودة العالية والأنشطة ذات القيمة المضافة للشركات في مختلف الصناعات. هذا وقد نجحت مراكز الابتكار العالمية في تحويل نماذج وأنظمة عمل الشركات وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات النمو التنظيمي.
وعالميا، أصبحت مراكز الابتكار العالمية الآن جزءًا أساسيًا من رحلة التحول الرقمي لقطاع الخدمات المالية والتأمين (BFSI)، مما يساعد على تعزيز تجربة العملاء، وتمكين الكفاءات التشغيلية ودعم الابتكار.
وتمتلك مراكز الابتكار العالمية قدرة التأثير على قطاع الخدمات المالية والتأمين في مصر، حيث يمكنها دعم النهوض بالقطاع وتعزيزه من خلال تعظيم الاستفادة من كوادر الدولة الشابة معتدلة التكلفة والمتنوعة، لذلكيجب على القطاع التركيز على جذب أفضل الكوادر وتطويرها بإتاحةالفرص لهم، بالإضافة لرفع مهاراتهم من خلال التدريب على التقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (AI)، وتعلم الآلة Machine Learning (ML)، والبلوك تشين Block chain، وتحليل البيانات، ومعالجة اللغات الطبيعية Natural Language Processing (NLP)، وغيرها من التقنيات المتطورة بهدف توسيع دائرة الكفاءات المحلية. وحتى إذا لم تفِ الكوادر المحلية باحتياجات القطاع، فإن مراكز الابتكار العالمية تسمح أيضًا للشركات بجذب الكوادر الكفؤ من مختلف أنحاء العالم، مما يمكنهم من المنافسة على الكوادر المؤهلة عالميًا.
ويتطلب نجاح مراكز الابتكار العالمية في مصر التركيز على التحول السريع في مبادرات الموارد البشرية (HR) وتبني أفضل الممارسات العالمية التي تجعلها على قدم المساواة مع مراكز الابتكار العالمية في الأسواق الأكثر تقدمًا مثل الهند.
ويعد تحول الموارد البشرية عاملاً رئيسيًا في نجاح مراكز الابتكار العالمية، حيث يتضمن تحديد المواهب وتوظيفها وتدريبها وإعادة صقلها لتلبية الاحتياجات المتطورة لقطاع الخدمات المالية والتأمين، وبالاستفادة من مجموعات المواهب المحلية المتنوعة، يمكن لمراكز الابتكار العالمية التأكد من أن القوى العاملة لديها تمثل المجتمعات التي تخدمها، حيث يتيح هذا التنوع طرح وجهات نظر وأفكار وابتكارات جديدة، وعلى سبيل المثال، يمكن للبنك الذي يوظف المزيد من الإناث أو الأشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة لفهم احتياجات قاعدة عملائه المتنوعة بشكل أفضل.
الذكاء العاطفي وبيئة العمل
فإلى جانب التنوع بين الجنسين، أصبح الذكاء العاطفي Emotional Intelligence (EI) عاملاً حيويًا في خلق ثقافة عمل إيجابية وتحسين مشاركة الموظفين، حيث تعمل أيضا مراكز الابتكار العالمية على خلق المزيد من التعاطف مع موظفيها، بهدف تحسين رضاهم الوظيفي بشكل عام وتقليل معدل الدوران الوظيفي وذلك من خلال إعطاء الأولوية للذكاء العاطفي، الذي يٌمكًن مراكز الابتكار العالمية من بناء فريق عمل منتج وسعيد.
جانب آخر مهم لمراكز الابتكار العالمية هو اعتماد أفضل التقنيات التي تتيح مرونة العمل لتحسين الإنتاجية، حيث إنه مع استمرار تحول العمل عن بٌعد إلى حقيقة واقعة للعديد من الشركات، استثمرت مراكز الابتكار العالمية مثل شبكة المشرق العالمية، وهي شركة تابعة لبنك المشرق الإماراتي، استثمرت في التكنولوجيا التي تسمح للموظفين بالعمل من المنزل أو عن بُعد، حيث أدت هذه المرونة إلى تحسين رضا الموظفين وتقليل معدل دوران الموظفين وتحسين الإنتاجية.
في الختام، أؤكد أن دور مراكز الابتكار العالمية تطور بشكل كبير على مدار السنوات الماضية، لتقوم بدور رائد في تحول كبرى المؤسسات، بما في ذلك المؤسسات في قطاع الخدمات المالية والتأمين .
وبالنظر إلى موقع مصر وحجم تجمع المواهب بها، تستضيف البلاد بالفعل عددًا من مراكز الابتكار العالمية للشركات متعددة الجنسيات الرائدة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبالرغم من ذلك، فلا يزال المفهوم جديدًا إلى حد ما في قطاع الخدمات المالية والتأمين، لذا فإن استقدامأفضل الممارسات العالمية هو أمر ضروري لوضعها على قدم المساواة معمراكز الابتكار العالمية الأخرى، مما يمكنها من دعم متطلبات هذا القطاع، وإطلاق العنان لإمكاناته الكاملة ليصبح محركًا حيويًا للنمو الاقتصادي في البلاد.
